من باريس، أعلن أمس الاثنين، رئيس مجلس الإدارة، مدير عام شركة “توتال إنرجي” Patrick Pouyanné أن الشركة باشرت نشاطها للبدء بالاستكشاف في البلوك 9، مفنّداً الخطوات التي ستتخذها الشركة خلال الفصلين الأولين من سنة 2023 لجهة التحضيرات اللوجستية وبناء القدرات البشرية لمواكبة عمليات الحفر والتنقيب.
قابله ردّ من وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض الذي التقاه في باريس، شدد فيه “على أهمية التعاون بين الشركة والسلطات اللبنانية، ولا سيما هيئة إدارة قطاع البترول، لتسريع الخطوات الآيلة إلى المباشرة بعملية الحفر في أقرب وقت ممكن”.
فالوزير فيّاض ذكّر في هذا الإطار، بدور “هيئة إدارة قطاع البترول” في هذا الموضوع، بعدما أطلق إجراءات التوظيف لأعضاء “الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء”… فما بين الهيئتين مخاوف من أن تتشكّل الثانية على غرار الأولى لتكون بتصرّف وزير الوصاية وبالتالي لا قرار مستقلاً لها. وإلى حين معرفة مصيرها والتوافق السياسي على تأليفها، كيف يقرأ خبراء النفط في إعلان “توتال إنرجي”؟
الخبير في شؤون النفط الدكتور ربيع ياغي يقول لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، تنفذ شركة “توتال إنرجي” بتحضيراتها هذه، العقد الموقَّع بينها وبين الدولة اللبنانية بعد تمديده لغاية العام 2025، فهي الخطوة الأولى التي أعلنت عنها الشركة بعد ترسيم الحدود بين المنطقة الاقتصادية الخالصة في لبنان والمنطقة الاقتصادية الخالصة في إسرائيل، وبالتالي لم يعد لديها أيّ حجّة أو سبب للتلكؤ في البدء بعملية الحفر الاستكشافي.
ويذكّر بما أعلنت عنه “توتال إنرجي” عن وصول باخرة الحفر خلال الفصل الأول من العام 2023 “أي بحسب تقديري، أواخر شهر آذار وأوائل شهر نيسان، على أن تبدأ بحفر “البئر التجريبي” بغرض استكشاف المكامن الموجودة في حقل “قانا” أو في البلوك 9 حيث يوجد الجزء الأكبر من حقل “قانا”.
ويتابع، بناءً عليه، تقوم شركة “توتال إنرجي” تقنياً بكل الموجبات المطلوبة منها. ووفق العقد، نتمنى ألا يكون مصير البئر التجريبي كمصير البلوك 4، بمعنى أن يتم في الأوّل تحديد مكمن غني بالغاز أو بالنفط أو بالإثنين معاً، ثم تبدأ عملية التقييم وحفر “الآبار التقييمية”… وكلها بالتأكيد تستغرق وقتاً طويلاً، بينما حفر “البئر التجريبي” فيستغرق شهرين أو ثلاثة أشهر للحصول على النتائج التي نأمل أن تكون إيجابية للبناء عليها.
ويقول في السياق، كما نردّد دائماً، يحتاج لبنان إلى 8 سنوات على الأقل كي يصبح لديه إنتاج تجاري قابل للتسييل أي يستطيع في المقابل أن يحصّل عائدات معيّنة بالدولار الأميركي، إن لم يحصل أي تأخير أو تلكؤ أو أسباب أمنية وجيو ـ سياسية.
وفي المقلب الآخر من الملف الطاقوي، يعرّج ياغي على موضوع إنشاء “الهيئة الناظمة للكهرباء” التي لا يعتبرها هيئة استشارية لدى وزير الوصاية أي وزير الطاقة، “بل إنها تُشرف على وضع وتطبيق خطة النهوض بقطاع الكهرباء في لبنان، إن من ناحية الإنتاج أو التوزيع أو الجباية أو بناء معامل جديدة لزيادة إنتاجية الكهرباء…إلخ، فلديها وظيفة حساسة وتقنيّة بحتة”.
أما إذا أردنا “هيئة ناظمة للكهرباء”، يضيف ياغي، “كهيئة إدارة قطاع النفط التابعة للوزير وتأتمر بأوامره وبالتالي لا يكون لها الرأي الفصل، فعندئذٍ لا حاجة إليها البتة. فنحن نريد هيئة ناظمة تتولى إدارة قطاع الكهرباء وتكون المُرشد لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة والمعامل التي يجب بناؤها وتحديد مواقعها ونوعية الفيول الذي يفترض استعماله… كلها أمور مرهونة بالدراسات التي تقوم بها الهيئة في حينه كي يُبنى على الشيء مقتضاه”.
ويشير إلى أن “الوزير قد يناقش في هذا الموضوع ويستوضح حيالها لا أكثر، فيما الهيئة الناظمة تكون مستقلة سيادية بعيدة عن المحاصصات السياسية كي لا تفقد فعاليّتها وتتحوَّل إلى جمعية خيريّة”.
فهل ستتشكّل الهيئة الناظمة للكهرباء بالمواصفات التي حدّدها ياغي أم بمحاصصات الطوائف وبإدارة مسيَّسة؟! الغد لناظره قريب مع أمل تشكيلها.