كتبت جوزفين حبشي في “المسيرة” – العدد 1733
مع بدء تشرين الأول 2022، نكون قد دخلنا في الشهر الأخير من أسوأ عهد رئاسي مرّ على لبنان وأفشله تمامًا. لن نعدد سيئاته وكوارثه على الوطن والمواطنين، التاريخ يشهد. سنكتفي بتعداد بعض أفضل الأفلام السينمائية التي روت بعض أسوأ العهود في العالم، و»أظلم» الرؤساء الذين جرّوا الويلات على شعوبهم. أفلام فاز بعضها بجوائز عالمية، وربما، في حال قام لاحقاً أحد المنتجين والمخرجين اللبنانيين بإعداد فيلم سينمائي عن «أسوأ عهد مر على لبنان»، قد يكون هناك أمل في أن يحقق هذا العهد إنجازه الوحيد. «إنجاز» فوز لبنان بجائزة الأوسكار للمرة الأولى عن فئة «أكثر الأفلام الكارثية بشاعة». وفي الإنتظار، سنضيء (على رغم الكهرباء المنقرضة في لبنان) على بعض أفشل الرؤساء الذين خلّدت السينما فسادهم في أفلام عالمية.
مجلة «فورين بوليسي» الأميركية كانت أعدّت قبل أعوام، قائمة بأسوأ أنظمة ديكتاتورية وحكام طغاة في العالم، وأكدت أن جميع هؤلاء الحكام المستبدين يمارسون إستبدادهم على طريقتهم الخاصة، إلا أن هناك عاملاً واحدًا مشتركاً بينهم يثير الغضب، وهو أن معظمهم كانوا في البدء يحاربون الإستبداد ويطالبون بالحرية ضد أنظمة ديكتاتورية سابقة.
أسماء الرؤساء الأكثر سوءاً وفسادًا ووحشية وظلمًا لشعوبهم، طويلة للأسف، نكتفي بذكر الرئيس السوري بشار الأسد والليبي معمّر القذافي اللذين لا مجال ولا مساحة تكفي لتعداد جرائمهما، والسوداني عمر البشير والفنزويلي هوغو تشافيز والكوبي راؤول كاسترو والصيني هو جين تاو والأوغاندي عيدي أمين والزيمبابويي روبرت موغابي والبورمي ثان شوى، ورئيس كوريا الشمالية كيم يونغ أون.
هوليوود وعلى مرّ تاريخها، قدمت أفلامًا عديدة سخرت فيها من الحكّام الطغاة، نذكر منها فيلم «الديكتاتور العظيم» لشارلي شابلن الذي أنتجه عام 1940 وسخر فيه من أودولف هتلر قبل خمسة أعوام من إقدامه على الإنتحار. وستكون وقفتنا السينمائية مع 3 أفلام:
The Interpreter الذي يدين بشكل مباشر رئيس زيمبابوي روبرت موغابي من دون أن يسميه. تم إطلاق هذا الفيلم البريطاني من نوع الأكشن والجريمة عام 2005 ، وبلغت ميزانيته 80 مليون دولار، وهو آخر أفلام المخرج العالمي سيدني بولاك الذي توفي عام 2008. من نيكول كيدمان وشون بين، ويروي قصة رئيس عجوز لدولة ماتوبو الأفريقية (وهو إسم وهمي) يحاول الدفاع عن نفسه أمام مجلس الأمن، بعد اتهامه بارتكاب جرائم تطهير عرقي. وتؤدي فيه كيدمان دور مترجمة فورية من أصل جنوب أفريقي تدعى سيلفيا، تعمل في الأمم المتحدة. وصدفة تسمع تهديدًا بالقتل سيجري داخل مقر الأمم المتحدة ويستهدف حاكماً دكتاتورياً أفريقياً (أدى دوره الممثل إيرل كاميرون). وعلى رغم أن سيلفيا نشأت في بلد الحاكم المجرم ورأت مقتل والدَيها على يد ميليشياته، إلا أنها ستتعاون مع العميلين «كيلر» (شون بين) «وودز» (كاثرين كينر) لمنع وقوع الجريمة، وستعمل على كشف كل جرائمه وإحالته الى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة إرتكاب جرائم ضد الإنسانية.
طبعًا تم منع عرض الفيلم في زيمبابوي، لأن التشابه كان واضحًا بين رئيس دولة ماتوبو الوهمية والرئيس روبرت موغابي. علم ماتوبو كان مشابها لعلم زيمبابوي. وعلى رغم ذلك، حقق الفيلم نجاحًا جماهيريًا عند عرضه، وبلغت إيراداته حول العالم 163 مليون دولار. ويُعدّ الفيلم الأول الذي يتم تصويره داخل مبنى الأم المتحدة وفي محيطه.
في العام التالي على إطلاق The Interpreter، أي في العام 2006 تم إنتاج فيلم آخر تناول حقبة من حياة رئيس آخر من الطغاة والمستبدين، هو الأوغاندي عيدي أمين الذي تسبب بمقتل أكثر من 300 ألف شخص من أبناء أوغندا خلال حكمه للبلاد في فترة السبعينات. عيدي أمين الذي أطلق عليه شعبه لقب «جزّار أفريقيا»، هو من أطلق على نفسه لقب «آخر ملوك اسكتلندا» لحبه الشديد لاسكتلندا. وتم وضع هذا اللقب على عنوان الفيلم الذي أخرجه كيفين ماكدونالد، عن سيناريو لبيتر مورغان وجيريمي بروك مستوحى من رواية تحمل العنوان نفسه للكاتب جيلز فودين. أما الممثل الذي جسّد شخصية عيدي أمين بشكل رائع، فهو فوريست ويتاكر الذي استحق عن جدارة الفوز بجائزة الأوسكار وجائزتي غولدن غلوب وبافتا كأفضل ممثل رئيسي.
ينطلق الفيلم من فكرة متخيّلة تستند على بعض الوقائع، ومع شخصية متخيّلة هي الطبيب الإسكتلندي نيكولاي كاريجان (يؤدي الشخصية جيمس مكافوي) الذي سيصل الى أوغندا ويبدأ بممارسة الطب في القرى الصغيرة. وهكذا سيشهد على إنقلاب عسكري فيصبح الجنرال عيدي أمين (فوريست ويتاكر) الحاكم العسكري الجديد للبلاد. وبالصدفة يصبح الطبيب الشاب صديقاً للجنرال وطبيبه الشخصي. في البداية تسحره الشخصية المرحة والجذابة للجنرال، لكن سرعان ما يبدأ باكتشاف الجرائم التي يرتكبها هذا السفاح ضد شعبه، عبر موظف في السفارة البريطانية. وما يزيد الطين بلة، وقوعه في حب إحدى زوجات عيدي أمين، وعندما تخبره بأنها حامل، يدرك أن الطاغية لن يرحمه، فيحاول إيجاد طريق للخروج من أوغندا قبل أن يفقد حياته.
نجح الفيلم الذي كلفت ميزانيته 6 ملايين دولار، وحقق إيرادات عالية بلغت 47 مليون دولار. وإضافة الى الجوائز العديدة التي نالها فوريست ويتاكر، نال The Last King of Scotland جائزة بافتا عن أفضل فيلم وأفضل سيناريو عام 2007.
أيضا لا بد من التوقف عند الفيلم الأميركي The Dictator من إنتاج شركة بارامونت عام 2012 والذي يناقش قضية الدكتاتوريين العرب بأسلوب ساخر وكاريكاتوري الى حد الإهانة، إلا أنه مفعم بالكليشيهات ويفتقد الى الجدية والعمق.
تمّ تعريف الفيلم على أنه «قصة بطولية عن ديكتاتور يُخاطر بحياته في سبيل أن لا تأتي الديمقراطية إلى بلده الذي يقمعه بحب»، وهو من بطولة الممثل اليهودي المثير للجدل ساشا بارون كوهين، ومن إخراج لاري تشارلز الذي سبق أن أدار كوهين في فيلمين آخرين هما «برونو» و»بورات» الذي أثار جدلاً بسبب عنصريته ضد الشعب الكازاخستاني.
صحيح أن الفيلم مصنّف في خانة الكوميديا الساخرة، إلا أنه تناول مجموعة صفات «تراجيدية» إشتهر بها طغاة مثل معمّر القذافي وصدام حسين وغيرهم، وألبسها كلها شخصية واحدة تدعى الجنرال حافظ علاء الدين. علاء الدين هذا، هو ديكتاتور طفولي، إستبدادي، معادٍ للغرب، ومعادٍ للسامية، ويحيط نفسه بفريق من الحرس النسائي، يحكم دولة خيالية في شمال أفريقيا تدعى جمهورية ويديا. علاء الدين يحمي الإرهاب والإرهابيين ويطوّر أسلحة نووية لمهاجمة إسرائيل. وبعدما قرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التدخل عسكريا، يسافر علاء الدين إلى مقر الأمم المتحدة في مدينة نيويورك لإلقاء كلمة في المجلس، مصحوباً بقافلة من الجِمال وبحرسه الخاص المكوّن من النساء في إشارة واضحة للرئيس الليبي معمّر القذافي. عندها يتم خطفه واستبداله بآخر لتنطلق الأحداث بشكل هستيري.
وحسب الشركة المنتجة، فإن الفيلم لا يقصد القذافي فقط بسخريته اللاذعة بل يقدم شخصية «الديكتاتور» بشكل عام حتى تكون تجسيداً لكل الطغاة، بدءاً من الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ إيل، مروراً بالقذافي وانتهاءً بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين الذي قيل إنه كان السبب في إلهام صنّاع الفيلم الجديد بالرواية المنسوبة له «زبيبة والملك». وفي شريط إعلان الفيلم يظهر جليًا شبه الديكتاتور بمعمّر القذافي الذي يزور الولايات المتحدة وسط حرسه النسائي. كما يتضمن الإعلان مقاطع من خطب الرئيس الأميركي باراك أوباما، ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون المُدينة لتصرفات القذافي أثناء الحرب الليبية عام 2011، إضافة الى مقطع من خطاب هيلاري كلينتون تُدين فيه بشار الأسد.
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]