تشكّل فترات الأعياد عامةً متنفّساً للمؤسسات السياحية والفنادق والمطاعم، يساعدها على الصمود والاستمرار في ظل الأزمة التي يعيشها لبنان. ومن البديهي أن المرافق السياحية على اختلافها، توظِّف المئات من اللبنانيين بما يمكِّنهم من الصمود وإعالة عائلاتهم في هذه الظروف الصعبة، خصوصاً وأن نسبة البطالة من اليد العاملة تفوق الـ35%.
ولا يشذُّ عيدا الميلاد ورأس السنة عن القاعدة. فالمؤسسات السياحية باتت تنتظر هذين العيدين للتعويض عن خسائرها منذ اندلاع الأزمة، وتفاقمها نتيجة الصراع السياسي الذي يراكم المشاكل ويمنع إيجاد الحلول لها، ما أدَّى إلى فقدان الانتظام العام في البلاد وتعطُّل مختلف مؤسسات الدولة إلى حدٍّ كبير.
وبعيداً عن الآمال والتوقعات المتفائلة إلى حدود خيالية، بتدفق مليارات الدولارات إلى البلد خلال فترة عيدي الميلاد ورأس السنة، يبقى الأمل بموسم أعياد واعد يعيد تنشيط الحركة السياحية، والذي ينعكس بدوره على سائر القطاعات والاقتصاد عامةً، بما يشكِّل متنفَّساً، مهما كان، لآلاف العائلات اللبنانية. فماذا يقول أصحاب الشأن حول الموضوع؟
رئيس اتحاد النقابات السياحية في لبنان، نقيب الفنادق، بيار الأشقر، يكشف، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، عن أن “الحركة في المؤسسات السياحية والفنادق تقسم إلى فئتين: بيروت، التي تعمل مؤسساتها بحوالي 65 إلى 70%. في حين خارج العاصمة، هناك مناطق العمل شبه معدوم في مرافقها السياحية، وأخرى الحركة إلى تحسُّن فيها”.
ويشير الأشقر، إلى أن “المناطق خارج بيروت التي تميل الحركة فيها إلى التحسُّن، هي بالأساس وجهة سياحية شتوية. فمعلوم أن مناطق التزلُّج في مزرعة كفرذبيان، وفقرا، وفاريا، واللقلوق، والأرز، هي في المبدأ وجهات سياحية شتوية تستقطب الناس أكثر من غيرها في هذا الموسم”.
ويوضح، أن “السائح اليوم ليس سوى اللبناني المغترب، أو العامل في بلدان الخليج العربي وإفريقيا”، لافتاً إلى أن “هذه الفئة تشكّل الغالبية من السواح القادمين إلى لبنان في فترة الأعياد، وتبلغ نسبتها نحو 70%. أما البقية فتأتي من العراق ومصر والأردن في معظمها، بالإضافة إلى مغتربين من بلدان الانتشار في أوروبا وأميركا وغيرها بنسبة أقل”.
وعن نسبة الحجوزات لفترة الأعياد، يلفت الأشقر، إلى أنها “تمتد على 10 أو 12 يوماً تقريباً، من 22 كانون الأول الحالي إلى 2 كانون الثاني العام المقبل، أو أكثر بقليل، بحيث نشهد حركة أكثر من الأيام العادية. فمنطقة بيروت مثلاً تنشط الحركة فيها نحو أسبوع أو عشرة أيام. أما خارج بيروت، ففي حال شهدنا حركة ما، تكون على فترة 5 أيام تقريباً كحدٍّ أقصى”.
وينوِّه، إلى أن “الحجوزات ليست كبيرة أو بنسبة ما فوق عادية كما يظن البعض”، لافتاً إلى أنه “لا يجب أن ننسى ألا حفلات كبيرة اليوم”. ويضيف، “المؤسسات والمواقع السياحية والمطاعم الكبرى في منطقة بيروت مثلاً، كانت تقيم حفلات على رأس السنة تصل إلى ما بين 50 و70 حفلة بحسب السنوات الماضية، وهي حفلات كبرى تستوعب ما بين 500 أو 800 وحتى ألف شخص، وكلها اختفت اليوم وباتت غير موجودة للأسف”.
ويؤكد الأشقر، أنه “لا يمكننا التعويل كقطاع سياحي على السائح والمغترب اللبناني فقط. فقسم من المغتربين اللبنانيين سيأتي بطبيعة الحال لقضاء فترة الأعياد مع أهله وعائلته، لكن طموحنا لا يتوقف هنا”، مشيراً إلى أن “ما ينهض بالقطاع هو ترميم العلاقات مع الدول الخليجية وإجراء مصالحة معها، فيعود لبنان ومؤسساته ومرافقه السياحية للعمل بنسبة 70% وأكثر على مدى 365 يوماً في السنة”.
ويشدد، على أن “لبنان كان بهذه الوضعية في السابق، وهذه هي مقوماته وقدراته، لا أن نهلِّل ونصفِّق كلّما اشتغلنا 5 أيام أو أسبوع ونقول (كتّر خيركن). ولا على طريقة أنهم يمنحوننا الكهرباء ساعة في الـ24 ساعة، وإذا أعطونا ساعتين يجب أن نصفِّق لهم!”.
ويضيف، “لا يجوز الاستمرار على هذه الحالة، ويجب إيجاد حلّ للمشكلة من أساسها”، مؤكداً أن “المشكلة سياسية في الأصل، وتنعكس على الاقتصاد بكل مفاصله وقطاعاته، وأودت بنا إلى وضعنا الحالي. وانعكاسات المشكلة السياسية تطاول كل ما نعانيه من أزمات، بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة أصيلة غير مستقيلة، وغيرها”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية