لم يُكذِّب استمرار الارتفاع المضطرد لسعر صرف الدولار في السوق الموازية، توقعات الخبراء الاقتصاديين والماليين “الجدّيِّين”، الذين لطالما حذَّر كثر منهم المواطنين، ممّن يملكون القليل من الدولار، أو الذين تصلهم حوالات من أبنائهم وأقاربهم في الخارج، من الوقوع في أفخاخ المضاربين وتجار السوق السوداء، والإسراع إلى صرف دولاراتهم القليلة عند كل شائعة تروِّج لهبوط مفاجئ للدولار يمكن أن يحصل في أي لحظة.
دولار السوق السوداء افتُتح، صباح أمس الثلاثاء، بـ44300، ليصل ظهراً إلى الـ44.600 ل.ل، و”تعمشق” بعد الظهر إلى الـ45300 ليرة، ليختتم مساءه مسجلاً 45.500، (وعيونو لفوق). ولا بأس من التذكير بما توقَّعه موقع القوات اللبنانية الإلكتروني في مقال نشره قبل نحو شهر و10 أيام، في 10 تشرين الثاني الماضي، بعنوان “فورة غير مفاجئة… الدولار بـ50 ألف ليرة قبل نهاية السنة“، استناداً إلى قراءة عدد من الخبراء الماليين والاقتصاديين، التي يبدو أنها تصحّ تباعاً للأسف.
ويبدو أن الخبراء لا يزالون على نظرتهم السوداوية، إذ يشيرون إلى أن “لا معطيات اقتصادية ومالية طرأت على الوضع الاقتصادي والمالي، فضلاً عن السياسي، تُفسح في المجال للتفكير بقراءة مختلفة أو توقعات متفائلة بتبدُّل مسار الدولار التصاعدي، في المدى المنظور والأبعد. وطالما المعطيات على حالها، بالتالي النتيجة معروفة”.
ويؤكدون، في تصريحات متفرقة لموقع “القوات”، أن “المعالجات الآنية والمؤقتة، على غرار ما يحاوله مصرف لبنان وسط تسليم من المسؤولين، لا تنفع مع أزمة بنيوية كالتي يمرّ بها لبنان. ومللنا من التكرار أن الحلّ هو بخطة إنقاذية إصلاحية شاملة، تنفِّذها سلطة سياسية ومالية موثوقة وذات مصداقية وتوحي بالثقة للمجتمع الدولي، لانتشال لبنان من أزمته”.
وبرأيهم، أنه “من العبث، إن لم يكن من التضليل، الرهان على دولارات تأتي من المغتربين في المواسم السياحية، سواء في الصيف أو في الشتاء، كما يروَّج حالياً على عطلة الميلاد ورأس السنة، للجم ارتفاع الدولار في السوق السوداء. علماً أن دولارات المغتربين المتدفقة إلى عائلاتهم في لبنان أو التي تُصرف لدى زيارة الأهل أو لقضاء عطلة، تساهم مساهمة أساسية في صمود اللبنانيين، والوضع كان يمكن أن يكون أسوأ بكثير لولاها. لكنها عنصر صمود للاستمرار وليست حلّاً لأزمة بنيوية”.
ويوضح الخبراء، أن “القطاع الخاص تأقلم بنسبة مقبولة مع الأزمة، ونجح في إعادة ترتيب وضعيته بدرجة كبيرة، وهذا يسجَّل له. لكن تبقى المشكلة الأساس في القطاع العام المتهالك والفساد الذي يستنزف الدولة من دون مردود يذكر، فيما يقوم مصرف لبنان بتغطية الفجوة من احتياطه النقدي بالعملات الأجنبية، الذي أصبح في وضع حرج لم يعد خافياً”.
بالتالي، وفق هؤلاء، “معظم دولارات المغتربين (ستُشفط) من قبل مصرف لبنان من السوق، لتحسين وضعيته ومواصلة تمويل الدولة ومنع انهيارها بالكامل ولتأمين اعتمادات المواد والسلع الأساسية. أي في المحصلة لن تشهد السوق وفرة في عرض الدولار تؤدي إلى انخفاضه”.
لكن الأنكى، هو ما يشير إليه عدد من الخبراء، لموقعنا، من أن “دولارات لبنان ليست له فقط ولتمويل حاجيات شعبه واقتصاده، بل له ولغيره”، لافتين إلى “ما يتردد عن تهريب كميات كبيرة من الدولارات بمبالغ ضخمة إلى سوريا، خصوصاً في الفترة الأخيرة، على يد عصابات وشبكات منظَّمة تضمّ لبنانيين وسوريين تنشط في مناطق محددة، وتتمتع بحمايات شبه معروفة الهوية والانتماء، ما يساهم حُكماً في ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان أكثر”.
وحول هذه النقطة، يلفت الخبراء إلى “الانهيار التاريخي، والمستمر بوتيرة ثابتة، الذي سجّلته الليرة السورية قبل أيام، في 10 كانون الأول الحالي، لتتجاوز 6000 ليرة للدولار الواحد لأول مرة في تاريخها، بالتزامن مع تفاقم الأزمات الاقتصادية التي تعصف بمناطق سيطرة النظام السوري، خصوصاً أزمة المحروقات التي تسببت بشلل القطاعات الحيوية في البلاد”.
ويتوقعون، “استفحال تهريب الدولارات من لبنان إلى سوريا في المرحلة المقبلة، في ظل انعدام مصادر التمويل للنظام السوري وسط العقوبات الدولية التي يخضع لها، خصوصاً قانون قيصر”.
ويضيفون، “بالتالي، وكما هو معلوم لناحية الحدود الفالتة بين لبنان وسوريا، والمعابر، سواء الشرعية أو غير الشرعية المحمية من قوى الأمر الواقع من دون حسيب أو رقيب، من غير المستبعد أن تتسارع وتيرة الدولار في السوق السوداء ليبلغ سقف الـ50.000 ليرة خلال أيام، ما لم يتدخل مصرف لبنان لهدر المزيد من الاحتياطي في محاولة لجمه مؤقتاً إلى مطلع السنة الجديدة”.
ويضيفون، “بالتالي، وكما هو معلوم لناحية الحدود الفالتة بين لبنان وسوريا، والمعابر، سواء الشرعية أو غير الشرعية المحمية من قوى الأمر الواقع من دون حسيب أو رقيب، من غير المستبعد أن تتسارع وتيرة الدولار في السوق السوداء ليبلغ سقف الـ50.000 ليرة خلال أيام، ما لم يتدخل مصرف لبنان لهدر المزيد من الاحتياطي في محاولة لجمه مؤقتاً إلى مطلع السنة الجديدة”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية