.jpg)
رصد فريق موقع “القوات”
يستيقظ اللبناني كل يوم على وقع مصيبة أكبر من التي سبقتها، ليقف وسط فوضى اقتصادية ـ سياسية ـ قضائية لا حول له فيها ولا قوة. ويتواصل “الكباش” اليوم بين المصارف والقضاء من جهة وجنون الدولار من جهة ثانية وسط “هستيريا” لم يسبق أن عاشها اللبنانيون حتى في أسوأ الأيام، وأغلبية المسؤولين تتصرف على قاعدة “لستُ المذنب”، حتى أصبح المواطنون بانتظار أعجوبة تنتشلهم من القعر الذي يتعمّق أكثر، تحديداً اليوم، بعد تسريب معلومات عن عقوبات محتملة، فجّرتها مصادر أميركية، على حاكم مصرف لبنان لصلته بممولين لحزب الله.
وتصاعدت التحذيرات المصرفية في لبنان من خطورة الاتهامات القضائية الداخلية لها بتبييض الأموال، وتداعيات ذلك على المعاملات المصرفية، بموازاة دعوى جديدة طالت، للمرة الأولى، مصرفاً عربياً عاملاً في لبنان، هو بنك الكويت الوطني، وبدأ مسار الاتهامات مطلع الأسبوع الحالي، حين قرَّرَت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، الادعاء على بنك عودة ورئيس مجلس إدارته سمير حنا، ورئيس مجموعة بنك عودة تامر غزالة، وكل من يظهره التحقيق بجرم تبييض الأموال، وذلك بناء على شكوى تقدمت بها جمعية “الشعب يريد إصلاح النظام”. فيما طالبت عدة مصارف برفع السرّية المصرفية عن رؤساء وأعضاء مجالس إدارتها ومفوضي المراقبة ومدققي حساباتها، تحت طائلة ملاحقتهم بجرم تبييض الأموال.
في المقابل، رفضت «جمعية مصارف لبنان» تلك الاتهامات، وحذرت من خطورتها، معتبرة أن “قرارات القاضية عون تنتفي للحد الأدنى من الجدية”، منبهة من أن “هذا الادعاء يلحق الأذى البالغ بعلاقة المصرف المعني بالمصارف المراسلة ويهدد مصالح المودعين”، مضيفة أن “المصارف المراسلة لا تعرف أن الغاية هي انتقامية بحتة ولا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بتطبيق القانون”.
وأوضحت مصادر مصرفية لـ«الشرق الأوسط» أن “هذه الاتهامات تعني إغلاق منافذ لبنان المالية إلى الخارج، إذ يمكن أن تجمّد البنوك المراسلة العمليات المالية اللبنانية احتياطاً بسبب الدعاوى في لبنان، وعليه هذا يعني أن لا تحويلات مالية من لبنان ستستقبلها البنوك المراسلة في الخارج، ولا اعتمادات مستندية”. وقالت إن “خطورة هذا الأمر أنه يمكن أن يحوّل الاقتصاد إلى اقتصاد نقدي، مما يهدد في مرحلة لاحقة شركات تحويل الأموال المحلية أيضاً”.
وقالت المصادر المصرفية إنه “بعد وصول معلومات عن تحركات باسم جمعيات المودعين أمام بعض المصارف اليوم الخميس، اتخذت بعض المصارف قراراً خاصاً بمعزل عن الجمعية، هو قرار وقائي بتقليص الدوام في بعض الفروع المصرفية اليوم، بناء على التقييم الأمني، وتقضي بوقف أعمال الموظفين داخلياً، ومن ضمنها معاملات التحويل لأغراض تجارية واستيراد وتصدير، إضافة إلى التوقف عن تزويد ماكينات الصراف الآلي بالعملة الورقية اليوم الخميس”.
بدورها، أكدت مصادر مصرفية لـ”النهار” أن “القاضية عون أرجأت النظر في شكواها ضد عدد من المصارف التي لم تتجاوب مع قرار رفع السرية المصرفية الى غد الجمعة، علماً أنه كان يفترض أن تنتهي مهلة تسليم المعلومات اليوم الخميس”.
من جهة ثانية، فاجأت الإدارية الأميركية، أمس الأربعاء، بشبه تهديد بالعقوبات على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إثر علاقته المباشرة بممولين من حزب الله، إذ أشارت مصادر أميركية لـ”الحدث” إلى أنّ “لا رضا أميركياً على سلامة. وكشفت بوضوح علاقة حزب الله بسلامة”، مؤكدة أنّ “الإدارة على مسافة خطوة واحدة من فرض عقوبات على سلامة”.
أما في الهمّ الرئاسي، فلا يزال الملف عالقاً بين معطليه ومَن يريدون رئيس يُنقذ هذا البلد، إلاّ أن حتى المجتمع الدولي بات واضحاً أن هذا الاستحقاق هو لبناني بحتّ ولا علاقة خارجية به، إذ أبلغ مصدر دبلوماسي في باريس الى “الجمهورية” ان “الدول المعنية بالاجتماع الخماسي الذي أُقيم في باريس تنتظر ما سيتقرر في لبنان، ربطاً برسالة الاجتماع التي نقلها سفراء الدول الخمس. وفي ضوء ذلك ستتقرر الخطوات التالية والإجراءات التي ستتخذ وخصوصاً من الولايات المتحدة وفرنسا.
واستبعد المصدر نفسه “ما تردد عن زيارة محتملة لمسؤول فرنسي الى لبنان، وعودة الدول الخمس الى الاجتماع من جديد، ذلك ان اجتماع الاثنين أدى الغرض المُتوخّى منه، واكد على ما ينبغي على القادة اللبنانيين ان يدركوه وهو ان انتخاب رئيس الجمهورية مسؤوليتهم، وأصدقاء لبنان على التزامهم بتقديم الدعم له على مستويات مختلفة”.
من جهتها، أشارت معلومات «الشرق الأوسط» إلى أن “رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي أصرّ أمام سفراء دول الخمس على عدم تحميله شخصياً مسؤولية العوائق التي تؤخّر انتخاب رئيس، لأنه عزف عن الترشُّح للانتخابات النيابية، وليست لديه كتلة نيابية، والتشرذم الحاصل بين النواب السنة لم يكن سبباً في تعطيل الانتخاب، لأنهم لم يقاطعوا الجلسات”.