رصد فريق موقع “القوات”
انتهت الانتخابات النيابية “ع سلامة” ولبس البرلمان حلّة معارضة طال انتظارها بوجه أياد ملطّخة بالفساد والسرقة والمحصصات على حساب شعب أُفقر على جميع المستويات. وتفاجأ أهل السلطة ببصمة الاصبع الانتخابي بوجه إصبع التهديدات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، فراحوا يكتبون “وهم النصر”، عسى أن يتقبلون بالنهاية الواقع ويستوعبون صوت المواجهة الكبير وأنه “هالمرة الحكي غير”، وأنه “صار وقت الشغل”، في ظل الأزمات المعيشية التي طافت مجدداً.
في هذا السياق، اعتبرت مصادر سياسية لـ”اللواء”، أن “اطلالة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، التي خصصها للحديث عن نتائج الانتخابات النيابية تصب في ثلاثة اتجاهات، الأول امتصاص تأثير انخفاض نسبة التصويت في مناطق تأثير ونفوذ الحزب، مستنداً بذلك على نجاح جميع النواب الشيعة. اما الاتجاه الثاني، فهو التقليل من أهمية التحول البارز بالنتائج، التي أدت الى سقوط الرموز الأساسيين من حلفائه في دوائر عديدة، ومحاولة القفز فوق هذه الانتكاسة الكبيرة للحزب تحديداً، هو الذي كان يدعم معظم هؤلاء، سياسياً ومادياً، ويوجههم باستمرار لاستهداف خصومه السياسيين، والنيل منهم، كما يعرف كثيرون ذلك”.
وأضافت المصادر، “سعى نصرالله الى اعتبار ما حصل بالحدث العادي، وقلل من تأثير فوز هؤلاء في تركيبة المجلس، معتبراً انه لم يعد هناك من يملك الأكثرية النيابية لتغيير المعادلة القائمة لصالحه.”
وحاول نصرالله “استيعاب الموقف الأخير للنائب محمد رعد، الذي وجه سلسلة تهديدات ضد التبدلات الحاصلة في تركيبة المجلس النيابي الجديد، من خلال الدعوة للتهدئة، داعياً إياهم الى التعاون في حكومة وحدة وطنية بصيغة تحمل في طياتها تحذيراً مبطناً في حال لم يتم التجاوب مع دعوته، وبالطبع كان التمسك بصيغة، الشعب والجيش والمقاومة، حاضرة في مضمون الاطلالة.”
على الضفة الأخرى، لا بدّ من الإشارة إلى التسونامي القواتي الذي أغرق عروش الوصاية و”من شدّ على مشدّها”، لا سيما في جزين عقر دار التيار العوني، إذ رأى رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور، أن “نتائج انتخابات جزين عكست روحية ثورة 17 تشرين، وجاءت بمثابة الردّ على الفشل المدوي لعهد الرئيس ميشال عون، الذي أوصل البلد إلى الانهيار”.
وأشار عبر حديث لـ”الشرق الأوسط”، إلى أن “منطقة جزين الواقعة على بوابة الجنوب، يشعر فيها المسيحي بأنه لا يملك حرية التجوّل في منطقته، بذريعة الحفاظ على الأمن الاستراتيجي للمقاومة، والمسيحيين باتوا يشعرون أنهم أهل ذمة في منطقتهم”.
وقال جبور، “أتت اللحظة التي وجدت جزين من يتحدث بخطاب سيادي، والمواطن الموجود فيها لا يعيش في جزيرة منعزلة عن محيطها، كما أن خطاب النائبة المنتخبة غادة أيوب، كسر حاجز الخوف عند أبناء جزين، فحصل التسونامي الشعبي الذي استبدل خطاً مسيحياً يغطّي سلاح حزب الله، بخطٍّ سيادي صاحب خطاب حر”.
من جهة أخرى، يعقد مجلس الوزراء عند الثانية والنصف من بعد ظهر غد الجمعة، جلسة مُثقلة بجدول أعمال مؤلف من 133 بنداً تتضمن كل المواضيع التي تمّ إرجاؤها من جلسات سابقة، بالإضافة الى عملية تقييم للانتخابات النيابية وملفات كبيرة كخطة التعافي. وأكدت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّها “جلسة تسجيل أهداف في الوقت الضائع، فهي جلسة ماراتونية ستمتدّ الى ساعات متأخرة من الليل لأنّ هناك إصراراً على الانتهاء من كل بنودها”.
وقال مرجع سياسي للصحيفة نفسها انه “يتوقع ان تكون هذه الحكومة أطول حكومة تصريف أعمال، ممّا سيفرض عليها وعلى رئيسها فرضاً أن تعقد جلسات لمعالجة كل الملفات الطارئة”. وأضافت المصادر أنّ “مشاورات بدأت في الكواليس لإنضاج طبخة الإدارة البرلمانية الجديدة”.
على الصعيد المعيشي، البلد مطوّق بأوضاع صعبة جداً:
1- عودة الدولار إلى سباق الارتفاع الجنوني، وسط بلبلة في أداء مصرف لبنان بين وقف منصة صيرفة أو استمرارها استناداً إلى التعميم 161.
2- توقف الأفران عن العمل، في ضوء أزمة الطحين والقمح، وانعدام ربطة الخبز التي ارتفع سعرها.
3- إعادة السيّارات إلى الوقوف صفوفاً طويلة امام محطات المحروقات، التي رفعت بمعظمها خراطيمها.
4-الأدوية المدعومة مهددة بالانقطاع في حال عدم إيجاد حل مستدام لآلية فتح الاعتمادات.
وأكدت مصادر “الجمهورية”، انّه “لم يتمّ التوصل الى حلّ للأزمة خلال اجتماع الحكومة أمس الاربعاء، حول الأمن الغذائي”. لافتة الى انّ “نسبة الـ85% غير مؤمّنة، معوّلة على قرض البنك الدولي. وبما انّ إقرار القرض الذي يحتاج الى شهرين على الأقل لن يحلّ الأزمة الحالية، ستتجّه الحكومة للطلب من مصرف لبنان بمواصلة دعم استيراد القمح وفتح الاعتمادات اللازمة”.
وأشارت المصادر، إلى أن “نسبة كبيرة من القمح المدعوم لم تصبّ في صالح دعم سعر ربطة الخبز وتمّ هدرها، إذ حظيت الأفران الكبرى، وبموافقة وزير الاقتصاد أمين سلام، ورئيس مديرية الحبوب والشمندر السكري، على الحصة الأكبر من القمح المدعوم، وبدلاً من دعم ربطة الخبز، تمّ دعم الكرواسان، والـmillefeuille… لصالح الأفران الكبرى التي تبيع تلك المنتجات بأسعار غير مدعومة، وتحقق أرباحاً على حساب لقمة عيش المواطن”.
ولفتت الى انّ “أعضاء المجلس المركزي في مصرف لبنان غير مستعدّين لأن يتهمهم القضاء لاحقاً بإنفاق أموال المودعين، علماً انّ الاحتياطي استُنزف. اما في حال أرادوا مواصلة الدعم من خلال أموال حقوق السحب الخاصة sdr، فهذا القرار يعود للحكومة ولوزير المال”. وقالت مصادر مصرف لبنان، “إذا استمرّت الحكومة على هذا النهج، ستهدر أموال حقوق السحب الخاصة بفترة شهر”.
إذاً، حان وقت العمل، والمسؤولية كبيرة ودرب الجلجلة طويل بين تصليح فظائع السابقين ومواجهة أيادي التعطيل، ومعركة خطورة الفوضى المتعمدة.