أيام معدودة تفصلنا عن نهاية عهد الرئيس ميشال عون، الذي “طُبع” بصفات قلّما وُسمت بها سائر العهود الرئاسية منذ الاستقلال، بل منذ مرحلة الانتداب الفرنسي، حتى اليوم. صفات من “طينة”، عهد من الأزمات وانحلال الدولة، وعهد من التشرذم لكيان لبنان، وعهد تعدُّد الرؤساء، ولائحة “الإنجازات” تطول.
“لم يكن هذا الانحلال والتفكك والتشرذم وليد الساعة طبعاً. ولم يكن عون وحده من قام بهذه الجريمة العُظمى التي ارتُكبت بحق شعب بكامله، بل ساهم كُثر بذلك، على الرغم من عقل عون المدبّر في هذا المجال، وتغطيته وإدراكه لكل النتائج التي حصلت وستحصل في السنوات المقبلة”، بحسب مقربين من الرئيس، يؤكدون أنه “كان منذ اليوم الأول مدركاً ومخططاً لكل التفاصيل”.
ويشير هؤلاء، في تصريحات إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن “3 عناصر ساهمت بـ(نجاح) الجريمة: الرئيس الظل وهو النائب جبران باسيل، والحاكم بأمر الدولة أي حزب الله، وحاشية القصر أي المجموعة التي رافقت عون (على الدعسة) في القصر الجمهوري”.
الكاتب والمحلل السياسي أسعد بشارة، يلفت إلى أن “مدرسة عون تمتهن تجيير المبادئ للمصالح، وتحترف صناعتها بهدف الوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها. وهذا ما فعله الرئيس القوي منذ العام 1988 عندما خاض معارك، كان يوهم الناس بأنه يخوضها على أساس مبادئه، إنما عندما تلبس مصالحه، تنقلب شعاراته إلى نقائضها وينقلب أداؤه إلى النقيض، فيذهب من اليمين إلى الشمال ومن الأعلى إلى الأسفل ليحقق المصالح الذاتية”.
ويضيف بشارة، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن “هذا ما فعله عون في العام 2005 عندما صاغ تحالفاً مع حزب الله، وهدفه كان رئاسة الجمهورية والسلطة والمغانم وتقاسمها في الدولة، ونفّذ الأمر عن جدارة”.
ويشير، إلى أن “هذه المدرسة هي المستمرة والمستدامة، والتي ورثها صهره جبران باسيل، والأب الروحي لها ليس سوى ميشال عون نفسه، الذي ترجم طوال سنوات عهده الستّ الماضية هذا السلوك بكل أمانة، فتقاسم الدولة مع أمراء الطوائف الآخرين، واخترع الشعارات الوهمية تحت عنوان استرداد حقوق المسيحيين”.
ويتابع، “في المحصلة، عهد عون لم يكن سوى عهد القرار الممسوك من قبل حزب الله، الذي أمسك القرار الاستراتيجي للبنان، أما عون فحصل في المقابل على ما يريد. فهذا التحالف حصل كلّ طرف فيه على ما يبتغي، الحزب أمسك قرار البلد وهو يجيّره لصالح إيران، وعون نال ما يريد عندما نُصِّب رئيساً للجمهورية ببندقية حزب الله وتقاسم الوزارات والإدارات”.
وينوِّه بشارة، إلى أن “تحالف مار مخايل قائم على هذه المعادلة، وباسيل يسعى الآن لاستمرارها معه بعد نهاية عهد عون”، ويضيف، “البعض يحمّل باسيل مسؤولية فشل العهد، لكن هذا تضليل كبير وتحريف وسوء تشخيص للأزمة”، مشدداً على أن “المسؤول الوحيد عن فشل العهد هو ميشال عون، فهو بمثابة مدير مدرسة وهذه الأخيرة لا تخرِّج إلا هذا النوع من الانتهازيين”.
وفي السياق نفسه، تصف مصادر كانت مقرّبة من عون حتى الفترة الأخيرة قبل أن تنقضَّ عنه، عبر موقع “القوات”، “(حاشية القصر) التي رافقت عون منذ بداية ولايته، والتي اتُّهمت طوال السنوات الماضية بأنها هي التي كانت تغيّر رأي عون في القرارات المصيرية، مثلاً مستشاره سليم جريصاتي، بالـ(سماسرة الصغار)، وليست أكثر من ذلك، كون عون كان مصمماً منذ البداية على كل قراراته ومسار الأمور طوال فترة حُكمه”.