مع العد العكسي المتسارع لاستحقاق 15 أيّار، تبرز الحاجة المتعاظمة للمواقف الصريحة الحاسمة، وفكّ عقدة الألسنة، ووقف علك الكلام والمواربة والمحاذرة في إعلان الوقائع والحقائق.
فهذا الاستحقاق قد يُشبه سابقيه بالشكل والوسائل والترويج والحملات والإعلانات والتصريحات، لكنّه ينفرد بالهدف الوطني المركزي التأسيسي الفاصل بين اللادولة والدولة، ولا يترك أي مساحة رمادية بين الاثنتين، يلعب فيها هواة شعارات “الوسطية” و”التسوية” و”الاعتدال”، وكأنّ السلاح يفهم لغة الاعتدال والحوار و”التفهّم والتفاهم”.
تحت هذه الشعارات الخادعة انزلق لبنان إلى جحيم الانحلال والانهيار، وكان أخطرها شعار “ربط النزاع” مع سلاح “حزب اللّه” بحجة الخوف من الحرب الأهلية، وكأنّ الحرب الأهلية نتيجة طبيعية للمطالبة بقيام الدولة وحصرية حقها الشرعي في امتلاك القوة، فيما المنطق الوطني الدستوري الدولتي السليم يفرض وحدانية السلاح ومرجعية قراره، كشرطَين لازمَين وضروريَّين لمنع أي فتنة أو نزاع أهلي.
أليس هذا ما حصل حين تمكّن الجيش اللبناني من وأد غزوة الطيّونة عين الرمّانة، وقبلها في خلدة وشويّا؟
لذلك، تأخذ الانتخابات الوشيكة (إذا لم يستخدم المتضررون منها وسائل تخريبها) عنوانها السياسي الوطني التكويني: التصدّي للسلاح غير الشرعي، وتصبح العناوين الأخرى فروعاً للأصل، بما فيها من إصلاح ومعالجات مالية واقتصادية ومعيشية.
ولا تستقيم هنا معادلة انتقاد السلاح غير الشرعي والتحالف معه، أو مع ملحقاته، في الوقت نفسه.
وفي هذا السياق كان فاقعاً تصريح ميشال عون في بكركي صبيحة عيد الفصح، حين تفادى تسمية الجهة التي تشلّ التحقيق في تفجير المرفأ بحجّة أن الصحافيين يعرفونها!
وقد يهون تكتّمه عن تسمية “الثنائي الشيعي” الذي عطّل الحكومة لفترة ولا يزال يعطّل القضاء، أمام إقدامه مع وريثه على التحالف مع المعطّل نفسه.
وهنا، يبدو شعار “ربط النزاع” مع السلاح أقل ضرراً من شعار التحالف معه، وإن كانا يلتقيان على النتيجة نفسها، الأول بالسكوت والثاني بالتواطؤ.
وليس خافياً أن الانتخابات تتجه أكثر فأكثر نحو غايتها السيادية المحورية في مواجهة الربطَين: ربط النزاع وربط الذراع. والواضح أن الأولوية هي لربط أذرع “حزب اللّه” المتغلغلة خارج بيئته، فيُصبح سقوط “ربط النزاع” تلقائياً وبمثابة تحصيل الحاصل.
نعم، إنّ الأولوية المطلقة هي لتطويق امتدادات السلاح غير الشرعي القابض على عنق الدولة، تمهيداً لشلّها، وهي مسؤولية القوى السيادية التي دعا البطريرك الراعي إلى انتخابها بلا تردد، وبالفم الملآن.
فلا الصمت عن السلاح، ولا التحالف معه، يُنقذان لبنان واللبنانيين، ويستعيدان سيادة الشعب والدولة.
وقد آن أوان المواجهة بسلاح القول والموقف…
والصوت في صندوق القرار.