علمت “الشرق الأوسط” من مصادر مواكبة للتأزُّم المسيطر على العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله، أن الاتصال الذي أجراه النائب جبران باسيل بمسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، لم يتطرّق إلى الشأن السياسي، وبقي محصوراً بالاطمئنان على صحة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله من دون الاتفاق على موعد لمعاودة التواصل الذي انقطع فور انفضاض لقاء باسيل مع أمين عام الحزب الذي لم يكن مريحاً وكان متعباً للغاية على خلفية الاختلاف في مقاربتهما لانتخاب رئيس للجمهورية.
وكشفت، عن أن ورقة التفاهم بين الحليفين أكل الدهر عليها وشرب بعدما استنفدت أغراضها ولم تعد صالحة للتمديد، ورأت أن “الحزب” لديه الإلمام الكافي بكل ما يدور في اللقاءات المغلقة التي يعقدها باسيل وما يتسرّب منها من مداولات لا تنمّ عن رغبته في إصلاح ذات البين معه.
ورأت أن باسيل دخل في مهادنة مع الثنائي الشيعي سبقت إجراء الانتخابات النيابية رغبةً منه في زيادة حصته النيابية بتأمين فوز عدد من النواب على لوائحه، لكنه سرعان ما انقلب عليه وبدأ يعيد النظر في تموضعه السياسي. وسألت، “لماذا ينأى عدد من النواب في تكتل لبنان القوي برئاسة باسيل عن التضامن معه بخلاف العدد الآخر المحسوب عليه شخصياً الذي يشكّل رأس حربة في الهجوم على الحزب؟”.
ورأت المصادر نفسها أن “باسيل، كما ينقل عنه النواب المحسوبون عليه، يأخذ على الحزب عدم وقوفه إلى جانبه في مكافحة الفساد وإخلاله بالشراكة، سواء بدعمه ترشيح فرنجية للرئاسة، مع أنه لا يحظى بالحيثية المسيحية التي يتمتع بها رئيس أكبر كتلة نيابية، أو بمشاركته في جلسة مجلس الوزراء، بدلاً من أن يأخذ بوجهة نظر حليفه الذي سيغيب عنها بدلاً من التضامن معه، بذريعة أنها تفتقر إلى الميثاقية في ظل الشغور الرئاسي، وهذا ما يتيح لميقاتي وضع يده على الصلاحيات المناطة برئيس الجمهورية. كما أن باسيل، حسب المصادر، يريد أن يُقحم حليفه في صراع سني – شيعي ويدعوه لتناول وجبة سياسية مسمومة، وهذا ما يتجنّبه الحزب لأنه لا يريد أن يسجّل على نفسه أنه يرفع من منسوب الاحتقان بين السنة والشيعة، إضافةً إلى أن غيابه عن الجلسة الكهربائية للحكومة سيضعه في مواجهة مع المواطنين، بدءً بجمهوره ومحازبيه على خلفية إغراق البلد في عتمة شاملة، على الرغم من أن الحزب اشترط حضوره بأن يقتصر جدول الأعمال على ملف الكهرباء من دون زيادة أو نقصان”.
وعليه، فإنه لا مجال إلا للافتراق بالتراضي، لأن تعويم ورقة التفاهم بات مستحيلاً ولا يمكن ترميمه إلا إذا توافقا على حصر تعاونهما على القطعة لافتقارهما إلى السقف السياسي الذي كان يؤمّنه تفاهمهما الذي أُفرغ من محتواه السياسي بعد أن أسهم في انتخاب عون رئيساً للجمهورية في مقابل توفير الغطاء السياسي لسلاح الحزب.
لذلك، لم تعد الحرب الدائرة بين الحليفين، وإن اقتصر اشتعالها على جانب واحد والمقصود به “الوطني الحر”، موضع اهتمام محلي فحسب، وإنما تجاوزته إلى الخارج بمواكبة يومية من معظم السفراء في لبنان للمسار العام الذي بلغته حتى الساعة للتأكد من مدى جدية باسيل بالتمايز عن حليفه ورفضه التسليم بشروطه من ناحية، وما إذا كان القالب السياسي الناظم لتحالفهما قد انكسر وأصبحت ورقة التفاهم من الماضي، على الرغم من أن “الحزب” يترك لباسيل “دفنه” بصورة رسمية انسجاماً مع رغبته بأن يعيد تلميع صورته بأن باسيل اليوم غير باسيل الأمس.