عربش علم لبنان على أهداب غوغل. لفتة جميلة من أوسع دائرة معلومات الكترونية في العالم. شو حلو، حتى غوغل تحتفل بعيد…آه عفواً، أقصد بذكرى، ذكرى استقلال لبنان. مرحباً جدي الاستقلال، كيفك يا ختيار وأنت مقبل على ثمانينك؟ كم أنت “مكحكح” بالخيبات والنكبات، أم لايزال فيك بعد بعض من نَفَس كرامة؟!
ماذا نكتب عنك؟ أنت تحب الأشعار والقصائد، ولكن يا كبير صارت الأشعار بطولات في غالبيتها وهمية. طيب، ماذا نخبر أطفالنا وكيف نشرح لهم عنك اذ سيسألون “طالما كنتم أبطال وحققتم الاستقلال، أين هو الاستقلال؟ ولمَ لبنان الآن محتل وقد صار من أسوأ بلدان العالم”؟ بماذا نجيب؟ “اسكتوا يا أولاد، عيب لبنان أحلا بلد بالعالم”!
لكن أحلا بلد بالعالم يقف على سارية قصر جمهوري مظلم غارق بفراغه المتعمّد، قصر بلا رئيس لأن الاحتلال يفرض عليه ايقاع الفراغ. أحلا بلد بالعالم والفاسدون نهبوه وجعلوه وكر علي بابا ومئات “الحراميي” من الحاشية والنواب والوزراء والمتواطئين معهم. أحلا بلد بالعالم والطامعون الى الكرسي في القصر يرفضون ممارسة واجبهم الوطني والاقتراع لرئيس محترم نظيف سيادي يواجه الاحتلال وينقذ لبنان، كي لا يفضح عوراتهم. أحلا بلد بالعالم يعيش في الظلمة لأن المحتل والعميل الفاسد نهبوه حقه في الكهرباء والماء والمازوت والدواء والطبابة و… أحلا بلد بالعالم لا يستطيع أن يواكب كأس العالم إسوة بالدول الأكثر تخلفاً على الكرة الارضية.
طيب، يكفّي نقاً، نعرف كل هذا وأكثر بكثير، لكن والله عيب، الا يجب أن نوجّه عيدية ولو بسيطة لمن أشرف على ثمانينه؟ نعايده أكيد انما بالحقيقة، ولبنان صار منبع النفاق والمنافقين الدجّالين. تغيّر الزمن يا وطن، تغيّر كثيراً والى درجة أنه ما عاد بإمكاننا النفاق على أجيالنا وعلى حالنا ولا عليك. صرنا مكشوفين لدرجة أنه ما عاد بإمكاننا تجميل الحكاية، كان ثمة لحظة تاريخية، استقل لبنان عن الانتداب الفرنسي ولما تحقق الاستقلال ومنذ تلك اللحظة التاريخية، ونحن نعاني، نسابق الاحتلالات ونواجه أقسى وأصعب ما يمكن أن تواجهه الأوطان، العملاء، العملاء قبل المحتلين الذين خربوا لبنان، والعملاء أبناء البلد يحتلون لبنان، يا استقلال.
ساد الصمت، لا يجيب الختيار، وكيف يفعل إذا كان هو نفسه بسبب هؤلاء صار ذكرى وما عاد عيداً؟
ع البال يا وطنّا، ع البال يا استقلالنا. ضاعت عنزة الاستقلال في تلفزيون الأبيض والأسود، أخذها معه بشارة الخوري الى غير رجعة. ضاعت ابتسامة ذاك الرئيس الساحر كميل شمعون ولبنان سويسرا الشرق. أين عيون الكرامة في صرخة بشير الجميل ذاك الرئيس الذي تحدى العالم كله ليكون رئيسا للـ 10452 كلم مربعاً مستقلة، وقتله الاحتلال والعملاء؟
ع البال يا وطنّا، وذكرى الاستقلال بلا رئيس للجمهورية، بل رئيس كان مرؤوساً لمصالحه وللمحتل ولمصالح العائلة والحاشية. ع البال يا وطنّا ولا عرضاً عسكرياً وتهاني في ساحة الشهداء، وعهد ترك وراءه استقلالاً فاقعاً ناجزاً عن الكرامة والحرية والازدهار، وانجازات في الدمار تقارب الاعجاز. ع البال والله يا استقلالنا.
ومع ذلك، سيدي الاستقلال الذكرى، نصبحك بوطن جريح، ونخبرك اننا مشتاقون اليك كثيراً لان ما عدنا نراك، أطلت الغيبة كثيراً علينا، وخسرنا في غيابك حالنا، لكن نحلف بحياتك أننا سنعود ونحييك عيداً وليس ذكرى، سنستردك من سابع جحيم، سننتشلك من أنياب المحتل والفاسد والعميل، أتعرف لماذا؟ ليس لأننا أقوياء في السلاح، إنما نحن جبابرة في الانتماء لأرضك المقدسة، لأننا أصحاب قضية، مقاومون أحرار، لأننا نعيش الحنين الى الاستعراض العسكري الفعلي، والى رئيس ببدلة بيضاء رسمية يقف الى المنصة ويحتفل باستقلال لبنان “عن جدّ” وليس نفاقاً ولا تملقاً. لا تحزن يا ختيار سنستعيد المشهدية وسيكون الله معنا. ونلتقي ربما بعد سنة.