مَن منكُم بلا فدرالية فليرجمها بحجر

حجم الخط

 

 

من وقاحة السياسة اللبنانية، وجود «تطبيقات» تُمارَس، ولا ينقصها سوى «الترخيص» أو الـ»license»، بلغةِ اليوم. لا أحد يعترف بها، لا بل يُخضعونها للشيطنة، علماً أنهم يعيشونها في يومياتهم السياسية والتربوية والمالية، وغيرها من المرافق.

 

«التطبيق» السائد هذه الأيام، لا بل منذ العام 2005، وأحياناً منذ العام 1991، أنّ البلد يعيش «لامركزية مقنَّعة» تصل في بعض الأحيان، وفي بعض القطاعات، إلى فدرالية مبطَّنة. رافقونا في هذه الجولة:

 

مَن «يحكم» بين الأوَّلي والناقورة؟ الأمور بأسمائها، «حزب الله» وحركة «أمل»: أمن، قضاء، إنماء، كهرباء، معمل الزهراني، المخافر، المشاعات، الشواطئ، وحتى التبغ، وغيرها وغيرها الكثير من القطاعات والمساحات، والمرافق. هل يُعيَّن رئيس مخفر أو قاضٍ أو قائمقام أو محافظ أو رئيس مصلحة او أصغر موظف، من دون موافقة «حزب الله» وحركة «أمل»؟ هذا النمط من «الحكم» أو «التحكُّم»، ماذا يسمونه غير «لامركزية بالقوة»، أو «فدرالية الأمر الواقع؟».

 

إلى شمال الأولي، وصولًا إلى الشويفات، صعودًا إلى الباروك، الجبل الإداري، اعتاد أن تكون مرجعيته في المختارة، وقد نجح «البيك» في أن يحوِّل «منطقته» إلى نموذجية، ومَن يجول في الشوف وعاليه والمتن الأعلى يلمس هذا الواقع، لدرجة أنّ مهرجانات بيت الدين تحمل توقيع المختارة.

 

من خلدة إلى الاوزاعي وصولًا إلى الطيونة فكنيسة مار مخايل فطريق صيدا القديمة فالشياح وحارة حريك وبرج البراجنة، لمَن الكلمة؟ ولمن تتبع الإدارة عمليًا؟ لا يتغيَّر شيء في البقاع وتحديدًا في مناطق بعلبك الهرمل.

 

الوضع يتغيّر كثيراً، إلى درجة الإنحسار، حين يصل الأمر إلى مناطق المتن الشمالي وكسروان وجبيل والبترون، حيث قبضة «الدولة المركزية» تبدو واضحة في الأمن والإدارة. تتلاشى هذه القبضة مجدداً في أقصى الشمال وصولًا إلى الحدود مع سوريا.

 

تأسيساً على كل ما تقدَّم، إلى متى سيبقى «الفدراليون الحقيقيون» يختبئون وراء «أصابع» الدولة المركزية الوهمية، ويشيطنون كلَّ مَن يطالب بالفدرالية؟ في الأساس، هل هُم طبَّقوا «مركزية الدولة» وفق ما يقتضيه الدستور واتفاق الطائف؟ في أي مجال طبَّقوا الدستور؟ في قوانين الإنتخابات النيابية التي فصَّلوها على قياس نفوذهم منذ القانون الاول عام 1992؟ في «فدرالية» الصناديق والمجالس، من مجلس الجنوب إلى مجلس الإنماء والإعمار، إلى الصندوق المركزي للمهجرين؟ حتى في التعليم، ماذا عن»مدارس المهدي»؟ وغيرها من المدارس التي تُدخِل إلى المناهج الرسمية «مناهج عقائدها»؟ ما هي مادة التاريخ التي يعلمونها؟

 

البلد بطبقات كثيرة، طبقة تُحكَم وفق منطق الدولة المركزية، طبقة تُحكَم وفق منطق الدولة الفدرالية، وطبقة تفتِّش عن «منطق» لتحكم من خلاله!

 

أيتها الفدرالية، كم من الشيطنات والأضاليل ترتكب باسمِك؟ حتى قتال إسرائيل دخل في «فدرالية المقاومة» من خلال حصره بـ»حزب الله». البلد اليوم في «مركزية» مشوَّهة و»فدرالية» مقنَّعة: لا العودة إلى هذه «المركزية» تُفيد، ولا الإستمرار في هذه «الفدرالية المقنّعة» ينفع!

المصدر:
نداء الوطن

خبر عاجل