يتواصل الاهتمام الخارجي على مختلف المستويات بمتابعة كل المواقف المتصلة بتطور المفاوضات حول الملف النووي ولا سيما بعد المحادثات الاخيرة التي جرت في الدوحة وليس في فيينا ليخلص المتابعون المهتمون ان ايران كما #الولايات المتحدة لا تريد وتعجز عن انهاء المفاوضات او اعلان فشلها في موازاة العجز عن اعلان تقدمها كذلك . فاعلان الفشل وانهاء المفاوضات من شأنه ان يرتب تبعات لا يعتقد هؤلاء ان ايران في وارد المخاطرة بالذهاب اليها فيما ترحب وتهلل لاي اتصال اوروبي بها كما الاتصال الذي اجراه قبل ايام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بنظيره الايراني ابرهيم رئيسي. فحتى لو ان هذا الترحيب لا يعني اطلاقا ان ايجابية ما ستطلق مجددا ، ولكنه مؤشر على عدم رغبة طهران في قطع شعرة معاوية في موضوع الاتفاق النووي . وذلك فيما يتابع كثر باهتمام كذلك ما اذا كانت ايران ستستغل المدة الفاصلة عن الانتخابات النصفية الاميركية فتعطي الديموقراطيين زخما داخليا او هي تفضل المراوحة لاعتباراتها الخاصة وشعاراتها الكبيرة التي تخفي خلافاتها الداخلية المتشعبة وتمرر مرحلة الانتخابات الاميركية بكل ما تحفل به من احتمالات بكسب جمهوري او هي ستمضي في التخصيب الذي يمكنها من الحصول على قنبلة نووية .
حتى في هذا الاحتمال الاخير ، بدا الرئيس الاميركي حذرا لدى زيارته لاسرائيل التي تضغط في اتجاه التشدد مع ايران عبر تكراره ان كل الخيارات موضوعة على الطاولة . فمع انه أكد التزامه بالعمل على عدم تمكين #إيران من الحصول على سلاح نووي وأن واشنطن ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لضمان ذلك، إلا أن الرئيس الأميركي لم يطرح خيارا عسكريا يمكن الوثوق به كتهديد على الطاولة في حال واصلت طهران برنامجها النووي.
ويتابع هؤلاء باهتمام كبير كذلك تلك الضربات الجوية التي استأنفتها اسرائيل في سوريا حتى بعد القمة الثلاثية الاخيرة في طهران والتي جمعت اليها كل من روسيا وتركيا كذلك . والامر نفسه ينسحب بالنسبة الى عمليات اغتيال او قتل لضباط ايرانيين كبار والمستمرة منذ اشهر طويلة تثار علامات استفهام كبيرة حول طبيعة استهدافهم وسبله في الوقت الذي اعلنت طهران اخيرا القبض على خلية للاستخبارات الاسرائيلية على اراضيها . هذه العمليات سرى على نطاق واسع رغبة ايران الرد عليها بالمثل في تركيا اخيرا من دون نجاح فيما ان التهديدات الايرانية لاسرائيل لا ترقى الى تخطي الخطاب التقليدي للمسؤولين الايرانيين . احد ابرز المؤشرات حول اي حرب محتملة تستعد ايران للذهاب اليها شكل الامين العام ل” حزب الله” مؤشرها في خلال خطابات متتالية بذريعة المطالبة بترسيم لبنان حدوده البحرية فيما ان الوساطة الاميركية قائمة بقوة على هذا الخط. ويشكك المهتمون بان تذهب ايران الى الحرب لان لبنان يمكن ان يأخذ حقه كاملا او كما يطالب في الحقول البحرية ام لا ، كما ان هناك شكوكا اكبر لان تقوم اسرائيل بحرب ضد ايران لمصلحة انقاذ لبنان منها ومن سطوة الحزب. فالدول تعمل وفق مصالحها وليس لمصالح دول اخرى فيما ان ايران ستخاطر جدا ومجددا بالحزب وموقعه في حال الذهاب الى حرب مع اسرائيل، وذلك على خلفية التهديدان بانها لن تقتصر على لبنان بل ستشمل المنطقة . فالضجة التي رافقت توقيف واستجواب المطران موسى الحاج لم تغفل مدى الحاجة والفقر اللذين اصبح عليهما اللبنانيون والسعي الى ادوية ومال من اقربائهم في الاراضي الفلسطينية المحتلة فحسب، بل ساهمت في اظهار اللبنانيين لا بل غالبية منهم ، نسبة الى الدعم الطوائفي وليس المسيحي فحسب لبكركي وسيدها، مع التطبيع مع اسرائيل استنادا الى الحملات التي شنها مسؤولو الحزب واعلامه فيما قسم اقله ضده في حين ان المعركة ليست هنا والتطبيع مع اسرائيل ليس مطروحا . وهذا خطأ جسيم وقع فيه الحزب او الاجهزة الامنية التي تتأثر به كذلك محدثا ازمة انعكست عليه سلبا . وحين يبرر نصرالله ب” ان الدولة اللبنانية عاجزة عن اتخاذ القرار المناسب الذي يحمي لبنان وثرواته لذلك فإنّ المقاومة مضطرة إلى اتخاذ هذا القرار “، فان اكثر ما يصيب هذا الكلام حليفه رئيس الجمهورية ميشال عون باعتباره الممسك لوحده في احسن الاحوال بملف التفاوض حول الحدود البحرية بذريعة ان رئيس الجمهورية هو من يفاوض في المعاهدات والاتفاقات الدولية . وتاليا انها مسألة اخرى لا صلة لها بالحرب التي يتم الاشارة اليها. ( هذا يثير سؤالا عن عدم تحسس الرئيس عون من ذلك في وقت يتحسس من تشكيلة حكومية قدمها رئيس الحكومة يعتبر انها تجاوزت صلاحياته . ولكن هذا موضوع اخر ).
وبالنسبة الى المتابعين انفسهم، فان الحرب الروسية على اوكرانيا اظهرت ان الانخراط في الحرب قد يؤدي الى غير المتوقع في الحسابات والنهايات كذلك لا سيما اذا اخذ في الاعتبار ان روسيا لم تتوقع حربا لاشهر وصمودا اوكرانيا معززا بدعم غربي وعقوبات على المستوى الذي جرى حتى الان حتى لو انها لم تعد تستطيع التراجع . فهناك الحروب على الغاز والطاقة التي اشتعلت في المنطقة وكذلك حرب الغذاء ومن المستبعد جدا ان تستطيع ايران ان تؤمن اصطفافا عموديا معها في ظل العزلة التي تشهدها في حال الذهاب الى الحرب. السؤال يتصل بايران لاقتناع عميق بان الحزب في لبنان لا يقدم على الحرب بعيدا من الارادة الايرانية ، وهو الامر نفسه المتوقع بالنسبة الى لبنان الذي سيدمر ولن يجد من يلقي بالا اليه على غرار ما حصل في 2006 لا سيما اذا اخذ البعض في الاعتبار ذريعة ” حزب الله” نفسه بانه هو من يهدد بالحرب اكثر من اي طرف اخر في هذه المرحلة .