كتبت غرازييلا فخري في “المسيرة” – العدد 1733
من لبنان الى أستراليا حمل عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب أنطوان حبشي وجع أهله ووطنه وهمومهم بين يديه، باحثاً عن سبل جديدة للمساعدة، شارحاً معاناة اللبنانيين في دولةٍ تعيش فساداً مستشرياً وسيادةً مغتصبةً، من قبل منظومة حاكمة قائمة على معادلة الفساد يغطي السلاح غير الشرعي والعكس صحيح، مما انفجر أزمة معيشية واقتصادية حادة.
خمسة عشر يوماً أمضاها حبشي متنقلاً بين أربع محطات طبعت زيارته من ملبورن الى سيدني مروراً ببريزبن والعاصمة كانبرا من دون تعبٍ أو كللٍ، واصلاً الليل بالنهار، إلتقى خلالها أبناء الجاليتين اللبنانية والعربية ومسؤولين في البرلمان والحكومة الأستراليين، وعدداً كبيراً من السفراء العرب والأجانب والرفاق في حزب “القوات اللبنانية”، يرافقه في جولته وفد قواتي ضم منسق “القوات” في أستراليا طوني عبيد، ومسؤول العلاقات العامة داني جعجع، ورؤساء وعدد من أعضاء مراكز “القوات” في المدن الأسترالية التي زارها.
تنوّعت زيارة حبشي الأسترالية المزدحمة باللقاءات الدسمة والمواعيد والزيارات بين حزبية وسياسية ودينية وتربوية واجتماعية وإنمائية. وتميّزت بهدفين أساسيين، يقول حبشي لـ”المسيرة”: الأول هو التواصل مع الجالية اللبنانية ومن ضمنها أبناء منطقة بعلبك الهرمل، لشكرهم على المجهود الجبّار الذي بذلوه في الانتخابات النيابية الأخيرة، وعلى ما يقومون به تجاه وطنهم من خلال دعم أهلهم في لبنان على كافة الصعد المعيشية والإجتماعية والصحية والتربوية، ولحثهم على متابعة مساعدتهم لأنهم يخدمون بلدهم الأم أكثر من بعض المسؤولين اللبنانيين الموجودين فيه والذين يتآمرون على وجوده. ولفت الى التأثير الواضح للإغتراب في نتيجة الانتخابات النيابية الأخيرة على الرغم من كل العراقيل والشوائب التي تخللتها، معتبرًا أن الأهمية تكمن اليوم في الإستحقاقات الدستورية التي تتوالى وعلى رأسها انتخابات رئاسة الجمهورية لكونها رافعة إستعادة الشرعية، فالرئيس السيادي مع حكومة سيادية هما الأولى في إنقاذ لبنان الدولة والكيان.
وهنا، لا بد من الإشارة، بحسب حبشي، الى الهاجس الكبير الذي يرافق المغتربين حول متى ستنتظم الأمور في لبنان كما الحال في أستراليا، ويصبح فيه دولة بالمعنى الفعلي، دولة قانون ومؤسسات لها سيادتها الفعلية على قراراتها، مما يسمح بإنقاذ لبنان من أزماته التي يعيشها وكسر عزلته العربية والدولية.
الهدف الثاني من الزيارة، يتابع حبشي، التواصل السياسي مع الهيئات السياسية الأسترالية الرسمية، حيث التقى عدداً من نظرائه في البرلمان الأسترالي على رأسهم رئيس البرلمان التشريعي لولاية فيكتوريا اللبناني الأصل نزيه الأسمر، والنائب في البرلمان الأسترالي والوزيرة السابقة في الحكومة الأسترالية مارلين كيروز، والنائب اللبناني الأصل سيزار ملحم، والناطقة الرسمية بإسم البرلمان الفيكتوري ماري إدوارد، وعضو البرلمان الأسترالي دايفيد سميث، والسيناتور عن ولاية كوينزلاند بول سكار، وعميد القناصل فيها دانيال غشويند، بالإضافة الى مشاركة عدد كبير من السفراء العرب والدبلوماسيين الأجانب وقياديين من الأحزاب والتيارات السياسية اللبنانية. وكانت لقاءات ودعوات على مآدب أُقيمت على شرفه، حيث ناقش معهم الأوضاع والعلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، وشرح لهم نظرته للأوضاع العامة في لبنان وسبل التعاون والمساعدة لتخطي الأزمة القائمة وتداعياتها، والسياسة التي تتبعها “القوات اللبنانية” والسبل التي ستعتمدها للخروج من الأزمة التي نعيشها، وكيفية الإستفادة من خبرات ومساهمة المغتربين الفعّالة لتطوير وازدهار المجتمع اللبناني عامة ومنطقة بعلبك الهرمل خاصة، عبر إيجاد قنوات جديدة من خلال علاقات المغتربين مع الحكومة الأسترالية والجمعيات والمجتمع الأهلي الأسترالي.
الهاجس التربوي كانت له حصة كبيرة في جولة حبشي الأسترالية ومحطة أساسية في جدول أعماله، حيث زار عدداً من المؤسسات التربوية اللبنانية واطلع على رسالتها في تكوين الهوية الثقافية لأبناء الجالية اللبنانية، وأجرى خلالها لقاءات مفتوحة وجلسات حوارية مع الطلاب شارحاً لهم نشأة لبنان التاريخية والمقاومة اللبنانية فيه عبر التاريخ الى يومنا هذا، مسقطاً هذه المرحلة على الوضع العام في لبنان اليوم لفهم أبعاد الأزمة الوجودية فيه. و”لمسنا إهتماماً كبيراً من قبل الطلاب بمستقبل بلدهم الأم لأنهم يريدون العودة إليه يوماً ما”، يقول حبشي.
أما بالنسبة للجو العام الذي رافق الزيارة، فيؤكد أنه لدى المغتربين تعطشاً للحديث عن المسألة السياسية ومعرفة كيف سيكون مستقبل لبنان في ظل الإستحقاقات الدستورية القادمة، لأنهم يريدون المشاركة في تقرير مصيره، خصوصًا أنهم يعيشون بقلبهم وعقلهم وضع أهلهم فيه بأدق تفاصيل الحياة اليومية اللبنانية، لذلك كان التفاعل الإغترابي مع هذه الزيارة إيجابياً جداً على جميع المستويات. وهنا لا بد من شكرهم فرداً فرداً على حفاوة إستقبالهم ومحبتهم وعملهم على إنجاح هذه الزيارة بكل تفاصيلها.
والسؤال البدهي الذي يُطرح: كيف ستُترجم نتائج هذه الزيارة عملياً على أرض الواقع؟ يجيب حبشي “هذا الأمر سيُتابع بشكل جدي لكنه سيأخذ بعض الوقت لأنه سيتم بطريقة تقنية من خلال جمعيات أهلية ومنظمات حكومية بغية الحصول على مشاريع إنمائية في لبنان عامة وفي منطقة بعلبك الهرمل خاصةً، من هنا كان اللقاء مع عدد من الجمعيات الفاعلة.
إنتهت الزيارة، عاد النائب حبشي الى لبنان ليبقى الوطن في أرض يزرعها المنتشرون قيمًا وأصالة وحنيناً وصدى لأغنية “سنرجع يومًا”!
عبيد: “القوات” أكثر الأحزاب تنظيمًا في الإنتشار
يرى منسق حزب “القوات اللبنانية” في أستراليا طوني عبيد أن أكثر حزب منظم في الإنتشار هو حزب “القوات”، ويقول: “نحن لدينا مركز في كل ولاية يُكلّف من قبل المنسقية القيام بتحضيرات لأية مناسبة أو حدث. وهذا ما حصل في زيارة النائب أنطوان حبشي الى أستراليا، التي طلبتها من القيادة في لبنان بعد الانتخابات النيابية، وما جرى فيها من إستهداف له، ما جعلها معركة لافتة بشكل كبير”.
يضيف عبيد: “هذه الزيارة هي الثالثة للنائب حبشي إلى أستراليا، والناس هنا يتابعونه بإستمرار إن عبر وسائل الإعلام اللبنانية أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وهم على إلمام بالأزمة اللبنانية ولديهم عطش كبير لمعرفة تفاصيلها، وهذا ما شرحه لهم بوضوح وموضوعية مجيباً على الأسئلة والهواجس، مناقشاً سبل الخروج منها ومن تداعياتها. وهذا الأمر ترك أثراً إيجابياً كبيراً داخل مجتمع الجالية اللبنانية هنا، التي لاحظت الفرق بين نوعية نواب تكتل “الجمهورية القوية” وبين نواب وسياسيي الأفرقاء الآخرين. لذلك فإنهم يطالبون اليوم بوصول الدكتور سمير جعجع الى رئاسة الجمهورية مع الفريق العامل معه، لأنهم يعتبرون أن لا أحد سواه قادر على إنقاذ لبنان، وهذا الأمر لا نطرحه نحن كقواتيين فقط ولكن أكثر الموجودين هنا من مختلف الطوائف والأطياف ويجمعون على هذه الفكرة، وإلا فإن لبنان لن يرى نهاية النفق المظلم الذي يمر به. فالمغترب اليوم يريد رئيساً يحافظ على سيادة البلد، ويعمل على تحسين الوضع العام فيه، يستطيع إغلاق المعابر غير الشرعية وإيقاف التهريب، وترسيم الحدود، ويعمل على نزع سلاح “حزب الله” وحصره بيد الجيش، وأن يعيد الحياة الى طبيعتها فيه بحيث يستطيع المريض الدخول الى المستشفى للمعالجة وأن يجد دواءه، وأن يعمل على إيجاد فرص عمل للبنانيين، وغيرها من الأمور التي تسمح لهم بالعيش بكرامة”.
عبيد لفت الى مطالبة المنتشرين النائب حبشي بإعادة تفعيل العمل بموضوع “العودة الى الجذور” الذي أطلقه من قبل، فالكثيرون لا يحملون الجنسية اللبنانية لأنهم موجودون هنا منذ مدة طويلة، وجوازات سفرهم اللبنانية منتهية الصلاحية، لذلك يجب إيجاد حل لهم إن عبر تصحيح موضوع الهويات أو عبر استصدار بطاقة انتخابية للمنتشرين، لأنهم يريدون المشاركة في تقرير مصير بلدهم الأم عبر المشاركة بالانتخابات النيابية القادمة، كما يريدون أن يحافظوا على أصواتهم في صناديق الإقتراع عبر المطالبة بفرز هذه الأصوات في مراكز الإقتراع في الخارج من دون نقلها الى لبنان لضمان وصول الصوت الإغترابي بأمانة بعيداً عن تبديله وتزويره.
جعجع: سيناتور أسترالي لـ حبشي: لقد ألهمني خطابك
يؤكد مسؤول العلاقات العامة في منسقية أستراليا داني جعجع أن زيارة النائب أنطوان حبشي شدّت العصب الحزبي عند الرفاق وسمحت لهم بالإطلاع الى حقيقة الوضع اللبناني، وأعطت نشاطاً وحماسة لعملهم خصوصًا بعد غياب النشاطات الحزبية خلال فترة وباء كورونا، كما حركت الحس الوطني لدى المغتربين وحمّستهم للبقاء متفاعلين ومهتمين بما يجري في لبنان وحثتهم للتمسك به وبأرضهم، خاصة بعد أن عرض النائب حبشي واقع المعركة الانتخابية التي خاضها في بعلبك الهرمل وما رافقها من إستهدافٍ له ولحزب “القوات” في المنطقة.
ولفت الى أن الزيارة كانت ناجحة على كل الأصعدة، وقد التقى خلالها الدكتور حبشي حوالى 7 الآف شخص في الولايات الأربع التي زارها، وكانت لقاءاته مع السياسيين الأستراليين أكثر من ممتازة، وترك عندهم إنطباعاً جيداً جداً، حتى أن أحد السيناتورات الذي كان موجوداً في أحد اللقاءات قال له بالحرف بعد أن أنهى كلمته “لقد ألهمني خطابك”.
وداد رحمة: زيارة شدّ عصب واستنهاض
شكلت زيارة النائب أنطوان حبشي الى أستراليا نهضة كبيرة وغيّرت من النظرة السلبية تجاه حزب “القوات اللبنانية” بشكل كبير جداً، هذا ما تؤكده رئيسة مركز “القوات” في كانبرا وداد رحمه، خصوصًا أن أغلبية أبناء الجالية اللبنانية الموجودة في كانبرا هي من منطقة بعلبك الهرمل، وعدد كبير منهم لم يشاركوا بالتصويت في الانتخابات النيابية الأخيرة بسبب إنعدام ثقتهم بالنتائج. لكن بعد لقائهم النائب حبشي الذي تبادل معهم الحديث والأفكار تغيّرت نظرتهم وفهمهم لواقع الحال اللبناني عامة وخصوصية منطقة بعلبك الهرمل، مما دفعهم الى التفكير جدياً بالتسجيل والمشاركة في الانتخابات النيابية القادمة، وتسجيل أبنائهم غير المسجلين في السفارة اللبنانية لإستصدار هويات لبنانية لهم.
كما ان إنفتاح الدكتور حبشي على كافة الأطياف والأحزاب والتيارات السياسية اللبنانية ترك أثراً إيجابياً لا يمكن تجاهله. تكمل رحمه، كذلك الأمر بالنسبة للقائه السفراء العرب الذي كان أكثر من ممتاز خاصة مع عميد السلك الدبلوماسي السفير الأردني علي كريشان الذي هنأ “القوات اللبنانية” بالنائب حبشي.
وتمنّت رحمه من موقعها كرئيسة لمركز “القوات” في كانبرا أن “يتمتع كل نوابنا القواتيين بالإنفتاح على كل الأطراف السياسية والدينية وإيصال صورة “القوات” الحقيقية كما أوصلها الدكتور حبشي”. وطلبت أن تلحظ القيادة في المرة القادمة عند زيارة أي نائب قواتي الى أستراليا إطالة المدة الزمينة لزيارته لكانبرا لأنها العاصمة ويوجد فيها مقرات إقامة جميع السفارات والدبلوماسيين، لأن الوقت المعطى لزيارة النائب حبشي كان قصيراً للغاية لم يسمح بإجراء المزيد من اللقاءات السياسية والدبلوماسية.
ملحم: الإنتشار في حاجة لهذا النوع من التواصل
على المستوى الحزبي، الجميع هنا كان متشوّقاً للقاء رفيق مناضل بمستوى النائب أنطوان حبشي، بحسب ما يقول رئيس مركز “القوات اللبنانية” في ملبورن إيليا ملحم، كذلك الأمر بالنسبة للمناصرين بخاصة أنهم يتابعون نشاطاته وأخباره دائماً. حتى على المستوى الكنسي كانت للنائب حبشي لقاءات عديدة مع المسؤولين الروحيين في الطوائف المسيحية على رأسهم المطران أنطوان طربيه وبعض رجال الدين من الطائفة السنيّة الكريمة، بالإضافة الى الزيارات والمحاضرات العديدة التي قام بها في ملبورن مما ترك إنطباعاً إيجابياً لا نزال نلمس أثره المستمر الى الآن في الأحاديث التي تدور بين أبناء الجالية المعجبين بإلمامه الفكري والسياسي والحزبي، والجاليات في الإنتشار بحاجة ماسة ودائمة لهذا النوع من التوعية الوطنية والحزبية لتعزيز روابط الوصل بين لبنان المقيم ولبنان المغترب.
فخري: كنا متعطشين للقاء مماثل!
التغطية الإعلامية التي رافقت زيارة النائب أنطوان حبشي، تُظهر أهمية الزيارة وأثرها الإيجابي الذي تركته في المجتمع اللبناني الأسترالي يقول رئيس مركز “القوات” في سيدني شربل فخري، وهذا الأمر يعود الى عاملين أساسيين: أولاً شخصية الدكتور حبشي المنفتحة على الجميع، وطريقة الحديث وسرده للوقائع المتعلقة بأي موضوع أكان سياسياً أو حزبياً أو إجتماعياً واضحة وسهلة تسمح له بإيصال الأفكار بطريقة مفهومة للجميع، وهذا ليس رأينا نحن كقواتيين ملتزمين فقط وإنما هو أيضاً رأي المسؤولين في الأحزاب الأخرى التي التقاها خلال زيارته.
أما السبب الثاني بحسب فخري، فيعود الى أنه منذ فترة طويلة لم يأتِ سياسيون من لبنان للقاء الجالية هنا بسبب الحجر الذي فُرض خلال الكورونا والوضع اللبناني العام، لذلك كان هناك عطش لهذا اللقاء ولسماع ما سمعناه من النائب حبشي.
كما أن الإجتماعات التي عقدها الدكتور حبشي مع السياسيين الأستراليين حسّنت كثيراً في العلاقة وسهّلت لنا كثيراً التعاطي ومتابعة العمل معهم. بالإضافة الى شد عصب المساعدات وتنشيطه إن على مستوى فردي أو عبر الجمعيات هنا.
روجيه رحمة: وضع الإصبع على الجرح
وضع النائب أنطوان حبشي الإصبع على الجرح عندما شرح حقيقة الوضع في لبنان سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، يقول روجيه رحمه رئيس مركز “القوات” في بريزبن، فالفساد المستشري والسلاح غير الشرعي أحد أهم الأسباب لأزمة لبنان. وعرض الدكتور حبشي لحلول عديدة ولكنها لن تحدث بعصا سحرية، بل هي بحاجة الى خارطة طريق وعمل دؤوب ومتواصل لحلها. الى ذلك، شكل النائب حبشي حالة خاصة جمعت حوله ليس فقط القواتيين والمناصرين وأبناء منطقته بل من كل لبنان ومن جميع الطوائف وترك اثراً إيجابياً ملحوظاً.
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]