“مرقة طريق”، لياقةً وبروتوكولاً، شاءها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي إلى بعبدا، للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون، واستئذانه عشية رحلته إلى لندن للمشاركة في جنازة الملكة إليزابيت. وربما، (فرد مرة)، حول رحلته التالية إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
ومن الأفضل ألا يستفيض المتفائلون بلقاء الرجلين في تفاؤلهم، حول فتح ثغرة في جدار تشكيل الحكومة العتيدة، وبناء آمال، أقرب إلى الأوهام، على قول ميقاتي إثر اللقاء، أن “المرة الجايه، لو بدّي ضل نايم ببعبدا، مش رح فل إلا ما تتألف حكومة”. فلا دخان أبيض فوق بعبدا ينبئ بولادة “حكومة مستحيلة”، وأي دخان قد يتراءى للبعض، ربما يكون دخان معمل الزوق الحراري الأسود، بعدما دفعته الرياح صوب القصر الغارق في الظلام والظلمة منذ نحو 6 سنوات.
ويؤكد، المحلل السياسي جوني منير، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “كلام ميقاتي إثر انتهاء لقائه مع عون لا يمكن تحميله الكثير. فهو أراد أن يقول إن موقفه إيجابي ويريد حكومة جديدة، لكنه غير مسؤول عن العراقيل الموضوعة في طريق تشكيلها”.
ويوضح، أن “المشكلة العالقة بين الطرفين تتمحور حول: وجود طرف يريد تشكيل حكومة مع إضافة ستة وزراء دولة فتصبح ثلاثينية، بما يمكّنه من الحصول منفرداً على ثلث معطَّل فيها، وهو طرف رئيس الجمهورية ميشال عون.
وطرف آخر، يرفض رفضاً قاطعاً هذا الطرح، مع عدم ممانعته بتعديل وزاري حول حقيبتين مثلاً أو أكثر، ويبدي ليونة في تسمية الوزراء المستبدلين. أو بإعادة تجديد شباب حكومة تصريف الأعمال الحالية، من خلال الذهاب بها كما هي إلى مجلس النواب لنيل الثقة”.
ويلفت منير، إلى أن “حزب الله لا يمانع في الطرح الأخير، لكن عون لا يقبل به بأي شكل، لأنه يريد حكومة جديدة يضمن فيها الثلث المعطل للنائب جبران باسيل في المرحلة المقبلة في حال الشغور الرئاسي. وذلك انطلاقاً من أنه بإضافة ستة وزراء دولة إلى الحكومة يستطيع أن يؤمِّن الثلث المعطل، لأنه يعيّن ثلاثة مسيحيين من بينهم بمفرده، فيما كل الأطراف الباقين يتقاسمون الوزراء المسلمين الثلاثة”.
ويشدد، على أن “باسيل يصرّ على ثلث معطل بمفرده من دون مشاركة مع أحد، لأنه يريد إطالة أمد الفراغ الرئاسي وإثارة أزمات، بهدف استخدام كل ذلك كوسيلة ليحسِّن أوراقه ومعاودة إحياء حظوظه في السباق الرئاسي. ويريد ثلثاً معطلاً صافياً له، لأنه يخشى ويتوجَّس من أن حزب الله قد يتخطاه في حال الدخول في أي تسوية إقليمية دولية ما”.
من هنا، وفق منير، “استماتة باسيل لتشكيل حكومة جديدة يمتلك فيها الثلث المعطل بمفرده من دون تأثير لأي طرف آخر، لأنه يريد إجراء تعيينات في مراكز حساسة، وإطاحة قائد الجيش جوزيف عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، وغيرهم، واستبدالهم بشخصيات تدين بالولاء الصافي له”.
ويؤكد منير، أن “كلام ميقاتي الإيجابي من بعبدا بالأمس، لا يعني أبداً أنه يوافق على مطالب عون وباسيل بإضافة ستة وزراء دولة، فهذا الأمر مستحيل وخط أحمر لن يوافق عليه ميقاتي، ولا حتى المهتمين بالشأن اللبناني على المستوى الدولي”.
ويشدد، على أن “الدول المهتمة بلبنان تعلم أنه في حال تمكَّن باسيل من الثلث المعطل، سيدفع إلى إطالة أمد الفراغ من أجل إزالة العقوبات عنه خلال هذا الوقت، ومعاودة طرح نفسه لرئاسة الجمهورية”، مؤكداً أن “كل هذا السيناريو خياليّ وغير وارد على الإطلاق، لكن هذا ما يريده ويتأمّله باسيل”.
ويضيف، “لا أحد في الداخل أو في الخارج، يقبل بإعطاء باسيل الثلث المعطل. وحتى حزب الله، من الواضح أنه لا يقف بشكل صلب ومتين إلى جانبه ولا يجاريه في ما يطالب به، وهذا لوحده يكفي ويعني ما يعنيه. بالتالي، لا حكومة، لأن لا عون يقبل بتوقيع مرسوم حكومة لا يملك فيها ثلثاً معطلاً، ولا الآخرين يقبلون بتشكيل حكومة مع ستة وزراء دولة تمنح عون وباسيل الثلث المعطل”.
ويرى منير، أن “عون يفضِّل بقاء حكومة تصريف الأعمال القائمة، في حال عدم حصوله على الثلث المعطل في حكومة جديدة، لأن الحالية تمنحه مادة للاستخدام، من أجل أن يتمكَّن من إطلاق النار عليها في مرحلة الفراغ، على خلفية أنها حكومة غير شرعية وغير دستورية وما شابه، وله سوابق في هذا السياق”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية