الدولار ينهك “دار الختيار”… “آخرتنا بشعة”

حجم الخط

تربينا على مقولة شهيرة رددها كبارنا، “خبّي قرشك الأبيض ليومك الأسود”. وها نحن اليوم نعيش أياماً سوداء والقرش بات دولاراً متحركاً بأسعار عدة. مشاهد مأسوية في شوارع وطرقات لبنان، عجائز، منهم من يتسول للقمة عيشه، وآخر “يتاجر” بعبوات محارم بحثاً عن ثمن الدواء. أما من لا يزال يعيش تحت سقف منزل، فيطلب من أولاده بخجل تأمين قيمة الايجار بالدولار.

وهناك بعض الحالات التي تفرض على الأبناء، بحكم عملهم، تسجيل آبائهم وأمهاتهم في دار العجزة حيث هناك من يهتم بهم ويرعاهم صحياً. لكن حتى هذا المكان المُطمْئِن بات يقلق الأهالي، مع ارتفاع السعر مقابل الخدمات. و”المأوى” ليس بدائرة اللوم والاتهام، فالكهرباء، والطعام، والمعدات، والدواء طبعاً ليس “بالليرة” والدولة “بغير عالم”.

الوضع لا يُحتمل، وفقاً لمسؤولة عن دار عجزة متعاقد مع وزارة الشؤون الاجتماعية، مضيفة، “وزارة الشؤون كفت يدها عن كل المساعدات والمستحقات منذ العام 2019”. وتقول، في حديث لموقع “القوات”، إن “الدار بلا الكهرباء منذ 15 يوماً، ولا أحد يقدم لنا مادة المازوت لتلبية حاجة المركز، ولا حتى الطعام والدواء”.

وتسأل، “كيف يمكننا الاستمرار من دون بديل؟ هناك عائلات لا تدفع الأقساط الشهرية، ونحن نتحدث هنا عن 30 عجوزاً من أصل 60، أي 50% من الموجودين في المأوى على حسابنا”. وتوضح، “حاولنا منذ العام 2019 رفع التعرفة من 500 ألف إلى مليون ليرة، واليوم أصبحت 100 دولار و3 مليون ليرة، وأيضاً لا يكفي مقابل المصاريف الهائلة من طعام ودواء ولوازم طبية وغيرها”. وتكشف عن أن “850 مليون ليرة من المستحقات لم تدفعها وزارة الشؤون وعندما نعلّي الصوت يأتينا الجواب: دبروا راسكن سكروا. وماذا نفعل بالعجزة إذا أقفلنا؟”، مضيفة، “واليوم نتّكل على تبرعات الأفراد لأن المنظمات لا تدعم مشاريع المسنين للأسف، على الرغم من وجود مشاريع للمدارس والأطفال واللاجئين وبكثرة”.

وتشرح المسؤولة عن مساعدات الوزارة، “الدولة تحسب أن العجوز يكلفنا 18 ألف ليرة يومياً، وهذا مبلغ بعيد من الواقع ولا يشتري ربطة خبز، وأصلاً لا تدفعها، مع العلم أن كل فرد في الدار لديه وضعه الصحي الخاص، فمنهم من يتناول الكثير من الأدوية المكلفة ومنهم من يحتاج إلى الأكسجين”. أما من الناحية الأخلاقية، تؤكد المسؤولة أن “هناك عائلات لا تزور المسنين لأشهر ولا تسأل عنهم أبداً وذلك يشكل ضرراً معنوياً كبيراً لنا وللعجزة، وأصبحنا نحن أهلهم”.

مقابل هذه المشاكل، نشأت جمعية خيرية لا تبغي الربح اسمها “Canne et Coeur”، تأسست العام 2005 وهدفها مساعدة كبار السن بطريقة جديدة تبقيهم في بيئتهم وبيتهم. رئيسة الجمعية مايا بيروتي بواري، توضح، في حديث لموقع “القوات”، أن “الجمعية تهتم بالعجوز مثلما تهتم دور الحضانة بالأطفال، فهناك باص ينقلهم من بيوتهم إلى المركز في صربا لنهتم بهم. نطعمهم ونوفر لهم جواً مرحاً وترفيهياً من خلال الموسيقى أو لعب الورق وغيرها”.

من الناحية الصحية، توضح بواري أن “هناك طبيباً يكشف على العجزة أسبوعياً ويصف الدواء لكي نؤمنه لهم من دون مقابل”. وتلفت إلى أننا “متكّلون على مساعدات وتبرعات أصدقاء الجمعية، ودور المغتربين حاضر ويساهمون مادياً ومعنوياً”. وتشير بواري إلى أن “فكرة الجمعية نتجت عن شعور كبير السن بأنه في بيته وبقي في بيئته بدلاً من اللجوء إلى دار العجزة”.​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل