ميقاتي “العبقري المجنون”… “يندب حظه ولا يلعنه” في بكركي

حجم الخط

لم تكن زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى الصرح البطريركي في بكركي، أمس الاثنين، غداة عودته من الخارج، بالمفاجئة أو من خارج السياق. بل من الطبيعي أن يُيَمِّم ميقاتي شطر بكركي للوقوف على رأي سيّدها من مختلف الأوضاع والتطورات الراهنة، خصوصاً بعد التوتر والتشنُّج والتصعيد الذي رافق وتبع اجتماع حكومة تصريف الأعمال الأخير، والانقسامات التي انفجرت حول بعض الأمور الدستورية والميثاقية والسياسية والطائفية.

ومن البديهي، أن ميقاتي لم يكن ليترك “ساحة بكركي” للرئيس السابق للجمهورية ميشال عون، وخصوصاً لوريثه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ليسرحا ويمرحا فيها على ما يشتهيان، ومن أجل أن يقدِّما روايتهما حول اجتماع الحكومة الأخير. بالتالي كان لا بدَّ من “ضرب الحديد وهو حامٍ”، وعدم إتاحة الفرصة أمام باسيل لمحاولة التلطِّي ببكركي للتصويب عليه.

وفي حين استعان ميقاتي خلال لقائه مع الراعي بالشاعر السوداني “العبقري المجنون” إدريس جَمَّاع، كي “يندب حظه” أمام البطريرك على ما يعانيه، واستعار من الشاعر بيتاً يقول فيه، “إنّ حظّي كدقيقٍ فوقَ شوكٍ نثروهُ / ثمّ قالوا لحُفاةٍ يومَ ريح ٍ اجمعوهُ”، لكن الأمر لم يصل به إلى حدِّ “لعن حظِّه” بالكامل.

فميقاتي لم يُكمل القصيدة، وتغافل عمداً عن البيت الثاني الذي يقول الشاعر فيه، “صعُبَ الأمرُ عليهمْ قلتُ يا قوم اتركوهُ / إنّ من أشقاهُ ربِّي كيفَ أنتم تسعدوهُ؟”، إذ أكد من على منبر بكركي، مكتفياً ببيت الشعر الأول، أن “هذا هو الواقع الذي نحن فيه، لكننا سنستمر في جمع الطحين بأصعب الأوقات ووسط الرياح التي تجتاح البلد”. ما يعني بعبارة أخرى، أنه لن يرضخ لتهديدات باسيل ولن يتراجع أمام تصعيده.

وترى مصادر سياسية على تواصل مع مراكز القرار الحكومي، ومطلعة بدقَّة على كواليس الاستحقاق الرئاسي، أن “زيارة ميقاتي للصرح البطريركي وعقده خلوة مع الراعي، تأتي في سياق ترتيب أوضاعه مع سيّد الصرح، واستدراك أي أذيّة يرجَّح أن باسيل، وربما عون، حاول في زيارته قبل أيام إلى الراعي إصابته بها”.

لكن المصادر ذاتها تستدرك بسرعة، وتشير، في حديثها إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إلى أن “ميقاتي حريص على إبقاء خطوط التواصل والتشاور مع الراعي في حالة الدفء والودّ، خصوصاً في مرحلة الشغور الرئاسيّ، لعدم تسهيل مهمّة مستهدفيه، أكان باسيل أو غيره. علماً أن التواصل دائم ومستمر بين ميقاتي والراعي، وليس مستجداً بعد اجتماع حكومة تصريف الأعمال الأخير”.

وتلفت، إلى أن “البطريرك لم يكن قاسياً بل كان موقفه طريّاً تجاه ميقاتي، على خلفية خطوته الأخيرة بانعقاد الحكومة. وكلامه في عظة الأحد قبل يومين يمكن وضعه تحت عنوان أنه كان من الأفضل، إذ (ناشد الحكومة التأني في استعمال الصلاحيات حرصاً على الوحدة الوطنية)، لكن اللافت إشارته إلى أن ذلك (منعاً لاستغلال البعض مثل هذه الاجتماعات لأغراض سياسية وطائفية)”.

وتعتبر المصادر المطلعة، أن “تكويعة باسيل، ومعه الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون، باتجاه بكركي، يبدو أنها (مش ظابطة). والدليل أن باسيل قام بخطوة تراجعية، وعاد بالأمس لاسترضاء حزب الله في إطلالته التلفزيونية، بعدما تبيَّن له أنه غير قادر على تنفيذ تهديده ووعيده وشعارات التحدِّي التي أطلقها”.

وتؤكد، أن “باسيل لا يستطيع تخطِّي سقفاً معيناً مع حزب الله، وهو حاول القيام بتحريضٍ طائفيّ وتجييشٍ مسيحي من بكركي، لكن (ما مشي الحال)، لأنه (خلص) ولم تعد لديه قدرة ولم يعد أحد (يقبضه)”.

وتوضح المصادر عينها، أن “القدرة التي تمتع بها باسيل في السلطة أيام عون في بعبدا، تراجعت إلى درجة كبيرة. وبالتأكيد، حزب الله أكثر من يدرك هذه الحقيقة، وهو لن يخضع لابتزاز باسيل على غرار ما درج عليه بهدف الحصول على مكاسب سياسية ومصلحية”.

وبرأيها، أن “باسيل أمام أمر واقع لا يمكنه تخطِّيه، على ضوء تراجع قدرته على الفعل، كما أشرنا. علماً أن دوره لن يكون بحُكم المُنتهي في المرحلة المقبلة، لكن بالتأكيد لن يكون بالحجم المتضخِّم الذي كان عليه، والأحداث ستتخطاه إن بقي على عناده ونهجه المعتاد”.

وتضيف، “من شبه المؤكد أن الضغط النفسي والتصويب والابتزاز الذي يمارسه باسيل، لن ينفع مع ميقاتي، ولن يدفع الأخير إلى مرحلة الجنون التي بلغها الشاعر السوداني جمَّاع صاحب تلك الأبيات الشعرية المعبِّرة، والذي فقد عقله في آخر أيامه وأُدخل إلى مستشفى المجانين. فميقاتي يعتبر أنه لا يزال في عزِّ (شبابه السياسي) ويعمل ليكون نجم المرحلة المقبلة، على عكس باسيل”.

أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانبة

خبر عاجل