رصد فريق موقع “القوات”
كُتب على هذا البلد أن يبقى مستعداً للباس الأسود حداداً على ضحايا قتلهم أشباه مسؤولين غارقين بالفساد. وأي صفة أكبر من الاجرام؟ هذا الجرم الذي عتّم بيروت وأحرق قلوب أهلها بانفجار هزّ العالم ولم يهزّ ما تبقى من ضمير يعرقل مسار التحقيقات بشتى الأنواع بلا “مُستحى” لكفّ اليد عن كشف أي دليل يُعلّق مشنقة القاتل والمتورّط.
حلّت الذكرى الثانية لهذا اليوم المشؤوم، تفجير مرفأ بيروت 4 آب 2020، ولا تزال عرقلة القضاء تسير فوق دموع الأهالي والدول أجمع، إلاّ أن من يخوض معركة الحق والعدالة لم ولن يتوقّف عن المحاولة لمحاكمة كل مرتكب من خلال العريضة التي تقدم بها تكتل الجمهوريّة القويّة لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
وأوضح عضو التكتّل النائب جورج عقيص، لـ”نداء الوطن” أن “هذه العريضة مرفوعة لمجلس حقوق الانسان في جنيف. وهذا المجلس تابع للأمم المتّحدة ويُنتخَب لولاية من عدّة سنوات، وتترشّح عليه الدول، ويضمّ 47 دولة، ويجتمع كلّ ثلاثة أشهر في جمعية عامّة في جنيف، وينظر في قضايا انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة حول العالم، ويبحث في الإخباريات والشكاوى والعرائض”.
وعن دور هذا المجلس أفاد عقيص بأنّ “له الحقّ في تشكيل لجان تقصّي حقائق، إذا قامت إحدى الدول التي يتألّف منها بدعم إحدى العرائض المقدَّمَة. وهذه المسألة لا تحتاج إلى طلبٍ من الحكومات، فمن غير الضروري مثلاً أن تقدّم الحكومة اللبنانية الطلب”.
بدورها، لفتت النائب غادة أيوب إلى أنه “بعد سنتين على انفجار 4 آب أظهرت التجربة والممارسة أنّ الوصول إلى العدالة وإلى الحقيقة يبقى متعذّراً في ظلّ منظومة سياسية تمنع القضاء اللبناني من أن يواصل عمله وفقاً للمطلوب. فهناك قاضٍ حاول ويحاول القيام بتحقيقاته مُنع بعدّة أساليب منها التهديد ومنها عبر وسائل قضائية”.
وأضافت أيوب في حديث لـ”نداء الوطن، أنه “تبيّن من المعطيات والوقائع بأنّنا عندما توجّهنا إلى المحكمة الدولية تمكّنّا من الوصول إلى الحقيقة، ومِن كشف مَن اغتال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، ومَن معه، ومَن قام بعملية الاغتيال. وبالتالي توصّلنا إلى كشف مسار هذه الجريمة. ولذلك، أمام وجود أمر واقع، ودويلة في لبنان، وسلاح غير شرعي يمنع القضاء اللبناني من القيام بعمله المطلوب، لا بدّ من أن نلجأ إلى لجنة تقصّي حقائق بعدما أقفلت الأبواب الداخليّة كلّها”.
على المقلب الآخر، ينتظر لبنان الجواب الاسرائيلي على الطروحات التي نقلها الى تل ابيب من لبنان الوسيطُ الاميركي لترسيم الحدود اموس هوكشتاين، إذ يفترض ان تدرسها اليوم الحكومةُ المصغرة الإسرائيلية. انصرفت المراجع المعنية إلى استكشاف مرحلة ما بعد الإقرار بمبدأ ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، واحداثياته المتفاهَم عليها وما يحول دون الإعلان عن اتفاق نهائي قبل تكريس حق لبنان في المراحل المقبلة وضمان التعاون لإتمامها كاملة، فلا تعطى إسرائيل حق الاستخراج من دون ضمان التنقيب في الجانب اللبناني. واعطيت مهلة أسبوعين على الأكثر لضمان هذه المعادلة سلفاً. وهو ما فرض الحديث عن آلية جديدة على هوكشتاين ضمانها وتأمين ظروف تطبيقها قبل أي توقيع نهائي.
على هذه القاعدة، نشأت المعادلة اللبنانية الجديدة، والتي قالت بـ”التزامن بين الترسيم والتنقيب”، وهي التي حازت على قسم كبير من المناقشات في مختلف محطات هوكشتاين اللبنانية حتى في الاجتماع الموسّع، إذ تظهر موقف لبنان كاملاً وواضحاً.
وانطلاقاً من هذه المعادلة اللبنانية الجديدة تتوقع المراجع الدبلوماسية عبر “الجمهورية” ان “تتشعّب مهمة هوكشتاين في المرحلة المقبلة، فزيارته المباشرة إلى إسرائيل لتقديم العروض اللبنانية الجديدة لا تنهي المشكلة وسيكون عليه ان يدخل بلاده في عملية التفاوض من زاوية أخرى. فالضمانات المطلوبة من لبنان لا توفرها الحكومة الإسرائيلية وحدها، وسيكون على الإدارة الأميركية ان تنغمس أكثر في مهمة هوكشتاين الذي تعهّد بتوفير الضمانات الكافية للبنان ان ارادت حقا ان تقفل هذا الملف.”
وطبعاً، لا يمكننا أن ننسى ملف الاستحقاق الرئاسي الشغل الشاغل المحلي والإقليمي وحتى الدولي. إذ أوضحت مصادر لـ”اللواء” ان “رئيس الجمهورية العتيد لا يمكن ان يأتي خارج المناخات المحيطة بمفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وابرام اتفاق مع صندوق النقد، بالتزامن مع جلاء وضعية ترتيب العلاقات الإقليمية – العربية، ومصير الاتفاق النووي بين طهران وواشنطن.”
وعلمت «اللواء» ان “المفاوضات جدية وتسير بوتيرة عالية، متوقعاً سرعة في التوصل الى اتفاق ترسيم الحدود، على ان يتم التوقيع في الناقورة، وعلى هذا الأساس، ينتقل البحث الجدي الى ترتيبات انتخابات الرئاسة الأولى، التي لا تنفصل عن مجرى الاهتمام الدولي والعربي بلبنان.”
ومع “عجقة” الملفات الحساسة من ترسيم الحدود إلى الاستحقاقات الآتية، يبدو أن النائب المدلل جبران باسيل، لم “يستوعب” أن النهاية ”قرّبت” ولم يعد بإمكانه مسك ذمام الأمور و”أكل البيضا والتقشيرة”. والدليل على ذلك، هجوم الأخير على رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، الذي اعتبرته مصادر” الجمهورية”، “بمثابة تبرير فشل تجربة حكم العهد العوني التي انتهت إلى كارثة الانهيار الحاصل بالبلاد على كل المستويات”، مؤكدة أنها “لن تؤدي الى تبيض صفحة الفريق الرئاسي الذي يقوده النائب جبران باسيل في الأيام القليلة من عمر العهد، ولن تعفيه من مسؤولية هذا الفشل الذريع، مهما تفنن باختراع الحجج والاكاذيب، لان كل شيء واضح للجميع.”
وأشارت مصادر “اللواء” إلى ان “باسيل، ولأول مرة منذ بداية العهد، يجد نفسه غير قادر على توظيف لعبة الابتزاز التي مارسها بجدارة، في تشكيل الحكومات السابقة، لحصد ما يريده من مغانم السلطة، لان العهد في نهايته وأصبح عون بأيامه الأخيرة، يعد العدة للرحيل، والكل لم يعد يحسب حسابه كما في السابق، وينتظرون انتخاب خلف له بأسرع وقت ممكن، بينما يخرج التيار الوطني الحر مثقلاً بالعداوت السياسية، التي اججها رئيسه، وبلا حلفاء فاعلين باستثناء حليفه حزب الله”.