ليس من شيمنا الشماتة خصوصاً بمن يغرق يوماً بعد يوم وأصبح على طريق الزوال والأفول الى غير رجعة، وما سنتطرق إليه في هذا المقال ليس في سبيل الضرب في الميت، وإنما يندرج في إطار الإيضاح وتبيان الحقائق والأرقام، بما أن الكذاب لا يمكن أن يتغير، خصوصاً إذا كان كذّاب بالفطرة، عتيق ومتأصل بالكذب.
على الرغم من كل السلطة التي يملكها التيار العوني، من رأس الهرم الى النواب والوزارات والأجهزة الأمنية والقضائية ومدراء عامين ومسؤولين وإدارات على مساحة مؤسسات ودوائر الدولة اللبنانية، ومع ما يعنيه هذا من قوة وقدرة هائلة لاجتذاب الناس والضغط عليها، لم ينفّر هذا الفريق الناس وأبعدهم عنه فقط، بل لم يستطع أن يحافظ حتى على ناسه ومناصريه ومحازبيه، الذين سددوا إليه صفعة قاسية رمته أرضاً وأصبح مستحيلاً عليه الوقوف من جديد.
حاول هذا التيار أن يظهر بصورة المُنتصر أمام اللبنانيين والعالم، لكن مشكلته أن أحداً لم يعد يصدق ما يقول، حتى في الحالات النادرة التي يكون فيها صادقاً.
لذلك سنعرض القليل من الأرقام في بعض الدوائر المُعبرة، التي تُظهر مدى تقهقر هذا الفريق وهروبه الى الأمام في كذبه الفاضح لتغطية فشله الذريع.
نبدأ من مسقط رأس رئيس التيار، من البترون، حيث حصد في 2018، 12269 صوتاً تفضيلياً، وتراجع الى 8922 صوتاً في انتخابات 2022، أي بتراجع 3347 صوتاً في 4 سنوات، على الرغم من كل قوة السلطة التي وُضعت في البترون. أما على صعيد المرشحين العونيين، فقد تراجع مجموع الأصوات حوالي الـ6000 صوت، وهذا رقم كبير خصوصاً أن مجموع الأصوات العونية التي حصلت عليها اللائحة لم يصل الى 15000 صوت. وهذا التراجع يُعد قاتلاً وكارثياً، خصوصاً أن هذا الفريق لا يزال في السلطة، فما بالك في الانتخابات المقبلة؟ إشارة الى أنه لولا الأصوات القومية، لكان نجح وحده من اللائحة.
أما في دائرة الشوف عاليه، وبغض النظر عما قاله الوزير السابق وئام وهاب، فقد تراجع بنحو 10000 صوت، وكذلك في بعبدا خسر 10000، وأيضاً في كسروان جبيل خسر 10000 صوت، ولولا أصوات الحزب وحلفائه لما استطاع الحصول إلا على نائب واحد في دائرة الشوف عاليه، وصفر نائب في بعبدا، لأن مجموع أصواته كانت بعيدة جداً عن الحاصل.
أما في بيروت الأولى، فقد نال مرشحه حوالي 4700 صوت، أي أقل بـ1100 صوت من الحاصل الذي بلغ أكثر من 5800 صوت.
وفي بيروت الثانية، نال مرشحه 2000 صوت تقريباً، بينما الحاصل تعدى 13500 صوت، أي أقل من 15% من الحاصل.
أما في البقاع، ففي الدوائر الثلاث لم يستطع أن يؤمن أي حاصل لمرشحيه. في بعلبك الهرمل، وعلى الرغم من كل الأصوات التي جيرها الحزب لمرشح التيار، بقي بعيداً جداً عن الحاصل، النصف تقريباً.
في البقاع الغربي، كان بحاجة لـ8000 آلاف صوت للوصول الى الحاصل، علماً أن الحاصل بلغ حوالي الـ11000 صوت.
أما في زحلة، بلغ مجموع أصواته حوالي 5500 صوت في حين أن الحاصل13200 صوت.
أما في دائرة صيدا جزين، فكان سقوطه مدوياً مع خسارته كل نوابه هناك وتراجع كبير في عدد الأصوات.
وهكذا يتبين من هذه الأرقام الأولية في بعض الدوائر، أن هذا التيار يُدين لحلفائه أو أسياده، بفضلهم عليه بنفخ كتلته بنواب أتوا بغير أصواته، لأنه كان عاجزاً تماماً عن تأمين أي حاصل في معظم الدوائر، بينما ذاق الأمرين في الدوائر التي لا يملك حلفاؤه القدرة على رفده بالكمية الكافية من الأصوات.
فهل هكذا أرقام تدعو للإحتفال بالنصر كالفاتحين، أم للإنزواء تحت سابع أرض مع كل فريق العمل للبحث في الأسباب التي أدّت الى هذا التقهقر، على الرغم من التربع على عروش السلطة؟
لكن مَن يحتفل بنكبة 13 تشرين على أنها نصر مبين، ومَن يُريد أن يُعلّم أميركا كيف تُدير بلداً من دون موازنة، ومَن يعد الناس بـ24 ساعة كهرباء ونصل الى ساعة واحدة مع 40 مليار دولار عجز كهرباء، ومن يُخيّر اللبنانيين بوقاحة غير مسبوقة بين الكهرباء والموتورات في حملته الانتخابية… ومن ومن، فحتماً ليس غريباً عليه أن يحتفل بهذه الخسارة المدوية في الانتخابات النيابية.