الأكيد أن ستريدا جعجع نائبة مزعجة! عذراً على قلة اللياقة ربما، لكنه التوصيف الأدقّ الذي، وللمفارقة، صار لصيقاً بها منذ صارت نائباً في البرلمان!!
الازعاج الصادر عن ستريدا جعجع، أدى الى ثورة إنماء في قضاء بشري. الازعاج الصادر عن ورش ستريدا جعجع التي لا تنتهي، أدى الى امتعاض كثر، منهم بسبب الغيرة، وآخرون بسبب عدم القدرة على اللحاق بأحلام المرأة.
ماذا فعلت ستريدا جعجع في سنة؟! لم تفعل سوى ما هي عادتها، فعلت وفعلت وفعلت.
كما كل الأعوام غزلت ستريدا قفير نحلها على مهل. “قرص العسل عملوا ع مهلو النحل”، يقول طلال حيدر في قصيدته. لكن القفير لم يعمر هكذا ببساطة ومن دون بعض العقصات، هذه حال من يعمل كثيراً فيواجه أكثر، والمرأة اعتادت المواجهات وإن كانت غالباً لا ترد على معرقليها، إذ تعرف بخبرتها أن من يدير اذنيه للقوّالين، يعمّر إنجازات من وهم، وهي تريد إنجازات لا سطور شعر.
في حلقتها التلفزيونية الأخيرة، بدت ستريدا جعجع في غاية الراحة والتلقائية، هي التي اعتادت أن تفكر كثيراً قبل أن تجيب، تركت عفويتها تنطلق وتغلبها، فنجحت الحلقة لأنها أظهرت وجه تلك السيدة الحقيقي. فخلف الأناقة الملهمة والصمت الهادئ، امرأة حقيقية تضجّ بمشاعرها الأنثوية، امرأة عاشقة لزوجها تخاف عليه من النسمة الطايرة، امرأة رقيقة تحتاج الى سند يحميها من غدرات الزمان. كانت امرأة طبيعية ككل النساء، من دون تلك الهالة التي يخلقها من حولها غالباً مناصروها أو محبوها، من دون أن يدركوا أن تلك “الهالة” تبعدها عن الحقيقة، عن الناس، عن أرض الواقع، والواقع أن حيث تتوه عن ستريدا ستجدها على الأرض مع الناس تعمل، وفي البيت تحب، وفي الحزب تلتزم.
هي امرأة ككل نساء العالم، تخطئ وتصيب، لكن حسبها أنها تحاول أن تكون دائماً في المكان والخيار الصح. لا تتردد ستريدا، لا تتعب وتُتعب الكل معها، ومن واجبها أن تفعل. قد يكون لنائبة بشري الكثير من الانجازات الانمائية لسنة 2022، لكنه أمر صار معتاداً في سجل السيدة النحلة، التي تلاحق الوزراء المعنيين بإنجاز المعاملات، حتى في نومهم وتوقظهم باتصالاتها الملحة، لتتأكد أن المعاملة انتهت، ولتنطلق بمشروعها من الصباح الباكر. دائماً أيامها صباحات باكرة، ركض وركض في الاتجاهات كافة، مساعدات مدرسية، غذائية، صحية مازوت، قرطاسية، مشاريع انمائية تتواصل…”والانقلاب” الإنمائي الحاصل في القضاء، هو أكبر دليل على تلك الحركة اللولبية، إذ من قضاء مهمل متداع، تحوّل قضاء بشري الى أفضل الأقضية إنمائياً في لبنان. هي حقيقة واضحة للعيان، لكن ما لا يعرفه كثر عن تلك السيدة، أن يدها الشمال لا تعرف غالباً ما تفعله يدها اليمين، ولكننا نعلم ونصمت.
فعلت الكثير، وآخر ما فعلته انها سعت لتأمين بوالص التأمين لآليات مركز جرف الثلوج في الأرز، أشرفت على صيانة آليات مركز الدفاع المدني في بشري، وآليات مركز جرف الثّلوج في الأرز، وأكثر من ذلك دعّمت مبنى مستشفى أنطوان الخوري ملكة طوق الحكومي، الذي أعادت من المستحيل افتتاحه وتجهيزه، ليصبح مبنى مقاوماً للزلازل، ولما اكتشفت أن بالإمكان حصول انزلاق صخري بسبب الجبل المجاور للمستشفى، تولت من جيبها الخاص تدعيمه بمبلغ تجاوز الخمسين ألف دولار، وغيرها وغيرها من مشاريع.
الأكيد أن تلك السيدة النحلة أدمنت عملها، وأدمن كثر على نحلها، وأنها، وهنا الأهم، وعلى الرغم مما يفتعله البعض من خصومة غير مبررة تجاهها أحياناً، تبقى الأقرب للجميع من دون استثناء، مناصرون وخصوم، انطلاقاً من واجبها كنائب في البرلمان أولاً، وانطلاقاً من شعورها الذي بات لصيقاً بها، ينام معها في سريرها ويوقظها فجأة من لياليها، بأنها تشعر بالمسؤولية المباشرة تجاه الجميع.
مزعجة ستريدا لأنها تمسك القانون بحرفيته في القضاء، في حين البلد كله يمشي عبر قوانين المزرعة الداشرة.
لماذا نكتب عنها، ألا يوجد نساء مماثلات في لبنان؟ بالتأكيد يوجد وهن كثيرات ربما، لكن مسار تلك السيدة استثنائي يُحتذى به، ولا يمكن تجاهله، ونكتب ما نكتب لأن لم أجد أفضل منها مناضلة في نيابتها لتكون، وبكل موضوعية، تلك “المزعجة” سيدة العام.