كتب جاد دميان في “المسيرة” – العدد 1729
دلالات المرحلة على ضوء نتائج انتخابات 2022
العبرة في الترجمة
طوت الانتخابية النيابية مرحلة أساسية في تاريخ لبنان على أمل التأسيس لنتائج أفضل من السابق. المجلس النيابي السابق الذي عايش مرحلة الإنهيار المالي والسياسي والاجتماعي والنقدي، والذي كان في مرمى نيران ثورة 17 تشرين المحقة، والذي فوجئ بالكورونا وتحمَّل طوعاً أو بالقوة تبعات الكورونا السياسية المتمثلة بعهد ميشال عون المليء بالإنتهاكات والمخالفات، طوى صفحاته غير مأسوف عليه، مؤسساً لتركيبة مجلس جديدة تقع عليها الآمال والمسؤوليات.
لكن لا يمكن التطرّق الى الانتخابات النيابية من دون قراءة بعض الخلاصات المتعلقة بالنتائج وبالرهان المنتظر في الفترة القادمة.
في النتائج يمكن إستخلاص التالي:
– محاولات إلغاء الانتخابات النيابية من قبل تحالف المافيا والميليشيا، أي ثلاثي التيار و«حزب الله» و«أمل كان بسبب خوفهم من النتائج التي آلت إليها انتخابات 15 آيار. وقد تجسدت غزوة عين الرمانة والمحاولات الدستورية من خلال الطعن بانتخاب المغتربين والمحاولات المالية والإدارية من خلال تأخير التمويل وبعثرة عملية انتخاب المغتربين، إلا أنها سقطت أمام إرادة التغيير.
– الخوف من الفراغ في الشارع السنّي والتهويل بصعود نجم المتطرفين والأصوليين الذي عمل على ترويجه «التيار الوطني الحر» و»حزب الله»، وقد سقط بدوره في كل الدوائر الانتخابية: من طرابلس الى بيروت الثانية، مروراً بالبقاعين الغربي والأوسط وصيدا.
– تمكنت «القوات اللبنانية» من الحصول على أكبر عدد من المقاعد النيابية من خلال تحالفات متجانسة تعكس توجهاتها السيادية والإصلاحية. ولا يمكن إغفال التقدم الكبير بعدد الأصوات التفضيلية بالإضافة الى حصول مرشحيها على صدارة الأصوات في بشري والكورة والبترون وجبيل وبعلبك الهرمل والمتن وجزين وزحلة.
– إختراق «القوات اللبنانية» للشارع الطرابلسي من خلال فوز مرشحها عبر حصوله على أكبر عدد من الأصوات مقارنة مع سائر المرشحين على مقاعد الأقليات (3500 صوت)، بالإضافة الى تفوّقه في عدد الأصوات المسيحية في المدينة (1520 صوتاً من دون أصوات الإغتراب)، في مقابل حصول مرشح «المردة» على 800 صوت ومرشح «التيار الوطني» على 700 صوت وسليمان عبيد على 250 صوتاً.
– سقوط «التيار الوطني الحر» في جزين وعدم تمكنه من الوصول الى عتبة الحاصل الانتخابي، وبالتالي نهاية مسلسل الثنائي أسود – أبو زيد بطريقة دراماتيكية ولكن مستحقة، بالإضافة الى سقوط مرشح حركة «أمل» إبراهيم عازار للسبب عينه.
– سقوط رموز نظام الأسد في لبنان فيصل كرامي، وإيلي الفرزلي، وطلال إرسلان، ووئام وهاب، وأسعد حردان، وحزب البعث والحزب السوري القومي الاجتماعي، مما يؤكد أن المعركة كانت سياسية بامتياز، وأن الشعب اللبناني نجح في إيصال رسالة مفادها أنه لا يمكن عدم محاسبة محور القتل والدمار، أقله في البيئة الحاضنة غير المباشرة للثنائي الشيعي (في الساحات السنيّة والمسيحية والدرزية).
– دور أصوات المغتربين المفصلي في تحديد نتيجة بعض الدوائر، مما يعكس قدرة المغتربين على التأثير في اللعبة السياسية الداخلية. وتشير الأرقام الى أن الغالبية العظمى ذهبت للقوى السيادية (قوات، كتائب، مستقلين) ولقوى التغيير المنبثقة من ثورة 17 تشرين.
– خسارة «حزب الله» للغطاء المسيحي الذي كان قد منحه إياه ميشال عون منذ العام 2006 حتى اليوم، بالإضافة الى خسارة مرشحه الرئاسي سليمان فرنجية من وزنه السياسي عبر فوز نجله طوني، وحيداً من تيار «المردة»، وخسارة مرشحه الحكومي فيصل كرامي. إذاً، هي خسارة مثلثة الأضلاع تُفقِد «حزب الله» من هامش خياراته في المستقبل.
والسؤال الذي يُطرح: أية رهانات تنتظر اللبنانيين، وكيف ستقاربها الأغلبية السيادية الجديدة في المجلس؟
• يتألف المجلس النيابي من أقلية متراصة تمثل منظومة السلطة السابقة بقيادة «حزب الله» وتتشكل من «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل» وحلفائهم، في مقابل أغلبية متنوّعة تضم كلاً من «القوات» و»الكتائب» ومستقلين وتغييريين وسواهم… وينتظر الشعب اللبناني من الفريق المتنوّع المبادرة والإقدام على خطوات تغييرية ملموسة. ولقد أثبت الشعب اللبناني أنه يريد خيارات واضحة ترفض محور الممانعة ومشتقاتها ويعوّل على إحداثِ خرقٍ بعيداً من الشعبوية.
• أمام قوى التغيير المنبثقة من ثورة 17 تشرين مسؤوليات مضاعفة:
– عدم الإكتفاء بمعارضة الجميع، فلا يكون شعارهم الجديد «خالف تُعرف». ومن الأجدى بناء جسور تعاون مع كافة الأحزاب السيادية التي تشاركهم الأهداف.
– بناء جبهة سيادية، أساسها السيادة والإصلاح تعمل بعيداً من المصالح الشخصية ومشاعر «الحب والغرام والكره والكيمياء» بين أفرادها، كي تضع مصالح الشعب اللبناني فوق كل اعتبار.
– الإستفادة من كل إستحقاق من أجل عدم إيصال مرشح لـ»حزب الله» وحلفائه وعدم السماح لشرذمة التغيير.
– تكليف رئيس الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية يجب أن يحصلا بذهنية ومقاربة مختلفة عن السابق.
في النهاية، الخلاصات والدلالات مهمة، إلا أن الهدف من الأرقام والإصطفافات هو من خلال قدرتهم على إحداث الفرق والتغيير، وتبقى العبرة في الخطوات العملية ونتائج تأثيرها على حياة المواطنين.
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]