رصد فريق موقع “القوات”
لا تزال تداعيات كلام الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الأخير حول مواصفات رئيس الجمهورية المقبل تتردد في الأروقة السياسية، وسط استغراب محلي ودولي لتهديده الذي بدا فيه وكأنه رئيس لجنة تحكيم يحدد المواصفات ويمتحن المرشحين، فيما يعاني من شرذمة داخل تحالف “8 آذار” الذي يقوده، وهو غير قادر على اقناع حليفه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بالتصويت لمرشح من داخل محور الممانعة، وهو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
وباسيل المنهمك برفع العقوبات عنه، يشعر بالقلق كلما اقترب الاستحقاق الرئاسي، ولا يزال يرفض فكرة التصويت لفرنجية، وهذا القلق ينسحب أيضاً على مجرد فكرة ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يعتبره باسيل يشكل خطراً على مستقبل تياره السياسي.
وبالعودة إلى نصرالله، ادرج الاتحاد الأوروبي لبنان على جدول اعمال اجتماع وزراء خارجية دول المجموعة الأوروبية الذي يعقد اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء في بروكسيل.
وأشار بيان صادر عن الاتحاد الأوروبي الى ان وزراء الخارجية سيتشاورون ويتبادلون الأفكار حول اخر المستجدات والتطورات السريعة للوضع الداخلي اللبناني. ومن المتوقع ان يصدر بيان عن الاجتماع يؤكد ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة بأسرع وقت حتى يتم تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية الضرورية لنهوض البلد.
وأشار الاتحاد الأوروبي على لسان الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والامن الى ان الاتحاد اتخذ الإجراءات التي تسمح له بفرض عقوبات على المعطلين لانتخاب رئيس للجمهورية وهي وسيلة يعتبر الاتحاد الأوروبي انها ستكثف الضغط على الطبقة السياسية اللبنانية وتأكيد من قبل الاتحاد الأوروبي انه يقف الى جانب الشعب اللبناني وتأكيد منه على دعم مطالبه.
وتبدو المانيا في طليعة الدول الأوروبية التي تدفع باتجاه امكان معاقبة النظام الإيراني وفي السياق حزب الله المهدد للاستقرار الداخلي والإقليمي وقد صنفته في شقيه العسكري والسياسي إرهابياً.
وتعتبر مصادر أوروبية ان تحديد الحزب شروطه لانتخاب رئيس للجمهورية وتعطيله العملية الانتخابية الرئاسية اثار ردوداً لبنانية وغربية معارضة، وهناك تخوف من تحويل لبنان الى ساحة صراعات إقليمية قد تزعزع وضعه الأمني بعدما بات الوضع المالي والاقتصادي مخيفا والانفجار يسابق الوقت، فلبنان يقف على مفترق خطير جداً بين طريقين، فإما المرونة السياسية وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة فاعلة تسمح بانتظام الوضع بالحد الأدنى، واما خراب البلد.
في الداخل، يؤكد مصدر سياسي بارز يواكب قيادة حزب الله باستمرار أن نصرالله يبدي انفتاحاً على قائد الجيش جوزف عون، ويتعامل معه كواحد من المرشحين لرئاسة الجمهورية، وإنما من موقع بُعد المسافات السياسية بينهما، ويقول المصدر لـ”الشرق الأوسط” إنه “قصد من خلال المواصفات التي حددها للرئيس العتيد فتح الباب أمام مباشرة الحوار بينهما والذي يشكل من وجهة نظر الحزب الانطلاقة الأولى للتفاوض”.
ويلفت إلى أن لا صحة لما أخذ يتردد بأن نصرالله يريد من خلال انفتاحه على قائد الجيش على الرغم من بُعد المسافات بينهما، أن يهز العصا لباسيل بذريعة أن لا مانع من التفاهم معه، وهذا ما يقلق رئيس التيار الوطني الحر الذي يعطي الأولوية لانتخاب أي مرشح للرئاسة باستثناء العماد عون لأنه بوصوله سيدفع باتجاه خلخلة الوضع بداخل محازبيه وأنصاره الذين يتعاطفون معه.
ويضيف المصدر نفسه أن “نصرالله ليس مضطراً ليهز العصا لباسيل ما دام أنه لا يزال يراهن على تأييده لفرنجية، وأن التواصل بينهما لم ينقطع، مشيراً إلى أنه كان صريحاً إلى أقصى الحدود مع باسيل في اجتماعهما الأخير بقوله له إن فرصه في الوصول إلى الرئاسة تكاد تكون معدومة إلى حد كبير، وإنه من الأفضل أن يكون شريكاً في انتخاب فرنجية على خلفية توفير الضمانات السياسية له.
وعليه، فإن نصرالله يتبع في إقناع باسيل بسحب الفيتو على ترشيح فرنجية سياسة النفس الطويل؛ لأنه يحرص على مراعاته، مع أن باسيل، كما يقول المصدر نفسه، يستغل حاجة الحزب إلى غطائه السياسي، لكنه لا يستطيع كل الوقت أن يقول لا لحليفه، وسيضطر إلى معاودة النظر في حساباته ولو بعد طول انتظار.
ورأى أن إشادة نصرالله برئيس الجمهورية السابق ما هي إلا دفعة على الحساب تعويضاً له على خدماته السياسية للحزب، ولما اتخذه من مواقف داعمة له إبان اشتداد الحملات عليه.
دولياً، ومواكبة للاستحقاق الرئاسي، أشارت معلومات دبلوماسية إلى أنه بعد ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وضع الاستقرار اللبناني على جدول الاهتمام الأميركي – الأوروبي – العربي لجهة إبعاد المخاطر عن البلد خشية انحداره الى الأسوأ.
ومن هذه الزاوية بالذات، تتحدث المصادر عبر “اللواء”، عن اتصالات، يتولاها قصر الاليزيه بالتنسيق مع الجانب الأميركي باتجاه القوى المحلية والإقليمية ذات التأثير الحاسم في السعي السريع للتوصل الى سلة تفاهمات مثلثة تحظى بالدعم، وتشمل: 1- انتخاب الرئيس 2- الاتفاق على رئيس حكومة يضع خطة تنفيذية للإصلاحات 3- بلورة تفاهم واسع حول مروحة إصلاحات بنيوية وإدارية، وتعيينات في مراكز الفئة الأولى من قيادة الجيش الى حاكمية مصرف لبنان ومجلس القضاء الأعلى، وسائر موظفي الفئة الأولى.
وبحسب المعلومات الدبلوماسية المتقاطعة فان الاتجاه الان هو الى عدم التسليم بفراغ طويل، والعمل الحثيث على اعتماد آلية الحوار الثنائي والثلاثي، وإن خارج طاولة موسعة من أجل ملاقاة المساعي الفرنسية – العربية، لا سيما السعودية منها للوصول الى تسمية مرشح رئاسي ورئيس حكومة يتولى تنفيذ رزمة الإصلاحات والتعيينات بدعم نيابي قوي.
وتعتقد المصادر ان الاتجاه هو لتغليب الدبلوماسية على اي محاولة للمس بالأمن او الاستقرار او المضي بضغوط تحول دون التقاط الانفاس والسير بالاتجاه الصحيح.
وفي السياق، وتمهيداً للقاء متوقع بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في جزيرة بالي في اندونيسيا على هامش قمة مجموعة الـ20 التي تبدأ مساء اليوم وتنتهي الخميس، أعلن قصر الاليزيه ان ماكرون اتصل ببن سلمان، وبحث الأخطار التي تهدد استقرار المنطقة، وأكدا على ضرورة انتخاب رئيس للبنان وإجراء إصلاحات هيكلية، لا غنى عنها لنهوض البلاد، واتفقا على مواصلة وتعزيز تعاونهما للاستجابة لحاجات الشعب اللبناني الإنسانية.
ولم تستبعد المصادر الفرنسية أن تحضر تطورات لبنان ومخاطر الفراغ الذي يعيشه في مباحثات الزعماء الذين سيشاركون في القمة، ولا سيما اطراف البيان الثلاثي حول ملء الفراغ الرئاسي: الولايات المتحدة، فرنسا والمملكة العربية السعودية والذي صدر قبل نهاية عهد الرئيس السابق ميشال عون.