الولاية العتيدة وتحديات الضرورة

حجم الخط

كتب بشارة خيرالله في “المسيرة” – العدد 1733

قد يمكن أن يكون الرئيس العتيد كمثل جائزة اليانصيب الوطني اللبناني، يربحها لبنان وشعبه في غفلة من الزمن، وقد نشهد انتخاب رئيس – أفضل الممكن، بفعل التوازنات والفيتوهات القادرة على عدم تأمين نصاب جلسة انتخاب الرئيس الحلم، لكن الأكيد المؤكد أن أي رئيس، حتى لو كان أضعف الضعفاء وأكسل رفاق صفِّه والأقل خبرة وذكاءً من أصغر رئيس لجنة بناية في أفقر حيّ، سوف يكون أفضل من ذاك الذي بدأت ولايته سنة 2016 بعد احتجاز الدستور لسنتين ونيّف، وانتهت الست العجاف بعد خطفه ومحاولة «تقويله» ما لم يقله يومًا واستبداله بنظام الهرطقة والبلطجة.

إن كاتب هذه السطور سبق أن قال ذات مرة قبل حلول الكارثة سنة 2016، إن الشغور الرئاسي مرفوض وأي رئيس أفضل من شغور الكرسي لصالح الـ»24 رئيسًا» في مجلس الوزراء، لكن الشغور أو حتى «الفراغ» كما يسمّيه البعض عن غير وجه حق، هو حتمًا أفضل من رئيس يسخِّر قدراته للشر، ويرتضي للبنان التعطيل وتبعاته الإنهيارية على قاعدة «لعيون صهري ما تتألف حكومة»، ثم، «أنا أو لا رئيس»..

لا يعني هذا الكلام أننا نريد رئيسًا «كيف ما كان»، الرئيس المرتجى هو الرئيس الذي قرأ كتاب نيكولو مكيافيلي (الأمير)، لكنه لم يعمل بإرشاداته طيلة ممارسته الحياة العملية أو من خلال مسيرته السياسية. وعليه، من واجب المعنيين بالانتخاب التدقيق جيدًا والتأكد سلفًا أنه سوف يرفض تطبيق النظرية المكيافيلية بعد دخوله القصر الرئاسي على عكس سلفه غير الصالح الذي يستحق جائزة «الأمير» لأفضل حاكم قرأ الكتاب وطبقه بحرفيته.

الولاية الرئاسية العتيدة هي جزء لا يتجزأ من عهد ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، مع ما يستتبعها من إجراءات وملاحق، من فتح الحقول النفطية إلى تلزيم الشركات ثم بدء الإستخراج، والكثير من الأمور المصيرية الهامة، وهذا ما يتطلب من الكتل النيابية الناخبة الأخذ بعين الإعتبار أهمية وطنية ودهاء ودستورية واستقامة وعنفوان وثقافة ونبل وحكمة الرئيس العتيد لكي يستطيع مواكبة أعمال مجلس الوزراء المطلوب بدوره ان يتكون من ذوي المعرفة والسمعة الحسنة والدينامية والحس السياسي والقدرة على اتخاذ القرار.

الولاية الرئاسية العتيدة هي جزء لا يتجزأ من عهد ترسيم الحدود البرية بين لبنان وسوريا، وهذا ما يتطلب حكمًا، الإبقاء على المعابر الشرعية دون سواها، وعدم القبول بأي إستثناء لأي فصيل تحت أي حجة، لضمان عملية الدخول والخروج بين البلدين والبدء الفوري بإعادة النازحين إلى ديارهم سالمين.

الولاية الرئاسية العتيدة هي جزء لا يتجزأ من عهد وضع ملف السلاح غير الشرعي على طاولة التنفيذ، عبر مصارحة الفريق المسلح بأن سلاحه الذي تسبب بكل هذه الإنهيارات، لا يُمكن أن يكون عامل طمأنة بعد اليوم ومن الضروري والملح البدء بعملية طوعية لتسليمه إلى الجيش اللبناني أو إعادته من حيث أتى، ضمن استراتيجية دفاعية سريعة التطبيق.

الولاية الرئاسية العتيدة هي جزء لا يتجزأ من عهد تصحيح السياسة الخارجية وإعادة لبنان إلى حاضنته العربية، وهي أساس عودة السياحة إلى سابق مجدها، والدورة الاقتصادية إلى سابق عهدها.. والعودة الضرورية هذه، تتطلب العودة إلى قراءة بنود «إعلان بعبدا» وتطبيقها بندًا بندًا، لأنه بكل بساطة، يُشكِّل خارطة طريق الإنقاذ، ويؤمن الحماية المطلوبة للدستور اللبناني (إتفاق الطائف)، مع ما توفر هذه الحماية من رخاء على الصعد كافة، تنتظم من خلاله المؤسسات وتعود الحياة الطبيعية من البوابة الخارجية (وما أدراك)، من بوابة البلدان الصديقة المحبة للبنان وشعبه، تلك التي احترمت قرار تحييده على صراعات المحاور ودعمته في المحافل الدولية حتى صار وثيقة أممية، وهي التي اعترضت على زجِّه في أتون صراعات المحاور واستعماله ساحة ومنصة لاستهدافها خلافًا لرغبة السواد الأعظم من اللبنانيين.

نريد رئيسًا أخذ العبرة من تجارب أسلافه الـ13، ويا للصدفة أن الولاية الحالية تحمل الرقم المنحوس.. نريد رئيسًا فيه القليل من وطنية بشارة الخوري ومن دهاء كميل شمعون ومن دستورية فؤاد شهاب ومن استقامة الياس سركيس ومن عنفوان بشير الجميل ومن ثقافة أمين الجميل ومن نبل رينيه معوض ومن حكمة ميشال سليمان.

للإشتراك في “المسيرة” Online:

http://www.almassira.com/subscription/signup/index

from Australia: 0415311113 or: [email protected]

المصدر:
المسيرة

خبر عاجل