خلطت الانتخابات النيابية أوراق الأكثرية في لبنان، لتثبت أن كل عقيدة منغلقة وأحزاب أحادية تفقد شرعيتها في البرلمان، ويأفل نجمها كما الحزب القومي السوري الاجتماعي وأزلام حزب البعث بينهم حزب التوحيد العربي والحزب الديمقراطي اللبناني، كون المرحلة الحديثة والمقبلة لم تعد قابلة لهم في عقيدتهم والذين يريدون أن يتخطوا الحدود الوطنية.
وبات لافتاً انهيار هذه الأحزاب في لبنان، على الرغم من اعتبار نفسها عابرة للحدود اللبنانية والسورية والفلسطينية والعراقية، مع خسارة 5 من حلفاء حزب الله، و4 منهم رموز التحالف مع النظام السوري، وهم نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي في البقاع الغربي ـ راشيا، على الرغم من التذرع بوصول صندوق اقتراع للبنانيين المقيمين في سوريا، ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان الذي احتل المقعد الكاثوليكي في حاصبيا منذ العام 1992، بالإضافة إلى سقوط النظام السوري الإيراني عن “العرش الدرزي” في عاليه مع خسارة رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب، ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان، ناهيك عن خسارة رئيس تيار الكرامة فيصل كرامي في طرابلس.
وفي السياق، يؤكد المحلل الكاتب السياسي الياس الزغبي، لموقع القوات اللبنانية، أنه “انطلاقاً من التجربة السوفياتية، حتى الذين يعوّمون هذه الأحزاب داخل الدول العربية، كإيران وحزب الله والنظام السوري يتجهون إلى الانقراض، فكيف بالأحرى أذرع هذه القوى وأتباعها وملحقاتها؟”.
ويوضح الزغبي أن “الدليل الأبرز لنفور الرأي اللبناني بشكل عام من كل رواسب نظام الاحتلال السوري في لبنان ووكيله الذي يتولى الاحتلال الداخلي، أي فريق الممانعة المتمثّل بحزب الله، هو السقوط القوي للقومي السوري، إذ اعتاد النظام السوري والحزب أن يمنحاه 3 مقاعد، بين بعلبك ـ الهرمل وحاصبيا ـ مرجعيون والكورة، لكنه لم يستطع في هذه الانتخابات تأمين أي حاصل له”.
ويشير الى أن “حزب الله حاول التعويض عن القومي السوري من خلال دسّ ودائع له داخل التيار الوطني الحر كما فعل في بعلبك الهرمل من خلال المرشح عن مقعد الروم الملكيين الكاثوليك سامر التوم المعروف بأنه قومي سوري، إنما فشل بدسّ قومي سوري آخر في منطقة دير الأحمر لإسقاط النائب أنطوان حبشي”.
ويضيف، “لم يكن القومي فقط الحزب الذي نبذه اللبنانيون مع خسارة رئيسه أسعد حردان، بل كل الودائع الأخرى خصوصاً في عاليه ـ الشوف، مع سقوط أرسلان ووهاب، بالإضافة الى الفرزلي، أحد الرموز العتيقة للنظام السوري والحزب، وفيصل كرامي”، لافتاً إلى أن “كل هذه الانهيارات السياسية تدل على زيادة وعي اللبنانيين الوطني والسياسي لدرجة أنهم ينبذون تباعاً أتباع الاحتلال السوري وحزب الله”.
ويشدد الزغبي على أن “من يحاول أن يصوّر نفسه منتصراً في هذه الانتخابات كالتيار العوني ورئيسه جبران باسيل، عليه أن ينظر إلى الأرقام والوقائع التي تؤكد أنه لم ينل من الأصوات المسيحية إلا النسبة القليلة، وحصل على حواصل من خلال الأصوات الأخرى التي أمنها حزب الله إما في مناطق سيطرته في البقاع والضاحية والجنوب، وإما لأصوات الطوائف الأخرى، وبالتالي يعتبر التيار الوديعة الكبرى للثنائي النظام السوري ـ حزب الله”.
وإذ يلفت الى أن “الانتخابات كانت خطوة أولى متقدمة في مسيرة استعادة الدولة اللبنانية وسيادتها من السلاح غير الشرعي ومن رواسب الاحتلال السوري، خصوصاً مع السقوط المدوي لتيار المردة”، يؤكد الزغبي أنه “يمكن التأسيس على هذه النتيجة المشرّفة للانتخابات لكي نذهب أكثر الى استعادة الدولة وتحريرها من وصاية السلاح والمشروع الخطير الذي تقوده إيران في المنطقة العربية ومنها لبنان”.
وعن إمكانية أن تقوم سائر القوى المحسوبة على حزب الله والنظام السوري من استعادة شعبيتها في المستقبل، يوضح أنهم “لن يتمكنوا من تعويم أنفسهم أمام الرأي العام اللبناني، لأن ما حصل ليس مجرد انتكاسة موضوعية ومحلية، بل هو مؤشر أساسي ودائم بأن هذه الودائع غير اللبنانية لا مجال ومستقبل لها في لبنان المتحرر من الوصايات والمتجه نحو تحرير نفسه، وإعادة دخوله القوي في مجاله العربي والدولي الطبيعي”.
ويتابع، “من سقط في هذه الانتخابات لا يمكن تعويمه في المراحل اللاحقة، لأن الشيعوية العسكرية السياسية التي يمثلها حزب الله اليوم في مرحلة الهبوط والانحدار، وعلى الرغم من أن إيران لا تزال تسيطر على نفوذ واسع في بعض الدول العربية، بدأ حزب الله تحديداً بالانحسار في لبنان، والدليل الأبرز على ذلك أن الأكثرية التي سيطر عليها في انتخابات 2018، وبلغت أحياناً 74 نائباً تراجعت اليوم الى 62”.