لا تشبه معراب أي مكان آخر. هذه أيام عمل، أيام بناء الدولة والوطن. هنا كل شيء يبدو مختلفاً. روح النضال تطغى على ما عداها، جهوزية تامة، حضور قواتي لافت، متابعات دقيقة، و”الشغل، صنع قوات”. في إحدى القاعات الرئيسية، تصاعد هدير الماكينة الانتخابية المركزية للحزب، فأدارت كل محركاتها على امتداد لبنان والانتشار لمواكبة سير العملية الانتخابية يومي الجمعة والأحد، لاقتراع المغتربين. نسي الشباب الليل والنهار، فتلازم الوقت من الخميس حتى بعد ظهر الإثنين وجلس مع اللابتوبات يراقب الشاشات ويرصد كيف تدور حركة الأرض، وكيف تتحرك “القوات”.
لم يكن التنظيم أمراً جديداً على القواتيين، لكن أصداءه التي وصلت الى الخارج، فعلت فعلها. كلّ واحد في المكان المخصص له. هنا غرفة الـuser support ومركز الاتصالات. على بعد خطوات الفريق القانوني، وليس بعيداً منه، فريق إدخال المعلومات”، وآخر للتواصل مع المناطق. حضور قوي للأمانة المساعدة لشؤون الانتشار التي تتبادل والماكينة الانتخابية المعلومات والأفكار، والإعلام الخاص والحزبي يتنقل بين الجميع منضبطاً حتى لا يخرق الصمت الانتخابي. ذهول إعلامي من حجم العمل؟ نعم هو كذلك، لأن “القوات كان بدا ماكينة انتخابية ناجحة، وأكيد فيا”.
الأمين العام لحزب القوات اللبنانية غسان يارد، يجول بين الشباب والصبايا مستطلعاً. المشرف على الانتخابات في الحزب وسام راجي في صخب هادئ يتابع التفاصيل ويحرص على الا يتم خرق الصمت الانتخابي، “ما بدنا نخالف القانون”. رئيس جهاز الانتخابات في الحزب نديم يزبك، واثق الخطى يُطمئن الرفاق هنا، ويوجّه باحترافية تامة الرفاق هناك. وصلت مديرة المكتب الإعلامي لرئيس “القوات” أنطوانيت جعجع الى القاعة. “شو جايي الحكيم”؟ تبتسم وتتنقل بين الإعلاميين لتتأكد من أن “كل شي على ذوقكن”، واضعة بعض لمساتها الإعلامية.
يسأل الفريق التقني مسؤولي الانتشار عبر Zoom، “جاهزين”؟ فيدخل رئيس حزب القوات سمير جعجع للاطلاع على سير العملية الانتخابية والوقوف من “الشباب” على آخر التطورات.
يراقب الشاشات، “ليك ما أحلاهن بتركيا”، ويسأل قواتيي دبي، “حدا معصّب من الشباب؟”، ثم يتوجه إلى الجميع، “صحيح أنو يللي عم نشوفو بيكبّر القلب”. يخرج الحكيم وتعود الماكينة الانتخابية خلية نحل تغلي، تتابع وتواكب لإنجاح العرس الديمقراطي.
لا يخفي الأمين العام غسان يارد ما كان يتردد عن أن القوات اللبنانية بدأت الإعداد لانتخابات العام 2022، بعد نتائج الـ2018 مباشرة. “عملنا على التقسيمات الإدارية، والتصنيف وكيفية الاتصال بالمحازبين وهوية من في جوّنا السياسي، وأول تجربة لنا في هذه الانتخابات بدأت في الاغتراب”. يبدي تفاؤله للتعاطف مع الطروحات السياسية للقوات اللبنانية ويتوقع أن ينسحب التنظيم في انتخابات المغتربين على الأحد المقبل، مشيراً الى أن غرفة العمليات المركزية ستواكب المناطق، كي يتمكن الناخبون من الوصول الى صناديق الاقتراع والتصويت بسهولة.
المشرف على الانتخابات وسام راجي يشرح كيف واكبت الماكينة الانتخابية المركزية اقتراع الانتشار، في الدول الخليجية كما في القارات الأخرى. “تواصلنا مع مندوبينا للاطلاع على من صوّت من البلوك الحزبي، ومطابقة المعلومات مع المناطق، فأتت النتائج النهاية مقبولة. الجمعة كما الأحد، لم تتغير طريقة العمل، نُدخل المعلومات الى البرنامج، وعلى هذا الأساس نتواصل مع القواتيين في الانتشار ومع مراكزنا في المناطق”. يكشف عن أن توقعات الماكينة الانتخابية القواتية أتت قريبة جداً من الأرقام التي صدرت رسمياً، متوقعاً أن يفرض الجو السياسي العام القائم معادلة جديدة غير متوقعة لا بالأرقام ولا بالإحصاءات.
يرفض الحديث عن تحضيرات الأحد، لكنه يَعِدُ بمفاجأة على مستوى الماكينة الانتخابية في إظهار النتائج وطريقة عرضها.
رئيس جهاز الانتخابات نديم يزبك راضٍ عن الاستراتيجية التي وضعها الجهاز منذ أربع سنوات والتي وصلت الى خواتيمها بعدما طُبّق التصور الموضوع. “مواكبة اقتراع المنتشرين والأرقام التي وصلتنا مكّنتنا من متابعة الكتلة الحزبية الإغترابية، ومطابقتها مع المناطق في الداخل، وسنستفيد الأحد المقبل من هذه الخبرة لتحقيق النتائج المرجوة”.
يوضح كيفية عمل أقسام الماكينة من الـUser support الذي يتلقى المشاكل التقنية الى الـCall center والاتصالات التي يجريها مع المراكز في لبنان والخارج، لحثّ الناخبين الحزبين الذين لم يدلوا بأصواتهم على الاقتراع. “يوم الأحد سنواكب كلياً ناخبي لبنان، بالطريقة نفسها التي عملنا فيها مع المغتربين”، أما الدائرة القانونية، تعالج المخالفات التي تسجل من قبل المندوبين لمتابعتها.
الأمين المساعد لشؤون الانتشار مارون سويدي، يلفت الى أن التحضيرات بدأت منذ أكثر من 3 أشهر لناحية تسجيل المقترعين وشرح قانون الانتخاب وإعداد المندوبين وتأمين وكالاتهم. يبدي رضاه عن أعداد المسجلين التي باتت ثلاثة أضعاف عما كانت عليه في انتخابات العام 2018، لكنه لا يُخفي العرقلة التي واجهتهم فيما يخص أوراق المسجلين لعدم تجاوب القنصليات والسفارات مع تجديد جوازات السفر، مشيراً الى أن الأمانة المساعدة لشؤون الانتشار أعدت حوالى 1400 مندوب وأمنت لهم وكالاتهم، على الرغم من كل الصعوبات.
“في سدني، وبعزم شباب القوات، ذُللت المشكلة المتعلقة بتقسيم الأقضية، بالوصول الى نسبة الاقتراع التي سجلت في العام 2018، لكن العرقلة التي تعرّض لها المقترون في دبي المُسجل فيها 20 ألف مقترع، والذين اقترعوا في مركز واحد داخل القنصلية اللبنانية، صعّب العملية وجعل اللبنانيين ينتظرون في طابور الكيلومتر والنصف لساعات تحت أشعة الشمس”.
هذا لوجستياً وتنظيمياً، أما إعلامياً، فتشير مديرة المكتب الإعلامي لرئيس “القوات” أنطوانيت جعجع الى أنه ما إن تم الإعلان عن انطلاق المعركة الانتخابية، حتى باشر المكتب الاعلامي بتأمين التغطية الاعلامية والمهرجانات الانتخابية للمرشحين إضافة الى نشاط رئيس الحزب، بمهنية عالية. “كنا حريصين على الإضاءة على الماكينة الانتخابية للقوات اللبنانية التي كانت ثمرة تعب سنوات، وهي تقدم اليوم أفضل النماذج الحرفية، لكن الصمت الإعلامي الذي نلتزم به إيماناً منا بضرورة تطبيق القانون، عرقل العمل الإعلامي بعض الشيء”.
“أسماء المرشحين، أرقام هواتفهم، المسؤولين الإعلاميين ومسؤولي الماكينات الانتخابية لدى كل مرشح، ستكون بحوزة وسائل الإعلام مطلع هذا الاسبوع، والأحد 15 أيار، ستتواجد وسائل الإعلام في معراب للمشاركة بمتابعة سير العملية الانتخابية من أرقام ماكيناتنا الانتخابية التي ستكون لكل لبنان”.
انتهت الجولة الانتخابية الأولى في معراب بنجاح. لم يكن يوما اقتراع المنتشرين عادياً، هنا صنعت “القوات اللبنانية” كل الفرق بماكينتها الانتخابية المنظمة، ومن هنا صدرت أدق المعلومات والأرقام، ومن هنا ستواكب تلك الماكينة يوم 15 من أيار، فلا تنسوا أن “معكن فينا وبدنا”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية.