قبل ساعات من توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين #لبنان واسرائيل اعلنت شركة اينيرجين البدء بانتاج #الغاز من حقل كاريش . وهذا كان متوقعا كون الترسيم لم يتحرك بقوة الا على هذه الخلفية ولكن يخشى ان يزيد احباط جزء كبير من اللبنانيين يرون ان الموضوع متأخر بالنسبة الى لبنان لجهة قدرته على استثمار ثرواته اذا وجدت او بالنسبة الى وجود رغبة حقيقية بالسير في ذلك لخدمة لبنان ومصالحه وليس لخدمة اطراف في سلطة يحاربون للبقاء فيها من ل هذا الهدف وسواه .
لا يلقي احد من اهل السلطة بالا الى ان البلد ينزف ويستمر في النزف على رغم معارك الحصص الحكومية او معركة الانتخابات الرئاسية . كأنهم في حال عمى وطرش فيما ان الاستنزاف السياسي يدفع لبنان واللبنانيين اكثر فاكثر الى الغرق في ازمة لم يظهر اركان السلطة اي استعداد جدي لمعالجتها. اذ تكشف مصادر دولية ان هناك استياء كبيرا من واقع السلطة ومسؤوليها في لبنان وحتى الكثير من اليأس وهذا ينسحب على كل الدول المؤثرة والتي لا تزال تبدي اهتماما ايا تكن طبيعته. يقول هؤلاء ان ثمة مواكبة مقررة لمرحلة ما بعد توقيع اتفاق الترسيم الحدودي البحري مع اسرائيل بحيث لا يترك موضوع التنقيب واستخراج الغاز المحتمل عرضة لنهب اطراف السلطة لثروات اللبنانيين الذي لم يخفوا عدم حماستهم الكبيرة لما اعتبر ” انجازا تاريخيا” كان يتوقع له رد فعل ايجابيا كبيرا كونه الطريق لاستقلالية القدرة اللبنانية على انهاض الاقتصاد وقيامة البلد مجددا . ولكن ذلك لم يحصل نتيجة عدم ثقة اللبنانيين بان هذه الثروات ستكون من اجل مستقبلهم ومستقبل اولادهم تماما على غرار الثقة بان انتهاء ولاية ميشال عون لا يعني ضرورة انتهاء معاناتهم المستمرة عبر شغور رئاسي يبقي السلطة على حالها واستمراريتها وتعطيل مؤسساتها .
يسأل البعض بداية اذا كان يمكن للثروة النفطية ان تشكل ضمانة طويلة الامد تتيح ربما وبعد استخراج الغاز وبيعه تعويض المودعين الذين بات محسوما خسارتهم لودائعهم في المصارف اللبنانية . وهذا ليس محتملا وفق المصادر المعنية على خلفية التمييز بين ما هو هو حق وما هو ممكن. فتلفت الى ان لا مطالبات مهمة وردت في هذا الاطار وضغطت في هذا الاتجاه ربما على خلفية عدم الثقة بان لبنان قد يغدو دولة نفطية وفق البروباغندا التي سرت على هذا الصعيد او انه سيكون مؤهلا للتعاطي مع ثروة مماثلة في حال وجدت . ولكن الحق هو ان الثروة النفطية هي للشعب اللبناني انما لكل الشعب اللبناني الذي عليه ان يأخذ حقه منها . واذا تمكنت الدولة اللبنانية في وقت من الاوقات ان تعلن انه اصبح لديها ما يكفيها وانها تستطيع تعويض خسائر المودعين بعد معالجة الوضع الاقتصادي واعادة تأمين الاساسيات للشعب اللبناني، فهذا ممكن ويعود للدولة . ولكن المؤسسات الدولية ومن ضمنها صندوق النقد الدولي لا تتعاطى مع الموضوع من هذه الزاوية ، اذ لا تعتبر الثروة النفطية حقا يتم التعويض من خلاله ولا تشجع ابدا على هذه المقاربة ، بل تعتبر ان هناك تراتبية معينة في المسؤولية . وهذه التراتبية تفيد بانه يتعين على الدولة اللبنانية المحافظة على المال العام من اجل ان يستفيد منه اكبر نسبة من الشعب اللبناني. واذا توافر الغاز كثروة اضافية من واجب الدولة تحسين حياة المواطنين وليس تعويض المودعين . تلفت هذه المصادر الى ان الدخل الفردي في لبنان تدهور على نحو مخيف وتخطت نسبة الفقر الخمسين في المئة . وتاليا ما الذي يفترض حصوله في حال الوصول الى مصادر اضافية وهل تجارب الدولة الفقر ام ترد الاموال لمن لديهم رؤوس اموال كبيرة . وهذا لا يعني انه لا يمكن ان يقرر اهل السلطة الخيار الذي يريدونه ولكن الاهم من وجهة نظر الخارج هو المحافظة على الاستقرار فيما ان من واجب الدولة ان تكون منصفة وعادلة . ويخشى ان هذا لن يتوافر في لبنان للاعتبارات المعروفة علما انه ولهذه الاسباب بالذات كان التوجه من المؤسسات الدولية ان يكون هناك عدالة في توزيع الخسائر او الاعباء كما تفضل تسميتها وذلك بغض النظر عن اكتشاف ثروة نفط او غاز او عدم اكتشافها . وحتى الان لا يمكن التصرف كما لو ان الامور باتت مضمونة لجهة ما سيكتشف وما هي حجم الثروة وهل ان الدولة اللبنانية ستكون مؤهلة لتولي مسؤولي انقاذ البلد ام لا لا سيما انه خلال ثلاث سنوات من الانهيار لم يعط المسؤولون اي مؤشر جديد عن ارادة او رغبة في انقاذ البلد ومعالجة الانهيار بل العكس هو الصحيح .
حتى الان اظهر الجانب الاميركي رغبة في مواكبة عن قرب لالية الاستثمار اللبناني المحتمل وتاليا للنتائج المتوخاة انطلاقا من وجوده وسيطا سيكون حاضرا لحلحلة اي عقد محتملة والبعض يقول لضمان ان تكون الثروات في حال وجدت لمصلحة الشعب اللبناني. ولكن ذلك يفترض ان يكون الاقتصاد اللبناني انتعش في المدة الفاصلة عن استخراج النفط او الغاز . اذ انه خلال ٣ سنوات من الانهيار خلال ولاية ميشال عون خسر البلد اكثر من 60 في المئة من قدراته الاقتصادية وغادرت قواه العاملة وتدهورت كل القطاعات السياحية والمالية والصحية والجامعية والطبية بحيث ان بقاء لبنان على هذه الخسارة المتدحرجة في انتظار استخراج الغاز ، انما يعني تصحر لبنان اقتصاديا بكل ما للكلمة من معنى واستبعاد انتشاله من اي ثروة مكتشفة لسنوات بل عقود طويلة . ولذلك يبقى الامل في مواكبة جدية وضغوط متواصلة من الخارج لئلا يتكرس انتهاء لبنان فعلا .