خاص ـ التيار لـ”الحزب”… “لو حبنّا غلطة”

حجم الخط

بمناسبة عيد الحب لا بُد من القاء الضوء على طبيعة “الزواج” الذي جمع التيار العوني بحزب الله، خصوصاً ان هذه العلاقة “الغرامية” الممتدّة لأكثر من 17 سنة ليست شأناً شخصياً وخاصاً، بل ترخي بثقلها السلبي على شعبٍ بأكمله، فتمنع العاشق من اهداء الورود لعشيقته بسبب غلائها الفاحش وتدهور قدرة راتبه الشرائية، وتحول دون تمكين المشتاق من رؤية حبيبته بسبب ارتفاع سعر المحروقات، وتقضي على أحلام الشاب المغروم ببناء مستقبلٍ زوجي مع اميرة أحلامه، بفعل اليأس والقهر والذّل وانعدام الافق الذي خلفّه الزواج البائس للتيار بحزب الله على اللبنانيين بأسرهم….

زواج التيار بحزب الله، قائم على كل شيء إلاّ على الحب، فالنرجسي، بحسب توصيف قيادي في الثنائي الشيعي لجبران باسيل، كما ورد في جريدة اللواء بتاريخ 1 شباط 2023، لا يحب، ولا يعرف مشاعر الحب حتى، بل كل ما يهمّه من اي علاقة، او اي ارتباط، هو مصالحه الضيقة، حتى ولو اختربت البصرة واحترقت روما.

الحب بالنسبة للنرجسي، هو امتصاص طاقة الشريك، واستغلاله لآخر نفس، وتسخير العلاقة خدمةً له فحسب، وإلا فالتهديد والوعيد وحملات التشهير الممنهجة.

وعادةً ما يختار النرجسي شخصاً يمتلك صفات المتعاطف، بحيث يكون اكثر استعداداً للتضحية وتقديم التنازلات في سبيل راحة وسعادة ومصالح النرجسي، ولكن بمجرد ان يُقرر الشريك التخفيف من عطاءاته وتقديماته، حتى يطلق النرجسي حملات تشهير مسعورة تستهدف تشويه سمعة الشريك والتقليل من قيمته، المترافقة مع التهديد بفض العلاقة بينهما، تماماً مثلما يحصل منذ 17 سنة بين باسيل وحزب الله، وخصوصاً بعد تبنّي حزب الله ترشيح شخصية غير باسيل للرئاسة.

صحيحٌ ان حزب الله لا تنطبق عليه صفة المتعاطف بالإجمال، حتى ولو كانت التركيبة النفسية للمجتمع الشيعي عموماً متعاطفة ومبدئية بطبيعتها، انطلاقاً من اخلاقيات الإمام علي والائمة من بعده، وبالنظر أيضاً الى المظلومية التاريخية التي لحقت بها وبرموزها الدينية، وجعلتها تختزن كمّاً هائلاً من المشاعر والعاطفة والذاكرة الجماعية المثخنة بالأحزان، والمتعاطفة مع كل المقهورين مثلها، غير ان المشروع الاستراتيجي الكبير لحزب الله يُحتّم عليه تقمّص دور المتعاطف، لا النرجسي، في علاقته بباسيل، وتقديم بعض التضحيات التكتيكية له في سبيل انتصار مشروعه الاستراتيجي الأكبر، حتى ولو أدى ذلك الى التضحية بمصالح باقي اللبنانيين.

وبالمقابل، صحيح أيضاً ان النرجسي هو الطرف المستبد، الفاجر، الأناني، والمتطلّب في العلاقة، وصحيح انه الطرف الذي يوحي للشريك “المتعاطف” انه “مُستغني” وليس “عايز”، لكن الحقيقة هي ان الطرف النرجسي هو الأكثر هشاشة وضعفاً واعتماداً على شريكه “المتعاطف”، حتى ولو ادعّى العكس، لذلك تراه يبتز ويُهدد بالرحيل والهجر عند كل اشراقة شمس ومغيبها، غير انه يعجز عن الإقدام على هكذا خطوة، كونها تُفقده المصدر الرئيسي لإمداده النرجسي، الذي هو بمثابة انبوب الاوكسيجين المتبقّي الذي يتنفّس منه.

بمجرد ان الثنائي الشيعي اقّر بأن باسيل هو نرجسي من الطراز الرفيع، نقلاً عن جريدة اللواء اعلاه، هذا يعني ان كل التكتيكات والالاعيب التي يمارسها الأخير باتت مكشوفة امام شريكه، وهو ما يُفقده أوراق قوةٍ عديدة في العلاقة، ويجعله يتخبّط يمنةً ويساراً، مستخدماً كل ما امكن من حيل لاسترداد موقعه، كحيلة التثليث (triangulation) التي يستخدمها النرجسي عبر الزّج بطرفٍ ثالث في الموضوع (بكركي مثلاً) لتحسين شروطه امام شريكه الأساسي وابتزازه اكثر فأكثر، وهذا ما تنبّهت له القوات فامتنعت عن مجاراة باسيل في هذه الحيلة النرجسية المعروفة.

منذ توقيع ورقة التفاهم والتيار العوني يقول لحزب الله “حبّنا غلطة”، ولكن كم وكم من الأغلاط والأخطاء والخطايا التي ارتكبها التيار، ليس لأنه وقّع على هذه الورقة فحسب، بل لأنه يُصّر على الاستمرار بالغلط، فيما لسان حاله يُردّد مع وائل كفوري:”لو حبّنا غلطة تركنا غلطانين”.

في مذكرة سرّية تحمل الرقم 79578، 3089 بيروت 06، الصادرة عن السفارة الأميركية في بيروت في 25/9/2006، وفي مذكّرة مشتقة منها تحمل الرقم 12958، في 12/9/2006، ومُصنّفة من السفير الأميركي جيفري فيلتمان، أن المسؤول السياسي في السفارة قال لجبران باسيل: حتى لو وصل عون إلى بعبدا، فسيكون عاجزا عن العمل، لان “حزب الله” سيحكم البلاد…. وفي حال أصبح رئيسا للجمهورية، وبدأ بالضغط على “حزب الله” لتسليم سلاحه، فقد يعمل هذا الأخير على التخلي عن “التيار الوطني الحر”. فأجابه جبران باسيل بكل “ثقة”:”فليقوموا بذلك، نحن لا نحتاج إليهم”.
مرتّ سنوات طويلة على هذا القول، وصل فيها عون الى بعبدا، وصحّت توقعات مسؤول السفارة، وتخلّى حزب الله اليوم عن التيار لصالح فرنجية، ومع ذلك لا يزال باسيل “يحتاج اليهم”.

وفي مذكرة سرية تحمل الرقم 12958 EO وصادرة في بيروت في 14 تموز 2006، انه خلال حوار مع مسوؤل في السفارة الأميركيّة في بيروت، أجري في الثالث عشر من شهر تموز، قال النائب ابراهيم كنعان:”إن تحالف التيار مع حزب الله كان غلطة”….كان ينقص النائب كنعان ان يُضيف: “تركنا غلطانين”….

نهاية العلاقة بين النرجسي و”المتعاطف” عادةً ما تنتهي بهروب المتعاطف، وانهيار النرجسي، وفي حالاتٍ نادرة، يضطر النرجسي للرضوخ الكلّي لشريكه المتعاطف، بعد كل التهديد بالهجر والوعيد والتشهير، في مقابل احتفاظه بالإمداد النرجسي، بانتظار تبدّل الظروف للانقلاب عليه مجدداً.

في عيد الحبّ، لن نتمنّى لثنائي “وثيقة الغرام” دوام الحبّ والعشق بينهما، لأنه حب مزيّف وارتباط مصلحي، بل سندعي حتى يذهب كلٌ منهما في حال سبيله، حتى يتوقف الانهيار واليأس والعبثية، وتعود عجلة الحب والأمل والحياة والازدهار لتسير في حال سبيلها، فيصبح بإمكان العاشق الحقيقي شراء باقة الورود الحمراء لعشيقته بكل فرحٍ وحب، والحبيب شراء خاتم الخطوبة لحبيبته بكل شوق ورجاء، وحتى يصبح بإمكان الشابات والشبّان الحلم بمستقبل افضل، وغدٍ وردي، وحياةٍ سعيدة.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل