يتفاقم الخوف على الوضع الأمني في لبنان جراء اشتداد الأزمة الاقتصادية والمعيشية وغياب الاستقرار السياسي في ظل تعنُّت فريق الممانعة والخلافات القائمة في ما بينه على خلفية انتخاب رئيس للجمهورية.
جديد الملف الأمني، ما يُحكى في الكواليس الدبلوماسية أن سفارات غربية وضعت طرق اتصال بمواطنيها في بيروت، مع نشرة دورية شبه يومية، حرصاً على سلامتهم وأمنهم.
العميد الركن المتقاعد الخبير العسكري والاستراتيجي خالد حمادة يوضح أن الأمر لا يتطلب الكثير من الفراسة للاستنتاج بأن البلاد تمرّ بظروف صعبة ومقلقة، والتدهور الاقتصادي هو العنوان، لأنه هو ما يعني الناس.
ويشير في حديث إلى موقع “القوات اللبنانية” إلى أن القلق لدى الناس والاضطراب مع الانقسام السياسي، الذي على الرغم من كل الضغوط التي مورست من قبل حزب الله والمحاولات التي نجح بها لغاية الآن من تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، لن ينجح في الوصول إلى فرض المرشح الذي يريده.
العميد حمادة يلفت إلى أن السفارات الغربية لديها كل المبررات لتحذر رعاياها بشكل يومي من خطورة الوضع ورأينا أحداث إحراق المصارف والوضع المتفلّت، وسمعنا أيضاً خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي توجّه إلى الداخل والخارج وكأنه يقول، إذا أُحرجنا سنفجّر الوضع في الداخل والخارج”.
ويقول، “التحذير الذي حاول نصرالله تسويقه باتجاه إسرائيل نتيجة المماطلة في ملف استخراج الغاز، لم يكن فقط باتجاهها، بل حذر في المقابل الفرقاء في الداخل واستعاد مشهد 7 أيار 2008”.
ويضيف، “هذا الكلام يدل إلى أن الحزب بالتهديد، على الأقل، يريد استعمال كل الطرق لفرض نظريته في السياسة والاقتصاد والأمن على الجميع”.
ويعتبر حمادة أن حزب الله قادر على استعادة مشهد 7 أيار 2008 في أي وقت، لكن الفارق ما بين التوقيتين أنه في السابق نجح نصرالله بالقول للناس إنه قادر على فرض منظومة جديدة وتعطيل البلد وإسقاط الدولة، أما اليوم فالدولة ساقطة أصلاً واللبنانيون لا يريدون ترميمها وفقاً للنموذج القائم وبإدارة المنظومة نفسها.
ويتابع، “من المعلوم أن الدولة سقطت بيد حزب الله من جهة قرارها السياسي والأمني ولن يحقق الأخير أي شيء من خلال عسكرة الشارع وقطع الطرقات، وكل البلبلة المسلحة لن تفضي إلى انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية”.
ويشير إلى أن اللبنانيين لم يعودوا متحمّسين للدخول في التسويات للحفاظ على ما تبقى من البلد لأنه لم يتبق شيئ منه، وبالتالي من الممكن أن يُعسكر الحزب في المناطق التي يبسط سيطرته عليها وأي محاولة للدخول إلى مناطق أخرى ستُجابه من قبل الناس، ما سيدخله في معادلة أمنية لن يستطيع الخروج منها ولن يتمكن أي طرف أن يقيم تسوية عليها.
العميد الركن المتقاعد يعتبر أن اللبنانيين يئسوا من المقاربات الفرنسية ومحاولة بناء تسويات سياسية على وضع متردٍ. وبرأيه، حركة بعض السفراء الغربيين تأتي تزامناً مع خطاب نصرالله.
ويوضح أن الوضع مستمر كما هو، والأفق السياسي لدى حزب الله مقفل بالكامل لسببين: الأول أنه لم يتبقى أي شيء من الدولة يمكن إسقاطه، والثاني أن بيئة الحزب أيضاً متضررة من الضائقة الاقتصادية ما يشكل عامل ضغط عليه.
ويؤكد أن الخطاب الغربي موحّد وهو القيام بالإصلاحات وبالتالي إذا اعتقد حزب الله أن تعقيد الملف السياسي قد يجبر الغرب على اللجوء إلى طاولة التفاوض والقبول بفرض تسويات، فهذا الأمر ليس مطروحاً.
ويشير الخبير ذاته إلى أن الوضع الأمني لن يتجه نحو الانفجار الكبير، سائلاً، لماذا لم يتم إحراق المصارف في جونية وفي صيدا واقتصر الأمر فقط على شارع بدارو؟ لأنه كان هناك محاولة لتطوير الوضع وتفجيره، لكن الأمر لم يتوسّع ومن حاول القيام بذلك فشل، وهذا ما سيحصل في أي محاولة لتفجير الوضع الأمني.