لتكرار التعطيل والفراغ الرئاسي في لبنان وجهان:
الأول استراتيجي بامتياز، وله أبعاد وأهداف من أجل تغيير صورة لبنان الحضاري ولبنان الانفتاح، من خلال تدميرٍ ممنهج لمؤسساته وثقافته وحضارته، مما يؤدي إلى لبنانٍ مشّوه لا يشبه أبناءه ومكوناته، لبنان متناقض مع نشأته وكيانه ولا يتلاقى مع تاريخه، وها هو يتصارع مع حاضره.
فهذا هو الوجه الحقيقي لحزبِ الله الحريص على تنفيذ مشروع إيران التوسعي بدءاً من الخليج الإيراني وصولاً إلى البحر المتوسط، مضافاً إلى كل ذلك تكريس إحقاق ثقافة الثورة الإسلامية ليس في إيران فحسب، بل في جميع الدول التي تمكنت منها أذرع الثورة. من هنا، نلاحظ اعتماد شعار الثورة الإسلامية في لبنان، واليمن، والعراق، وسوريا، وغيرها…
الوجه الثاني شخصي حتى الصميم، قسم منه يتستر خلف الحقوق، يتلطى وراء السيادة، والقسم الآخر يدعي حماية المشرقية المسيحية.
هذا الوجه المقنع مبنيّ على المصلحة الخاصة، له أبعاد وأهداف شخصية، حوّلت الرئاسة الأولى عن مسارها، من أن تكون صورة ناصعة للبنان في الداخل كما في الخارج، من حامية للدستور وحاضنة للجميع ومرسخة للكيان، ومن كونها الضامن الوحيد للبنان أرضاً وشعباً ومؤسسات.
حوّلت الرئاسة الأولى إلى منصب يتسابق إليه البعض من دون مشروع أو رؤية، وكأنه إنجاز يضاف على السيرة الذاتية يستعطيها أهل الذمة من مختلف الطامحين الذين لا طعم لهم ولا لون.
حوّلت دولة المؤسسات إلى دولة الفساد والزبائنية، دولة القانون إلى دولة الخارجين عنه والمحسوبية، دولة اليسر إلى دولة القهر والفقر، ودولة الاستضافة إلى دولة التعتير والهجرة.
وفي مواجهة التعطيل وملء الفراغ، هناك وجه آخر موحّد للبنان الحقيقي، وجه لا يشبه إلا ذاته، وجه يحمل في طياته الألوان الحقيقية للبنان بالأبيض والأخضر والأحمر. حافظ ويحافظ ومستعد بكل ما أوتي به من قوة مع جميع المخلصين والوطنيين والسياديين لإعادة لبنان وانتشاله مما هو فيه.
من هنا أختم لأقول: فلتتضافر الجهود، ولتشبك الأيدي من أجل لبنان، ولنعمل على ألا يكون هناك وجه ثالث، عن غير قصدٍ يساهم في التعطيل والفراغ، فلدينا فرصة لا تعوّض.
ومن له عينان فليرَ… ومن له أذنان فليسمع.