لبنانيون في كندا… الخوف من العودة ومآسي البقاء في الغربة

حجم الخط

“انتهى الزمن الذي يخاف فيه أهلنا علينا من الغربة، وجاء زمنٌ ونحن في غربتنا نخاف عليهم من الوطن”. عبارة يرددها المغتربون اللبنانيون المنتشرون في أصقاع العالم. فلبنان عانى الحروب والأزمات والاحتلالات، فتهجّر أبناؤه بحثاً عن حياة آمنة، ومستقبل أفضل، على أمل العودة ومنهم اللاعودة، وما بين الخيارين، تزداد صعوبة الحياة.

وفي متابعة لملف المغتربين، ننتقل في رحلتنا مع اللبنانيين إلى كندا وتحديداً من كيبك، إذ وبحسب الإحصاءات الأخيرة حول الأرقام المتوفرة، يتراوح عدد المغتربين اللبنانيين في مقاطعة كيبك بين 120 و150 ألفاً وهم من مناطق لبنانية عدة.

يصف بيار حلبي، وهو من بيروت هاجر إلى كندا العام 2006، الغربة، بالقاسية جدّاً على كلّ إنسان أُجبر على الابتعاد عن بيئته وبيته وأهله وحياته اليومية التي اعتاد عليها، وعن كنيسته وأصدقائه، لكن مع مرور الوقت يصبح الاغتراب واقعاً علينا التعايش معه في ظلّ غياب أدنى حقوق الإنسان ومقومات العيش في لبنان لأن البديل عن الغربة هو الموت الصامت في الوطن.

ويعمل حلبي سائق تاكسي، بعدما كان يملك متجراً لبيع الألبسة في بيروت، لكن الوضع الاقتصادي لعب ضده واضطر للهجرة إلى كندا لتأمين عيش كريم لأولاده الثلاثة وزوجته.

يقول حلبي، لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إن البداية كانت صعبة، لكن مع مرور الوقت تيسرت الأحوال واشتريت “نمرة”، عملت بكد وجنيت بعض الأموال، لكن الحكام في لبنان سرقوا أموالنا في البنوك وضاع جنى العمر من جديد، وكأنهم لا يريدون للبناني أن يعيش بسلام. كنت أرسل كل ما أجني إلى لبنان وأضعه في البنك، ضاعت أموالي، واليوم بدأت من الصفر، لكن هذه المرة لم أرسل قرشاً واحداً، وسأحتفظ به في كندا”.

الياس الخوري، من المتن، صنع من صقيع الغربة في كندا وطناً له ولعائلته، ولا ينقصه شيئاً سوى لقاء أهله الذين اضطر إلى تركهم في لبنان بعد ثورة 17 تشرين 2019، وخسارة أمواله في البنوك، وإقفال شركته التي أسسها وتعنى ببرمجة الكومبيوتر.

ويروي، “كتار متلي”، ضربهم الإفلاس، لكن السبب الأساسي وراء الهجرة هو البحث عن وطن حقيقي، عن دولة تحترمنا، عن مستشفى يستقبلنا، عن حياة أفضل لا تذلنا في طوابير البنزين والخبز والدواء، عن كرامة لم نجدها في وطننا لبنان.

يعمل الخوري، حالياً، في شركة كندية لبرمجة الكومبيوتر، رافضاً العودة إلى لبنان، مضيفاً، “لشو بدي ارجع ع لبنان كرمال مين؟”، هنا وطني، هنا كندا التي حضنتني وأعطتني الكرامة والعيش مع عائلتي بسلام بعيداً من وسخ المنظومة الحاكمة التي سرقت مستقبلنا في لبنان.

أما العمّ مارون الكسرواني، كما يحب أن نناديه، وهو في الـ70 من عمره، لا يزال يحن إلى لبنان. وعلى الرغم من أنه قرر العودة للتقاعد في الوطن، حرمته المنظومة هذا الحلم حتى في آخر مراحل حياته، وعاد عن قراره.

يقول، بحرقة قلب، “برفض حتى إني موت بلبنان، ضيعانو لبنان الحلو، شوهته السياسة”، مضيفاً، “عتبي على قدر المحبة، وأملي كبير بأن يعود لبنان إلى سابق عهده، عشت في غربة وسأموت فيها، لكن على الأجيال المقبلة العمل على إطاحة المسيطرين على الحكم اليوم، كي لا يعانوا ما نعانيه، كي يبقوا في وطنهم وبين أحبائهم، لأن الفقرُ في الوطن غربةٌ والغنى في الغربة وطن.

ويشير العم مارون إلى أنه عاش 40 عاماً في الغربة يبحث عن عودة آمنة في لبنان، وفي كل مرة خاب أمله، عمل وأسس شركات، وظن بأنه سيكون للبنان دولة بعد انتخاب الرئيس بشير الجميل، لكنهم قتلوه، ومع اغتياله اغتيل لبنان، ومنذ ذلك الحين لم يعد يربطني بلبنان غير الذكريات الجميلة وأيام العز في عهد الرئيس كميل شمعون.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل