لا باسيل ولا فرنجية… “الحزب” يريده على مثال “الواق واق”

حجم الخط

ما يحدث في بلادنا من عجائب وغرائب، ربما اعتقد بعض من لا يعرف أحوالنا أنه من نسج الخيال، إذ قد لا نجده حتى في جزر الواق واق، التي لم يتم التأكد حتى اليوم ما إذا كانت حقيقية أم خيالية. وهنا المأساة، إذ إن لبنان المتجذر في التاريخ والثقافة والحضارة الإنسانية التي أسهم فيها إسهامات كبرى لا يمحوها الزمن، بات بحكم وقوعه تحت رحمة حكام أوصلوه إلى جهنم، ضائعاً بين الحقيقة والخيال.

وعلى مسافة 8 أيام تفصلنا عن موعد بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يغرق أركان الحكم في سجالات وتقاذف ردحيات من مستوى لا يليق، خصوصاً في ظل أوضاعنا البائسة، بحيث يتوخى كلٌّ منهم رفع المسؤولية عن نفسه عمّا وصلنا إليه، وقذف الآخرين بها”.

وتعتبر مصادر سياسية مطلعة، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “الردحيات التي شهدناها في الساعات الماضية، مضافةً إلى ما يشبهها طوال الأسابيع الماضية، تدلّ بالفعل إلى ما يعتمل في النفوس من جفاء وتباعد بين الأطراف المعنية. بالتالي، يصبح أي كلام عن لقاء قريب بين رئيسَي الجمهورية ميشال عون والمكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، والمساعي لولادة الحكومة العتيدة، وكأنه بلغة (الواق واق) غير المفهومة، والتي لا تقول شيئاً مفيداً، والتائهة قواعدها بين حقيقة وخيال.

ومن يدري، وفق المصادر ذاتها، “لعلَّ الجميع يسلِّم بأن الزمنَ زمنُ فراغ، فتأتي السجالات الحادة لملئه، كتمرينٍ عن فراغٍ أكبر مقبل علينا بعد 31 تشرين الأول المقبل في سدة الرئاسة الأولى. على الرغم من أن كثيرين يعتبرون أن الفراغ قائم منذ نحو ست سنوات وأكثر في قصر بعبدا، إلا ما اتَّصل بمصلحة شخصية من هنا أو تنفيعة من هناك أو صفقة من هنالك”.

أما في ما يتعلق بمصير الاستحقاق الرئاسي، لا ترى المصادر، أن “الخشية من خطوة انقلابية يقدم عليها عون، مثل بقائه في بعبدا ورفضه مغادرة القصر الجمهوري، في حال لم تتشكل حكومة جديدة ولم يُنتخب رئيس جديد للجمهورية، صعبة التحقق بهذا السيناريو. لكن ذلك لا يعني أن عون ووريثه النائب جبران باسيل، رئيس الظل كما يعتبره البعض، لن يقدم على خطوات تصبّ في الاتجاه ذاته وإن بطريقة مختلفة، ما لم يُنتخب باسيل للرئاسة أو يعطى ضمانات حول مستقبله السياسي في المرحلة المقبلة”.

وتعتبر المصادر عينها، التي تحرص على إبقاء خطوط تواصل مع حزب الله، أن “الحزب محرج في هذه الفترة، ويعاني من صعوبة في الاصطفاف مع أحد حليفيه، النائب السابق سليمان فرنجية أو باسيل، ضد الآخر، والاثنان طامحان باستماتة للجلوس على كرسي الرئاسة. فالحزب لا يستطيع من جهة، تمرير انتخاب النائب السابق سليمان فرنجية، نظراً لتمثيله المتهالك كما أثبتت الانتخابات النيابية الأخيرة، في حين أن هناك شبه إجماع، من جهة ثانية، على رفض باسيل من غالبية القوى السياسية والكتل البرلمانية من مشارب مختلفة، بل متناقضة أحياناً”.

وتشدد، على أن “هناك عاملاً لا يجب عدم أخذه في الاعتبار حين نتحدث عن موقف حزب الله. وهو أن الحزب يدرك تماماً أن أي رئيس للجمهورية لصيق به ومحسوبٍ بالكامل عليه، سيرتد مزيداً من العزلة والانهيار على البلد، اللذين سيتحمَّل المسؤولية المباشرة عنهما. بالتالي، هو يريد رئيساً لا يعاديه بطبيعة الحال، ويمكنه في الوقت ذاته التحدث مع العالم والعرب لإسناد لبنان في المرحلة المقبلة، وإلا فالبلد سينفجر بين يديه وتقع كل المسؤولية عليه. وهذه المواصفات لا تنطبق، لا على فرنجية ولا على باسيل”.

وبرأي المصادر، أن “تريُّث الحزب في إعلان موقفه من دعم هذا المرشح أو ذاك، قد لا يكون بعيداً عن هذه الاعتبارات، وربما يكون مرشحه الفعلي أبعد من باسيل وفرنجية، ولن يكشف عنه اليوم بالتأكيد بانتظار التطورات وما ستنتجه من وقائع ومعادلات. وبين المزح والجدّ، لعلّ الحزب يريد رئيساً على مثال (الواق واق)، بين الحقيقة والخيال، ويسهل التحكُّم به بحسب سياسات الحزب ومشروعه”.

أضف إلى كل هذه العوامل، وفق المصادر نفسها، “حزب الله يدرك تبدل الوضع بعد الانتخابات النيابية الأخيرة وما أفرزته من واقع برلماني مختلف عن السابق، مهما كانت التعديلات طفيفة، لكنها واقعة لا يمكنه تخطيها بسهولة، وهو يحاول إيجاد أفضل طريقة لاستيعابها وتحويلها لمصلحته. بالإضافة إلى العامل الأساسي الذي تشكّله بكركي في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسيّ، كقوة أساسية لا يمكن تجاوزها، والتي تطرح مواصفات لرئيس الجمهورية على نقيض مما يخطط له الحزب”.

وتلفت، إلى “ما ورد في عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الأحد منذ يومين، وتساؤله، (هل هي المرحلة النهائية في مخطط تغيير النظام والانقلاب على الطائف وإسقاط الدولة؟ لا يظنَّنَّ أحد بأن الأمر بهذه السهولة. وليتذكر الجميع أن رئاسة الجمهورية هي ركيزة نشوء الكيان اللبناني ورمز وحدة لبنان. فبدون رئيس لا رمز ولا وحدة لبنانية. برئيس يكون على مستوى الكيان والشعب والرمزية الوطنية، يبعث روح النهضة بالشعب ويرسم حدود الدولة ليس مع الدول المحيطة بلبنان فقط، بل مع قوى لبنانية تتصرف كأن لا منعة ولا حدود ولا كرامة للدولة والشرعية والجيش)”.

وتنصح المصادر المطلعة، البعض، بـ”أخذ كلام الراعي بمدلولاته العميقة الخطرة، وعدم الانزلاق إلى خطوات قد لا ينفع ندمه عليها لاحقاً، خصوصاً أنه يلقى صدى وتأييداً لدى كتل برلمانية سيادية أساسية، فضلاً عن قبول لدى بعض النواب الجدد والمستقلين. علماً أن التواصل بين المجموعات الأخيرة في تحسُّن مضطرد، وقد نكون قريبين من إعلان شيء ما على هذا الصعيد، يطرح تصوُّراً معيّناً لمسار يمكن الالتقاء حوله””.

وتحذّر، من أننا “أمام شهرين شديدي الصعوبة. وفي حال لم تثابر قوى المعارضة على المسار ذاته وخوض الاستحقاق الرئاسي بوحدة موقف، لن ينفع الندم لاحقاً. والنتيجة ستكون كارثية، بحيث يمكن القول إنه على الرغم مما بلغته الأزمة الاقتصادية والمعيشية، لم نشهد الأصعب بعد”.

أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية     ​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانبة

خبر عاجل