الجبل المقدّس

حجم الخط

لبنان ليس بحاجة إلى تاريخ، لأنّه التّاريخ بعينه.

من يحضر وثائقي الجبل المقدّس، يدرك معنى أن يحفر الرهبان بأبدانهم طريقاً، تربط الأرض بالسّماء.

نعم، الطريق إلى اللّه، لا تمرّ عبر  لبنان وحده، إلّا أنّ طريقنا هي الأشدّ قداسة ونوراً، فقد عبّدتها أجساد وعظام، غارت في قاديشا، حتى غدت مسكه المقدّس.

هي طريق بدأها اللبناني بإطعام جراحه وآلامه للسّماء والأرض والليل والنهار والدهور، جهداً وفعل إيمان، وإلى اليوم ما بخل.

كثيرة هي الأصوات الّتي تروج لزوال لبنان، غير أنها وبالتأكيد هي كأصوات الوحوش التي رافقت مسيرة أولئك الرهبان طوال ليل صلواتهم منذ ستة عشر قرناً، وما قطع عويلها تلك الصلاة.

زوال لبنان رهن بفك ترابه عن دماء شهدائه.

رهن بقطع خيط سبحته الممتد إلى أديرة عُمِّد طينُها وحجرُها بعرق الرهبان الذي ينتشر نداه على أكفّ النبات والزهر والشجر وكل المصلين في قاديشا.

رهن بفصل رنين الأجراس وأصوات المرتلين عن حفيف الأوراق وصفير الرياح.

رهن بإقناع كل زوايا الركوع بالتنكر للرُّكب التي عظّمت اللّه فوقها.

رهن بإقناع تفّاح بسكنتا وقمح البقاع وزيتون الكورة بالكفّ عن النمو في أرض هذا الوطن.

رهن بإقناع الطيور والعصافير بالتوقف عن التحليق والزقزقة في سماء لبنان.

رهن بقطع العلاقة بين الضباب والثلج وموج البحر والسواقي والجداول والأنهار فيه.

فلبنان ليس مجرّد وطن يختزل بجواز سفر، وهوية، وإخراج قيد، ومنقوشة زعتر.

إنّه معبد قداسة، أسّسه اللّه في الأرض لمحبيه، ومواقيت صوم وصلاة أبديّة، وتردد صدى يصدح باسمه وباسم يسوع ما دام في ملكه عتم وضياء.

شكرا لك إيلي أحوش.​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل