رصد فريق موقع “القوات”
دقّة ساعة الحقيقة، أيها اللبنانيون مصير بلدكم بأيديكم، لم يعد ينفع “النق” بعد 15 أيار، فلتكن اصواتكم حاسمة نحو بناء دولة طال انتظارها، دولة سيادية ومستقلة وحرة، يحكمها القانون، وسلاحها الوحيد بيد الجيش اللبناني، دولة تشبه حلم الرئيس الشهيد بشير الجميّل، دولة تليق بشهداء ثورة الأرز، دولة تمسح دموع أهالي ضحايا تفجير المرفأ، دولة لبنان الأرز باقتصاد مزدهر وبأمن مستقر، دولة لا يتسول شعبها الدواء، ولا يقف في طوابير الذل بحثاً عن الرغيف والبنزين.
غداً، نتجه إلى صناديق الاقتراع لنستعيد أصواتنا التي سرقوها وباعوها وساوموا عليها مقابل تغطية السلاح غير الشرعي. غداً تتحدد وجهة لبنان المقبلة وأي لبنان نريد، لبنان طهران، أو لبنان الكيان.
وما ينتظر لبنان ما بعد الانتخابات النيابية حاسم، إذ نقلت مصادر اقتصادية مسؤولة عن مستويات مالية دولية ترى «انّ باب الانقاذ امام لبنان لا يزال مفتوحاً».
وأبلغت المصادر الى «الجمهورية» انّ مسؤولا كبيرا في مؤسسة مالية دولية تحدث قبل ايام قليلة عمّا سمّاها «فرصا جدّية امام لبنان لإغلاق باب ازمته، ننصح اللبنانيين بالتقاطها، والمؤسسات المالية الدولية ستكون الى جانبه، وجاهزة لتوفير ما يمكنه من تخطي المصاعب التي يعانيها، والتخفيف على اللبنانيين».
ولفتت المصادر، وفق ما سمعته من المسؤول المالي الدولي، الى «ان كل ذلك رهن باتّباع الادارة السياسية الجديدة للبنان التي ستحددها الانتخابات النيابية، برنامج العلاج الالزامي للازمة في لبنان، والذي يقوم على سلسلة من الخطوات الملحة:
اولاً، تشكل حكومة لبنانية جديدة توحي بالثقة للمجتمع الدولي.
ثانياً، تطوير النظرة الدولية تجاه لبنان، التي تنحصر حالياً بالوقوف الى جانب الشعب اللبناني وتقديم ما يمكنه من الصمود في وجه الازمة، بمعزل عن السلطة، وهذا التطوير عماده مبادرة السلطة السياسية الى إثبات صدقيتها في استعادة الثقة الدولية بها، والشروع فوراً بالايفاء بالالتزامات الاصلاحية في شتى المجالات، وفي طليعتها مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين وتطهير الادارة وإبعادهم عن مواقع المسؤولية والقرار.
ثالثاً، التعجيل في إنجاز متطلّبات برنامج التعاون مع صندوق النقد الدولي، وتنفيذ التزامات الحكومة اللبنانية في هذا المجال، لا سيما لناحية البَت النهائي في خطة التعافي والنهوض والاقتصادي، وكذلك لناحية إقرار مجموعة القوانين التي تشكل مرتكزات برنامج التعاون مع صندوق النقد الدولي، خصوصاً قانون الكابيتال كونترول، وكذلك قانون رفع السرية المصرفية، وصولاً الى تحرير سعر الصرف واعادة النظر في وضع الادارة، وصولاً الى اعادة هيكلة القطاع المصرفي والاهم من كل ذلك إقرار موازنة عامة تراعي متطلبات التغيير والاصلاح، وليس موازنة رقمية على ما وصفت به الموازنة العامة التي وضعتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
والجدير ذكره في هذا السياق انّ المستويات المالية الدولية تستغرب التباطؤ في إقرار الكابيتال كونترول، وفي الوقت نفسه لا تماشي اي توجّه من الداخل اللبناني لتحميل المودعين آثار الازمة وعبء معالجتها.
رابعاً، انّ الحكومة اللبنانية الجديدة مطالَبة بتقديم التطمينات لكل اصدقاء لبنان في الخارج، وجَذبهم اكثر في اتجاه توفير المساعدات للبنان. وتلفت المصادر في هذا السياق الى انّ الصندوق الفرنسي السعودي، الذي أنشىء اخيراً، قابِل لأن يتطوّر اكثر ويصبح اكثر شمولية اذا ما أحسنت الحكومة اللبنانية الجديدة إدارة لبنان على نحوٍ مُغاير لما كان سائدا في الفترة السابقة. والسبيل الى ذلك مُحدّد بخطوات وتدابير اصلاحية لا بد من ان تسارع اليها، وخصوصاً ما يتعلق بتعيينات الهيئات الناظمة سواء لقطاع الاتصالات او الطيران المدني او الكهرباء. وهذا الاخير، اي قطاع الكهرباء، بات من الضروري والملحّ جداً ان يُصار الى وضعه على سكة العلاج الحقيقي عبر تطبيق القوانين ذات الصلة، وخطة عاجلة تعوّض «الافلاس الكهربائي» الذي يعانيه لبنان منذ فترة طويلة، وتُخرج هذا الملف من كونه احد اكثر المصادر نزفاً وهدراً. ويُضاف الى ذلك إرسال صورة واضحة واكيدة عن قضاء لبناني نزيه ومستقل وموثوق بعيداً عن التسييس والمداخلات فيه من هذا الجانب السياسي او ذاك، وفقاً لـ”الجمهورية”.
بدورها، رأت مصادر سياسية ان لبنان سيمر بمرحلة انتقالية فاصلة بين الانتخابات النيابية والانتخابات الرئاسية، وصفتها بالمرحلة شديدة الحساسية والخطورة، وتتطلب التعاطي معها بمسؤولية كبيرة وعدم تهور، لكي لا تؤدي الى انزلاق البلد الى وضع متوتر وفوضوي، في ظل تردي الأوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية. وقالت ان توظيف نتائج الانتخابات النيابية في غير الاتجاه الوطني الصحيح، مهما كانت هذه النتائج، ومحاولة الزج بلبنان، بالصراعات والمصالح الإقليمية والدولية، ستكون له تداعيات ونتائج خطيرة يصعب التكهن بما ستؤول اليه.
وأشارت المصادر عبر “اللواء”، الى نصائح دولية اسديت من اكثر من جهة، تشدد على تخفيف حدة الخطاب السياسي وحملات التراشق بالاتهامات، وان كانت المناسبة لتحفيز الناس وحثهم على الانتخاب، لهذه الجهة او تلك، الا انه لا بد مع انتهاء اجراء الانتخابات، المبادرة فورا من كل الاطراف المعنيين بالعملية السياسية، الى الاحتكام لنتائج الانتخابات، والانخراط فيها، استنادا للدستور والقوانين، محذرة من جنوح البعض، لممارسة الاستقواء من حملة السلاح غير الشرعي، او أصحاب النفوذ السلطوي من أي تصرفات او ممارسات، خارج اللعبة السياسية، من شأنها ان تدفع لبنان الى مزيد من التدهور والفوضى، والتي لن تكون في صالح احد.
وأشارت المصادر إلى ان الجهات الدولية نفسها، شددت على ضرورة تسريع تشكيل حكومة جديدة ،وتجنب هدر الوقت سدى بالتعطيل القسري تحقيقا لمكاسب سياسية ضيقة وتسريع الخطى لأجراء الانتخابات الرئاسية بموعدها الدستوري، تفاديا لتفاقم الانقسام الداخلي وحدوث فراغ رئاسي، يزيد من حالة التوتر السياسي والشلل في باقي مؤسسات الدولة، وحذرت بأن اي عرقلة او تعطيل متعمد كالذي حصل سابقا، سيؤدي حتما الى تفاقم الاوضاع المالية والاقتصادية والمعيشية الصعبة، ويعطل الجهود المبذولة مع المؤسسات الدولية والدول الصديقة، لمساعدة لبنان واخراجه من محنته وازماته.
أما العهد البائس، فشارف على النهاية، إذ يُفترض أن تحال حكومة الرئيس نجيب ميقاتي على «التقاعد»، وتتحول تلقائياً إلى حكومة تصريف أعمال مع إجراء الانتخابات النيابية، غداً الأحد، وانتهاء ولاية البرلمان الحالي في 21 أيار المقبل، وإنجاز مراسم وداعها في جلسة لمجلس الوزراء تُعقد الخميس المقبل، ما يفتح الباب أمام السؤال عن الخطوة السياسية التي تلي انعقادها والمتعلقة بدعوة الرئيس ميشال عون النواب لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة العتيدة.
فرئيس الجمهورية لا يملك الخيار الذي يتيح له الالتفاف على توجيه الدعوة لإجراء الاستشارات النيابية، لأنه سيدخل في مواجهة مع البرلمان المُنتخب تؤدي إلى حشره في الزاوية، ولن يكون في وسعه أن يبتدع الذرائع لتبرير تريثه بعدم الدعوة، بصرف النظر عن ميزان القوى الذي سينبثق عن الانتخابات التي يمكن أن تحمل مفاجآت قد لا تبدل من حصول محور الممانعة بقيادة «حزب الله»، كما تقول مصادره، على أكثرية نيابية مريحة في ضوء ما يتردد بأن الحزب يتمتع بفائض القوة الذي يسمح له بتعويم حليفه «التيار الوطني الحر» بمنحه «هبة» نيابية هي كناية عن عدد من المقاعد في الدوائر الانتخابية حيث الغلبة للصوت الشيعي.
لذلك فإن عون سيدعو لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لكنه سيحتفظ لنفسه بالإفراج عن تشكيل الحكومة ما لم تأتِ التركيبة كما يريدها باسيل، وإن كان فريقه السياسي يفضل التريث ريثما يتمكن من ربط التكليف بعملية التأليف لئلا يُتهم بأنه يقدم التفاهم على التركيبة الوزارية قبل شروع عون بتحديد موعد للاستشارات. فعون بدعوته لإجراء الاستشارات يكون قد تفادى الإحراج محلياً ودولياً ليطلق لاحقاً يد باسيل لزرع العبوات التي تعيق ولادة الحكومة ما لم تكن له اليد الطولى بتسمية الوزراء المسيحيين، بذريعة أن المعارضة المسيحية لن تشارك فيها وإلا يبقى الخيار الوحيد التمديد لحكومة تصريف الأعمال، وفقاً لـ”الشرق الأوسط”.