كل “المعارك” تدور حول المعركة الأساس، رئاسة الجمهورية المقبلة، بعدما سلَّم الجميع عملياً بوضع قضية تشكيل الحكومة في المقاعد الخلفية، إن لم يكن طيّ النسيان وصرف النظر عنها، إذ “ما بقا تحرز” ونحن على مسافة أسابيع قليلة من انتخابات الرئاسة، التي يعتبر الكل، محلياً وخارجياً، أنها المفتاح الرئيسي لفتح باب أمل ما بنهج جديد، قد يفتح كوّة في الجدار وبادرة ضوء في نهاية النفق.
ويرى كثيرون، أن المعركة الرئاسية محكومة بقواعد مختلفة هذه المرة، عن تلك التي فرضت ميشال عون رئيساً للجمهورية قبل 6 سنوات. فحزب الله لم يعد يملك الأكثرية الحاسمة المريحة لفرض شروطه، ومعسكره منقسم بين سليمان فرنجية وجبران باسيل، الذي لم يسلّم لفرنجية بشيء، حتى الآن، كما أكد في إطلالته الأخيرة، فضلاً عن استمرار مناوراته على هذا الصعيد.
في المقابل، لا تزال القوى السيادية والمستقلة والنواب الجدد في إطار التواصل والبحث عن آليات تنسيق ثابتة، لمواجهة حزب الله وحلفائه، ومنعه من إيصال رئيس لن يكون مختلفاً عن الحالي طالما يمسك الحزب بأمره وقراره، ما يعني مزيداً من التدحرج نحو انهيارات متتالية.
ومن المبكر توقُّع ما ستفضي إليه الاتصالات القائمة بين القوى المعارضة، وما إذا كانت ستنجح أمام هذا الواقع، في الاتفاق أولاً على منع وصول رئيس من فريق 8 آذار، وثانياً على محاولة إيصال رئيس بنَفَس تغييري إصلاحي سياديّ، لتبدأ معه ورشة استعادة الدولة والنهوض الاقتصادي.
مدير المنتدى الإقليمي للدراسات والاستشارات العميد الركن المتقاعد خالد حمادة، يرى، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “كل الاحتمالات لا تزال مطروحة وموجودة، ولا يمكن الحسم منذ الآن حول مآل الاستحقاق الرئاسي المقبل”.
ويلفت، إلى أن “لا تفاهمات جليّة، والدور الإيراني غير واضح في المنطقة. ولا ندري، حتى الآن، ما هو الدور الذي تريد الولايات المتحدة أن تعطيه لإيران في لبنان؟ وهذا سؤال مركزي. فهل تريد واشنطن إعطاء دور لطهران من خلال عملية استخراج الغاز والنفط من شرق المتوسط وترسيم الحدود البحرية، لا سيما بعد الزيارة غير الناجحة التي قام بها الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المنطقة، وعدم القدرة على استدراجها الى توافقات في مسألة الطاقة، وبالتالي تفرض على لبنان معادلة شبيهة بالمعادلة التي فرضتها بعد العام 2006؟”.
ولا يعلّق حمادة أهمية أساسية، “على أدوار هذا أو ذاك من فريقي 8 آذار و14 آذار”، لافتاً إلى أنه “في النهاية المسألة تتوقف عند مستقبل الدور الإيراني في لبنان، إذا كان الأميركيون يريدون الاستمرار في المغامرة مع طهران، بمعنى المغامرة لصالحها، بإعطائها دوراً جديداً في لبنان، أم لا”.
وعن عودة العرب والسعودية خصوصاً للعب دور أكثر فاعلية، يرى، أن “قمة جدة الأخيرة بين دول الخليج والأميركيين، لم تحسم الأمور”، معتبراً أن “السعودية تتمتع بدبلوماسية رصينة تدرك مصالحها وتدافع عنها، ولا تريد أن تقاتل عن اللبنانيين. والرياض لن تساوم مع أحد كي يأتي هذا الرئيس أو ذاك، وهذا الموضوع أصبح من الماضي”.
ويلفت، إلى أن “موقع السعودية في المعادلة الإقليمية أكبر من البحث عن تفاهمات مع هذا الطرف أو ذاك في لبنان أو سوريا أو غيرهما. فالرياض ندٌّ للأميركيين، ودولة أثبتت حضورها، ولديها تحالفات إقليمية ثابتة مع تركيا ومصر، وتفاهمات مع روسيا والصين ودول أوروبية وازنة”.
ويشدد حمادة، على أنه “ما لم يظهر اللبنانيون إرادة جدّية للنهوض ببلدهم، في كل الاستحقاقات، لن تساهم السعودية في مشروع، رئاسي أو غيره، ولن تقاتل في سبيله بدلاً عن اللبنانيين”، معتبراً أن “لا شيء تغيَّر بعد، وربما لن يكون هناك رئيس، وقد لا يرحل ميشال عون، أو ربما يشكل حكومة من خارج الدستور”.
ويضيف، “نحن أمام رئيس جمهورية تخطى الدستور في محطات عدة ويمكن أن يُقدم على أي شيء، وأمام حزب الله الذي يرى أنه غير قادر على فرض معادلة ما بسهولة. بالتالي كل ساعة تدخل معطيات جديدة على الخط، ومن غير المنطقي الحسم بهذا الاتجاه أو ذاك منذ الآن”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية