“مزمزوا الخطة ودَبْروا راسكن ع دولار الـ50 ألف”

حجم الخط

يتهادى الدولار ويتخايل فوق الـ34.000 ليرة، حتى لحظة إعداد هذا المقال عصر أمس الثلاثاء، والأسعار تتحرك صعوداً على مرّ الدقائق. فلا تتفاجأ عزيزي المستهلك المسحوق، إن قرَّرت بعد تردُّد، وفحص وتفتيش دقيقين في محفظتك، سحب علبة لبنة بيد مرتجفة عن الرف في السوبرماركت بسعر 80.000 ل.ل، إن طلبت منك الموظفة على الصندوق، المسحوقة مثلك، بدماثة واستحياء، 88.000 ل.ل أو ربما أكثر ثمناً لها. فحساب الرّف غير حساب الصندوق، وللمسافة بين الموقعين تكلفة عليك احتسابها بدقة قبل أن “تتبردخ وتاكل لبنة”.

أما الحلّ؟ فإليك به. “مزمز” أخي المواطن خطة النهوض المالي التي أقرَّتها الحكومة وأرسلتها إلى مجلس النواب، وهي على مشارف لفظ أنفاسها الأخيرة عشية 15 أيار الماضي، قبل أن تتحوَّل إلى حكومة تصريف أعمال. وهنا ما عليك سوى انتظار اكتمال السلطة التشريعية، ومن ثم تكليف رئيس جديد للحكومة وتشكيلها ونيلها أو عدم نيلها الثقة، وبعدها انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومجدداً تكليف رئيس جديد للحكومة وتشكيلها… و”عيش يا مواطن ع دولار 50.000 ل.ل… مين بيقدر يقول ما بيصير؟”.

الخبير الاقتصادي والمالي لويس حبيقة، يرى، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “أسوأ ما في خطة النهوض المالي التي أقرَّتها الحكومة، هي تحميل الحجم الأكبر من الخسائر للمودعين، وهذا أمر مرفوض، فالمودع لا ذنب له وعلى الدولة والمصرف المركزي والمصارف أن يتحمّلوا الخسارة”.

ويعتبر، أن “هناك قصر نظر في التعاطي مع المسألة، ففي حال تحميل المودعين الخسائر، لن يدخل دولار إلى القطاع المصرفي على مدى سنوات. إذ مَن سيثق في المستقبل بهكذا دولة وهكذا إدارة، ليعود ويفتح حسابات مصرفية ويودع فيها آلاف وملايين الدولارات، إذا كان لا يضمن مصيرها وإذا كانت مهدَّدة في لحظة ما بشطبها؟”.

وبرأيه، أن “طريقة مقاربة المسألة مثيرة للذهول. فإن كنا في مشكلة اليوم، لا يكون حلّها بقتل البلد اقتصادياً ومالياً من خلال خطة مشابهة”، متوقعاً أن، “يعاد سحب هذه الخطة عند تشكيل الحكومة الجديدة لمزيد من الدرس وتصحيح الخلل الذي يعتريها، ومن ثم يعاد إرسالها إلى مجلس النواب لدرسها وإقرارها”.

وإذ يرى حبيقة، أن “ما ورد حول إعادة هيكلة القطاع المصرفي يبقى كلاماً من دون معنى جدي، فلا رؤية ولا مسار واضح، لأنه ماذا ينفع الحديث عن إعادة هيكلة من دون ثقة وضمان الودائع مستقبلاً؟”، يعتبر، أن ما “أنجزوه هروب إلى الأمام أو إلى الوراء، كيفما شئنا تسميته. بمعنى أنهم رموا المشكلة على مجلس النواب وقالوا نحن أنجزنا خطة، (ودَبْروا راسكن)، إلى أن تتألف حكومة جديدة (الله بيفرجها)، مضيفاً، “الأمور ما بتمشي هيك”.

أما عن رفع الضرائب وبينها ضريبة الـTVA من 11 إلى 15%، يشير حبيقة، إلى أن “الدولة بحاجة إلى إيرادات والأمر قد لا يكون مرفوضاً بالمطلق، لكن شرط أن تقوم دولة فعلية تطَّلع بمهامها وتضبط الحدود والمعابر والتهريب والتهرُّب الضريبي، فإما أن تكون دولة أو لا دولة”.

ويلفت حبيقة، إلى “التهريب والتهرُّب الشرعي، إذا صح التعبير، أي عبر المعابر والمرافق الشرعية، والذي هو أدهى من ذاك القائم على غير الشرعية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، أمر غريب عجيب يحصل ويتعلَّق بتهريب الطحين الأبيض إلى خارج لبنان، بغضِّ نظر من قبل بعض المسؤولين. فإما نحن بصدد قيام دولة أو لا دولة، وبالتالي لا أمل”.

ويشدد، على أنه “في حال لم يتوصَّل بعد المعنيون إلى قرار حاسم بقيام الدولة، فعبثاً نفتش عن حلول ونطرح اقتراحات للخروج من الأزمة، لأن أي حلول لن تعطي أي نتيجة في ظل عدم نهوض الدولة بمسؤولياتها وضبط مرافقها. وإلا سيفرط الوضع أكثر فأكثر يوماً بعد يوم، وقد نترحَّم على دولار الـ34.000 ليرة اليوم، إذ لا يمكن توقُّع سقف له في ظل الوضع القائم، والأمور مرهونة بالتطورات المتلاحقة خلال الأيام والأسابيع المقبلة”.

ويعرب حبيقة عن اعتقاده بأن “المهمة صعبة، وحتى في حال تشكيل حكومة جديدة لن يكون أمامها الوقت الكافي لإعادة درس الملفات، إذ ستصبح في وضعية تصريف أعمال خلال 3 أشهر تقريباً بحلول موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية. علماً أن مجلس النواب الجديد وبعد اكتمال هيئاته ولجانه، سينكب على درس الخطة وإدخال تعديلات أساسية عليها إذ لا يمكن أن تمرّ بصيغتها الحالية، وهذا الأمر سيستغرق أسابيع لا بل أشهراً، ما يعني أننا نكون دخلنا في مرحلة الانتخابات الرئاسية”.

ويضيف، “قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، لن تسير الأمور بالشكل الصحيح المطلوب، لأنه بعد إنجاز هذين الاستحقاقين ستخلق دينامية جديدة في البلد، وستختلف طريقة تعاطي المجتمع الدولي والصناديق والمؤسسات الدولية معنا. أما كل ما يمكن فعله خلال الأشهر الأربعة المقبلة، هو تخفيف الخسائر بالقدر الممكن”.

أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانبة

خبر عاجل