في ثقافة “الحزب” وممارسته، كل شيء مباح، أما الشريك في الوطن فهو رهينة، إما يقبل بما يمليه عليه “الحزب” وإما “تفلت” عليه الأقلام الصفراء والجيوش الإلكترونية.
يرفض “الحزب” منطق بناء الدولة التي تسعى اليها القوات اللبنانية والسياديون في هذا البلد، ويحاول فرض دولته وتعاليمه. مثلاً، فقد ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بـ”أخت مجاهدة”، تحلم بأن ترى طفلها البالغ اليوم بضع سنوات، شهيداً “ببدلة مدمّاية” تزفه فيها عريساً، كما طالعنا مهرجون، ساعة يتهمون القوات اللبنانية بإقامة معسكرات تدريبية وساعة يثرثرون عن التقسيم وتقويض بناء الدولة كـ”نساء الفرن”، بالمعنى الشعبي للتعبير.
أولاً، ثقافة الموت تلك التي دُجنت بعض سيدات “الحزب” عليها، والتي من خلالها تُنشئ أجيالها وتربيّهم، لا تبني دولة ولا تقيم مجتمعاً سليماً، ولا تُفسَّر إلا تخلفاً وقلة وعي وترويجاً لثقافة الموت.
ثانياً، اتهام جزء كبير من اللبنانيين بأنهم لا يريدون بناء دولة، ليس سوى كلام ممجوج مردود لأصحابه. إذا كان معيار بناء الدولة التصنيع والتجارة بالكبتاغون، والاغتيالات السياسية، والتضييق على الحرّيات السياسية والإعلامية، ونترات المرفأ، والعزلة الدولية، والانهيار الاقتصادي، فالقوات وسياديو هذا البلد، حتماً لا يريدون دولة. فدولتنا يا سادة هي التي جعلت من لبنان سويسرا الشرق، وكانت رائدة في هذه المنطقة المظلمة، بدعم الحريات وبناء المدارس والجامعات والسهر على الأطفال بهدف تأهيل جيل يعشق العلم والحياة. دولتنا كانت تلك التي خلقت بحبوحة اقتصادية وأقرضت في العام 1965 الحكومة الهندية مبلغ 30 مليون دولار أميركي.
ثالثاً، من يطالب بلبنان الـ10452 كيلومتراً ومن استشهد على مساحة الـ10452 كيلومتراً، إنما يطالب بدولة تبسط سلطتها على كامل أراضيها، وهو حتماً رفض ويرفض تحكّم “الحزب” برقاب اللبنانيين، ولن يرضى بأجندته. وللمناسبة، لم يقسّم أحد لبنان كما فعلتم أنتم، فاخجلوا من هذه الهرطقة وهذا “اللتّ والعجن”.
أما الحديث الذي تخرجون به من حين لآخر عن التسلّح والمعسكرات، لشدّ عصب الجماعة التي أوديتم بها الى الهلاك، فهو أطرف ما يمكن سماعه. فلنتذكر سوياً مخازن الأسلحة العائدة لكم التي تنفجر ساعة في الجنوب وساعة في البقاع، والأنفاق التي حفرتموها بين المناطق لتسهيل حركتكم، وتصديركم المقاتلين من حزبكم مرة الى سوريا وأخرى الى اليمن، ونترات مرفأ بيروت و… لائحة تطول.
واضح أن “الحزب” يعيش أزمة داخلية تطبق عليه، فيحاول تحويل النظر عنها بالتصويب على الخصوم. هذا الفكر الإعلامي الذي لم يعد أحد يصدقه، بأمس الحاجة الى إعادة تنظيم، بعدما تحوّلت أحاديث الناطقين باسمكم وكتاباتكم أضحوكة على كل لسان.