“بيسلم عليكم سمير جعجع”

حجم الخط

ولدتُ في العام 1994، لا أذكر تفاصيل تفجير كنيسة سيدة النجاة واعتقال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعدها، لكن عبارات طبعت طفولتي وقلبي، ومع الأيام عقلي وفكري، وأسست لما أؤمن به اليوم وأقوله جهاراً ومستعدة للدفاع عنه حتى النفس الأخير. رددها رجال عائلتي مئات المرات أمامي، وسمعتها في صلوات منطقتي ككلّ، وكلّ أمهاتها.

تفجير كنيسة سيدة النجاة لم يكن يوماً ولن يكون، حدثاً عابراً في ذاكرتنا الجماعية. يومها وقع المجتمع المسيحي في خيوط مؤامرة ليست شريرة فحسب، بل أسست لتغيير وجه لبنان. “مين بصدق الحكيم بيعمل هيك، يلي جرب يحمي بكل قوتو المناطق المسيحية، بدو يفجر الكنيسة”، “بقوة الله رح يطلع بريء، مستحيل يموت الحق وإلا بتخلص الدني، النظام الأمني السوري بالآخر بدو يسقط”، عبارات قالها الرجال أمامي لسنوات طويلة وأنا طفلة أفهم ولا أفهم، إلا أنني حفظتها غيباً نتيجة تكرارها.

مرّت الأيام، كبرتُ على حلم العدالة، كبرتُ ومسابح أمهات دير الأحمر تصلي لأجل أولادهن والحكيم، كبرتُ واكتشفت يد الظلم ومحور الظلام. مع الوقت، تحولت العاطفة الى فكر، واقترن الإيمان بالتطبيق، وحلم لبنان المسروق بالنضال دائماً أبداً مهما اختلفت أوجهه. أقف اليوم في الذكرى الـ29 لتفجير كنيسة سيدة النجاة، وكأنني كنت هناك يومها، واثقة ثقة عمياء بأن سمير جعجع اليوم هو نفسه سمير جعجع الأيام الماضية.

“بيسلم عليكم سمير جعجع”.

سلامه حارّ، لأنه يقف وحيداً بوجه مشروع قتل الكيان اللبناني، وتدمير ما تبقى من وطن كرمى لعيون المشروع الإيراني.

سلامه حارّ، لأنه يحمل وحزبه أسس دولة لو طُبقت لفقدتم قدرتكم النتنة على تركيب الملفات. هناك في معراب هيبة دولة قتلتموها مع تفجير سيدة النجاة بأياديكم الوسخة المتسخة بوحول بيع لبنان، ولكنها ستعود يوماً مهما طال الزمن وتنعكس من معراب حصراً على لبنان ككل.

سلامه حارّ وحارّ جداً، لأنه لم يمد يده الى مال الدولة الذي سرقتموه ومعه جنى عمر اللبنانيين وحولتموه الى شعب جائع يئن من العوز والفقر.

سلامه حارّ، لأنه طرح أفكاراً رفضها أزلامكم تباعاً لكنها تلاقت مع طروحات الشعب في 17 تشرين حتى بات وكأنه ينطق باسم “القوات”.

سلامه حارّ، لأن “القوات” تعرفه جيداً، قائداً، شجاعاً، قادراً على وضع الحدود، وإعطاء كل ذي حق حقه، من دون شخصنة الأمور والانزلاق نحو التنفيعات والتمريرات، نعرفه انساناً بالمعنى الفعلي للكلمة، مثقلاً بالإيمان، غصباً عن أنوفكم المجرمة وأياديكم التي امتدت الى بيت الله.

سلامه حار، لأنه دخل حكومات حكمها جشعكم وخرج منها بلا شبهة مع كل وزرائه، بشهادة الجميع.

سلامه حارّ، لأنه يمثل اليوم الغالبية العظمى من المسيحيين ومعها كل مواطن لبناني يريد دولة حقيقية فعلية لا سلطة فيها فوق سلطة القانون.

سلامه حارّ، لأنه يرفض منطق الإجرام والسلاح المتفلت غير الشرعي ويواجه مشروع جعل لبنان لاحقاً لا كلمة له ولا قوة.

اليوم، بعد 29 عاماً بالتمام والكمال، نقول لكم ورؤوسنا شامخة، والفخر يعترينا “بيسلم عليكم سمير جعجع، سلاماً حارّاً جداً جداً”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل