كتب انطوان نجم في “المسيرة” – العدد 1736
كنت في الرابعة عشرة من عمري، في طرابلس، مسقط رأسي، عندما استيقظت فيّ غريزة السياسة على قرع طبول الحرب في فلسطين في العام 1948.
وكنت في الثامنة عشرة من عمري، عندما انتسبتُ الى حزب الكتائب اللبنانية، في الخامس والعشرين من حزيران من العام 1952.
ومنذ ذلك الوقت، لم تتوقّف مسيرتي الملتزمة، خصوصًا في نطاق البلورة الفكريّة السياسيّة: إطّلاعًا، وتأليفًا، وتعليمًا ونقاشًا…
فوصلت الى ما ارتاحت له نفسي. ومنه:
التمييز بدقّة بين الحلم والوهم.
الإمتناع عن إعتبار الإفتراضات، ما بقيت إفتراضات، حقائق قائمة.
رفض الدخول في سجن الإيديولوجيّات المدّعية القبض على سير التاريخ، الزاعمة فهمه وتحليله في أبعاده الماضية والحاضرة والمستقبلة، والساعية للإمساك بوجدان الإنسان وقولبته.
الإنطلاق من واقع الحياة، بما هي عليه، في حقيقتها المعقّدة، لا بما نتخيّلها عليه. وذلك من أجل تشخيص الواقع موضوعيًّا، فوضع تطلّعات التطوير المناسبة.
واقع حياتنا في لبنان يقول، بصوت هادر وصارخ، إننا طوائف، ليس بمعنى ينحصر بالإنتماء الإيمانيّ في خصوصيّته الإعتقاديّة، بل بمدلول جماعاته ذات الحضور الثقافيّ الكثيف في التاريخ، حضور صنعه الزمان وأحداثه. وقد فشلت جميع التصوّرات التي اعتبرت هذه الجماعات في لبنان ذات هويّة مجتمعيّة واحدة، بموجب الإيديولوجيّة القوميّة. ممّا يُلزمنا باعتماد تعددّية الجماعات اللبنانية أساسًا، في الإنتظام السياسيّ – الدستوريّ في لبنان. وليس من دليل أنّ هذا الإنتظام سيؤول، حتمًا وقطعًا، الى وصاية دينيّة، أيًّا كانت، وبأيّ لون تبرقعت، أو إلى خطر تشرذم اللبنانيين، وإغراقهم في حرب داخلية. بالعكس تمامًا، ولأسباب عديدة وعديدة.
الأخذ بعين الإعتبار التغيّرات القائمة، بين المجموعتين الطوائفيتين، في ميزان القوى، من نواحيه الديموغرافيّة والاقتصاديّة والثقل السياسي المحلّي والإقليمي والدولي، وأهميته.
هذا الإنتظام، إذا ما أخلصنا له، يعني «حيادًا» في السياسة الخارجية، يريحنا من أحوال التأزيم وأخطار الصراعات، و«ديمقراطيّة توافقيّة»، حقيقيّة، في السياسة الداخلية، تعطينا، جماعات وأفرادًا، حقوق الإنسان والمواطن، كاملة، في الحريّة والمساواة والعدالة، فتكافؤ الفرص، وذلك وفق مبادئ «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان» وسائر الشرعات الأمميّة المتمّمة له. عند ذاك، يتوافر الشرط الأول والأساس للإستقرار في لبنان، وهو شعور اللبنانيين، جميعهم، بالإرتياح الى تأمين مصالحهم الوجوديّة كلّها، من غير تمييز ولا استئثار.
الكلمة موقف، أيًا يكن موقِعُها ووَقعُها. في الفكر، في السياسة،
في الدين، في الثقافة، في المجتمع، في الاقتصاد، في البيئة…
وحتى تصبح هذه «الكلمة» عابِرة في الزمان والمكان، تفتح مجلة «المسيرة» صفحتها «آخر الكلام» لكتَّاب وسياسيين ورجال دين وفكر وفلسفة واقتصاد، ليسطِّروا عليها كلمة… وموقف.
للإشتراك في “المسيرة” Online:
http://www.almassira.com/subscription/signup/index
from Australia: 0415311113 or: [email protected]