كثيرون ينعون التركيبة اللبنانية يومياً، باعتبار أنها أثبتت فشلها على مختلف المستويات. ولعلَّ من العوامل الأساسية في وصولها إلى حائط مسدود، أداء السلطة المجبول بالفساد والمحكوم من سطوة السلاح غير الشرعي على كل الملفات الحياتية، الذي يعرقل شؤون المواطنين ويشلّ البلد واستحقاقاته الهامة التي من شأنها البدء بمسار الإصلاح الطويل.
رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رفع الصوت، داعياً لـ”إعادة النظر في كل التركيبة اللبنانية”، لتهبَّ عاصفة هوجاء لم تهدأ، واستحضار البعض لشعارات من قبيل رفض التقسيم، الذي لم يُطرح أساساً. والواقع، أن من قررَّ التذرُّع بهذا الشعار، يخاف من تحرُّر اللبنانيين من قبضته، عبر تطبيق مبدأ اللامركزية الإدارية الموسّعة، إذ يعلم جيداً أن الهدف ليس التقسيم وتغيير النظام.
مراقب سياسي رفيع المستوى، يجزم عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “المقاربة الأساسية للّامركزية الإدارية الموسّعة، هي المتعلقة بكيفية إدارة أمور الناس اليومية والحياتية. وهذه الإدارة بالذات فرضت على دول حديثة ومتطورة في العالم اللجوء إلى اللامركزية الإدارية الموسّعة، من أجل تسيير أمور الناس بشكل بديهي وطبيعي”.
وانطلاقاً من هذه المقاربة، يسأل المراقب، “كيف لدول حديثة ومتطورة أن تلجأ إلى اللامركزية الإدارية الموسّعة تسهيلاً لشؤون الناس، فيما دول فاشلة مثل لبنان لا تزال تتمسَّك بمركزية سلطة غير ناجحة، الأمر الذي ينعكس سلباً على شؤون المواطنين وأحوالهم؟”.
وفي حين، يؤكد على أن “المنطلق الأساس لهذه المسألة يتعلَّق بأولوية الناس وكيفية إدارة شؤونها”، يتَّهم المصدر ذاته، “من يُسيّس هذا الأمر، عن سابق تصور وتصميم منذ العام 1990 حتى اليوم، بأنه يريد الإمساك بزمام أمور اللبنانيين الاستراتيجية والحياتية اليومية، منعاً لتحسين أوضاعهم بالشكل المطلوب”، مشدداً على أن “هذا الأمر مرفوض، لأنه لو كان هناك لامركزية فعلية وحقيقية، لما كانت تأثيرات أزمة فشل الدولة والسلطة المركزية بهذا الحجم على المواطنين والناس”.
ويشدد على، “وجوب الذهاب فوراً إلى اللامركزية الإدارية الموسّعة، ما يمكّن المواطنين من إدارة شؤونهم في مناطقهم بالحدِّ المطلوب، على مستوى الكهرباء والمياه والاتصالات والجامعات والمدارس، وسائر الأمور الحياتية اليومية. وبما يؤمِّن فرص عمل إضافية، ويشكِّل مصلحة حيويّة للدولة اللبنانية”.
ويلفت، إلى أنه “علينا دائماً الانطلاق من أن الدول الناجحة ذهبت بهذا الاتجاه، فكم بالحريّ الدول الفاشلة التي يجب أن تسرع نحو هذا المسار؟”، جازماً بأنه “لا يمكن لدولة مثل لبنان أن تتحوَّل إلى دولة ناجحة في ظل فئة سياسية واسعة فاسدة، وسطوة سلاح غير شرعي على حياة اللبنانيين”.
ووفق المصدر عينه، “اللامركزية حاجة إنسانية حياتية لجميع اللبنانيين، بلا تمييز مذهبيّ أو طائفيّ، إسلاميّ أو مسيحيّ”، مؤكداً أن “الهدف منها ترييح الناس وتوفير مستلزماتهم الحياتية، وتمكينهم من الازدهار والتقدُّم على مختلف الصعد”.