دولارات المغتربين “الصيفية” لن تخفِّض سعر الدولار

حجم الخط

 

يُستشف من تصاريح بعض أهل السلطة، رهانها على دولارات المغتربين الذين يتوافدون بأعداد مرتفعة لقضاء فترة الصيف في لبنان، للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية والمالية، وانعكاس تلك الدولارات إيجاباً على خفض سعر الدولار في السوق السوداء وتحسُّن قيمة الليرة بعض الشيء.

ففي ظل شبه تسليم بالشلل المسيطر على مسار تأليف الحكومة، بل على مجمل الوضع السياسي عامةً مع دخول البلاد في مرحلة الانتخابات الرئاسية عملياً، تبدو كل الأمور والقضايا مؤجلة إلى ما بعد هذا الاستحقاق، إن حصل في مواعيده الدستورية.

بالتالي، سمة المرحلة هي المراوحة، التي تتموضع تحتها مختلف الملفات والقضايا السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية. وكل الانفراجات التي يتم تسويقها أحياناً، من هنا وهناك، وعلى لسان هذا المسؤول أو ذاك، ليست سوى عناوين من ضمن عدة الشغل لاستهلاك الوقت إلى حين موعد الاستحقاق الرئاسي واتجاهاته.

ولعلّ بعض المواقف التي تخرج إلى العلن، تكشف رهان الحكام على دولارات المغتربين لتمرير المرحلة إلى تشرين الأول المقبل، منها تصريح وزير الصناعة جورج بوشكيان، وغيره من المسؤولين، عن تقديرات معينة تتوقع دخول بين 3 إلى 4 مليار دولار إلى لبنان خلال الصيف الحالي من المغتربين اللبنانيين، والسياحة بشكل عام، مع احتمال ارتفاع هذا المبلغ بازدياد عدد الرحلات والحجوزات.

لكن بغض النظر عن الرقم، هل تسهم دولارات المغتربين الزائرين في إمكان خفض سعر الصرف فعلاً وتحسُّن وضع الليرة تجاه العملات الأجنبية؟ أم أن في الأمر مبالغة، إن لم نقل افتعال إيجابيات ليست في محلها، بهدف تمرير الوقت كما أشرنا؟

يعتبر خبراء ماليون واقتصاديون، في تصريحات إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “دولارات المغتربين والسياح عموماً القادمين إلى لبنان لقضاء عطلهم الصيفية، ستنعش الحركة الاقتصادية والتجارية، خصوصاً قطاع الفنادق والمطاعم والمنتجعات السياحية، وغيرها، بلا شك. لكن من التبسيط، إن لم نقل أكثر، توقُّع أن تفعل العجائب وتخفِّض الدولار وتقوِّي الليرة”.

ويوضحون، أن “هذه الدولارات، بغض النظر عن الرقم الذي يُطرح، 3 أو 4 مليار أو أكثر، تساهم بالتأكيد في الحفاظ على دوران عجلة الاقتصاد، شبه المتوقفة والتي تدور بالحد الأدنى، ومنع كربجتها. لكن أموال السياح والمغتربين لن تؤدي إلى تحسًّن سعر الدولار وتقوية الليرة، لأنه ربما يفوت المراهن أن لبنان بلد يستورد أكثر من 90% من مختلف حاجياته”.

ويضيفون، “صحيح أننا سنشهد ارتفاعاً في عرض الدولار بالسوق اللبناني مع توافد المغتربين والسياح، لكن في الوقت ذاته سترتفع معدلات الطلب على الدولار لاستيراد مختلف البضائع والسلع الاستهلاكية، من فحم النرجيلة إلى البنزين والمازوت والغاز، والسلع الغذائية من اللحوم والدجاج والأسماك وغيرها، إلى سائر السلع المختلفة، لتلبية حاجات المغتربين والسياح، فضلاً عن المقيمين، ما يعني عملياً عودة قسم كبير من هذه الدولارات إلى الخارج”.

ولا ينفي الخبراء، أنه “ربما لن تُستهلك كل الدولارات الداخلة إلى البلد من المغتربين والسياح، على الاستيراد الذي سترتفع نسبته حكماً لتلبية حاجاتهم. فالمؤسسات والأفراد سيحققون أرباحاً خلال فترة الصيف، لكن المرجح أن دولارات الأرباح المحقَّقة لن تُعرض في سوق الصرف وتحوَّل إلى الليرة، بل ستبقى في خزائن الشركات والمؤسسات وبيوت المواطنين”.

ويرى الخبراء، أننا “لن نشهد عرضاً للدولار في السوق بما يدفعه إلى الانخفاض وتحسن وضع الليرة، للأسباب التي أشرنا إليها. فالصيف سينتهي والسياحة ستتراجع، ما يعني تراجع دخول الدولارات إلى البلد في فصلي الخريف والشتاء، مع كل المستحقات المطلوبة على أبواب المدارس ومصاريف التدفئة وغيرها”.

بالتالي، “حتى فائض الدولارات المتبقية من السياحة الصيفية والذي لن يُستهلك بالاستيراد، سيتم الاحتفاظ به في المنازل استعداداً لموسم الشتاء، ولن يُعرض في السوق لاستبداله بالليرة حتماً، لأن لا ثقة بالليرة كما هو معروف والناس تخزِّن أموالها بالدولار للاحتفاظ بقيمتها”.

ويبقى وفق الخبراء، “احتمال ارتفاع سعر الدولار خلال فترة الصيف، في حال قرَّر مصرف لبنان الاستحواذ على دولارات المغتربين والسياح، لتعزيز محفظته المالية والاحتياطي النقدي المتراجع إلى حدود حرجة، إذ بعض الأرقام تشير إلى أنه لم يعد يتخطى الـ9 مليارات دولار، مع تساؤلات حول ما إذا كان يجوز التصرُّف بها والتدخل في السوق، أم عدم قانونية ذلك لكونها من التوظيفات الإلزامية للمصارف. وذلك من خلال زيادة حجم الكتلة النقدية بالليرة وضخّ المزيد منها في السوق”.

لكن الخبراء، يلفتون إلى أن “السياسة المعتمدة من قبل مصرف لبنان، حتى الآن، هي تجفيف السوق من الليرة اللبنانية، لعدم استخدامها في التهافت على طلب الدولار وعمليات المضاربة، ما يرفع سعر سوق الصرف. لكن في حال قرَّر عكس السياسة المعتمدة حالياً لحاجته إلى تعزيز احتياطه النقدي بالعملات الأجنبية، كما أشرنا، عندها قد نشهد ارتفاعاً في سعر الدولار، على الرغم من كل دولارات المغتربين والسياح الفائضة خلال فصل الصيف”.

أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانبة

خبر عاجل