أن يدافع الممانعون والذين يدورون في فلك “الحزب” الذي دمّر لبنان على الصعد كافة عنه، فهذا أمر طبيعي ومفهوم ومبرر، فمنهم مَن يعتاش على ما يتكرم به الحزب عليهم، ومنهم من يؤمن أصلاً “بخط” الممانعة وأهدافها، ومنهم من يسترضي، ومنهم من يبيض طناجر.
لكن أن يدافع بعض من يدعي الوطنية عن مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية، الذي يجاهر أصلاً بانتمائه ويفتخر بارتباطه الوثيق بالحزب والـ”خط” الممتد من طهران الى الضاحية مروراً بدمشق، فهذا غير مفهوم حتى لا نقول إنه مشبوه أو مدسوس أو مخطط له، عن سابق تصور وتصميم وترغيب.
بعض هؤلاء يصرّون في خلال تسويقهم هذا، على حشر ”القوات اللبنانية” بطريقة مباشرة أو ملتوية، لتحميلها مسؤولية عدم انتخاب رئيس، بسبب موقفها الحاسم الرافض لأي مرشح ممانع يطرحه “الحزب”.
لنتذكر أنه بين عاميّ 2014 و2016، شهدنا على سيناريو مشابه حتى التطابق، فكان الجميع تقريباً يُعيبون على “القوات” ورئيسها، وقوفهم في وجه وصول العماد ميشال عون الى بعبدا، ناصحين إياها متمنين عليها أن تُطوى صفحة الماضي الأليم بين المكونين المسيحيين، لنخرج من الفراغ القاتل الموجود، وإلا تكون “القوات” المساهم الرئيسي في إطالة أمد الفراغ.
بعد المصالحة واتفاق معراب ودعم “القوات” لعون في ترشيحه للرئاسة ووصوله الى بعبدا، وحتى اليوم، لا يزال هؤلاء أنفسهم يحاولون تحميل “القوات” مسؤولية وصول عون الى بعبدا وما آلت إليه الأمور وما أصبحنا فيه من اوضاع مزرية شبيهة بجهنم.
لن أدخل في مَن وكيف ولماذا وماذا حصل حتى فشل الاتفاق، فالكل بات يعلم الأسباب. لم يقتصر الأمر على “القوات”، إنما طاول كل الآخرين، وعليه، يهمنا أن نوضح نقطة جوهرية لجميع هؤلاء.
في وعي وتحليل ومنطق “القوات”، كان التعويل على وصول ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، كونه الوحيد في ظل الظروف يومها، القادر على أن يمون على “الحزب”، لأنه سلّفه الكثير، لا سيما بعد انسحاب الاحتلال السوري من لبنان، عندما أصبح “الحزب” يتيماً على قاب قوسين من التفاوض على سلاحه، فأتى الجنرال وأنقذ الحزب وأعطاه غطاء الـ70% من المسيحيين الذين منحوه بدورهم أصواتهم في العام 2005.
من اختاره 70% من المسيحيين، لشعاراته الرنانة الطنانة التي استفاد منها عشرات السنين، مدعوماً من “الحزب” أيضاً، فشل فشلاً ذريعاً لا مثيل له، وأوصل الجميع الى جهنم.
كيف بمن سيأتي الى كرسي بعبدا وينتمي الى هذا المحور، أن يتقدم ولو خطوة واحدة الى الأمام، خصوصاً أنه قال بـ”عضمة” لسانه أن كل فريقه لا يفهم في الاقتصاد ولا يقدر أن يأتي بدولار واحد الى لبنان؟ فلماذا إذاً، هذا الدفاع والتسويق الرخيص لمرشح من 8 آذار، مهما كان اسمه، ألا يعرف هؤلاء أن مثل هذه الخطيئة ستكمل على ما تبقى من لبنان واللبنانيين؟
ألف كلّا للمتزلفين وأسيادهم، نحن سادة هذه الأرض مهما جارت الأيام، نحن أسسنا هذا الكيان رغماً عن كل من يريد تزوير التاريخ، لن نساهم في زيادة السرعة نحو القعر، وليفهم من يريد أن يفهم، أننا لن نكون أهل ذمة أبداً، وأن لدينا الكثير من الطُرُق لنحافظ على أرضنا، وعلى وجودنا الحر عليها.