صمودنا من مار يوحنا مارون…

حجم الخط

عقيدة “القوات اللبنانية” ونضالها ومقاومتها لم تأت من العدم، وهي تعود حتماً إلى 1400 سنة، وإلى البطريرك الماروني الأول مار يوحنا مارون الذي نحتفل اليوم 2 آذار بعيده.

وفي قراءة تاريخية مقتضبة، بعد انتخاب الموارنة لبطريركهم الأول مار يوحنا مارون، تعرّض للإضطهاد في دير مار مارون في محاذاة نهر العاصي، وبعد قتل 500 من رهبانه، هرب لاجئاً إلى لبنان واتّخذ من قلعة سمار جبيل في أبرشيّة البترون حصناً له. لكن كان لا بدّ من الدفاع عن النفس لاحقاً، إذ لا يمكن أن يبقى الانسان مشرّداً يعيش حياة الهرب المستمر، فأعد العدة لمواجهة مهاجميه في معقل الموارنة الجديد في لبنان، فنظّم المقاومين للدفاع عن النفس وتحقيق الانتصار. تدريجيّاً، حوّل الموارنة جبال لبنان الصخرية الوعرة جنائن معلّقة وجعلوا منها مساحة حرية، الاّ أن المآسي والاضطهادات كانت من سمات تاريخ الموارنة، فتعرضوا إلى هجمات متكررة، لم تتمكن من اقتلاعهم من جذورهم.

هكذا اعتاد الماروني منذ فجر التاريخ، أن يعيش في كيانه وفي مشروعه النسكيّ، وعمل على الحفاظ على مشروع الايمان الذي يقضي بحماية كيانه المستقل الذي يضمن فيه حرية التحرّر من عبودية الخطيئة، محافظاً على مساحة روحيّة تؤمّن له الاستقرار والعيش بسلام.  ومن المؤكّد أن الرهبان والنسّاك الموارنة، كانوا يتمسّكون بنذورهم بعناد، ويُقسمون على أن يحفظوها ويستميتوا في جهاد البرّ، محافظين على قسمه وعهده وميثاقه. فالمسألة كلّها في هذه الأمانة للعهد الجديد الذي مهره الرب يسوع بآلامه ودمه، حتى تمّمه على الصليب. وبسبب تلك الأمانة، كم من بطريرك ماروني ذُبِح، او أحرق أو عُلِّق على مقصلة. علماً أن الموارنة لم يكونوا مطلقاً في وضعيّة الهجوم، بل كانوا دائماً في خضمّ الدفاع عن النفس. وكان الأهم بالنسبة إليهم الصمود الذي اعتبروه من أكثر وجوه المقاومة فعّاليّة.

هذه الحقائق وغيرها لا تزال عالقة في الوجدان الماروني. تلك هي جذورنا ونحن كـ”قوات لبنانيّة” نفتخر بها.

منذ العام 1975 حتى اليوم، لم نتعب من المقاومة والنضال والصمود على هذه الأرض، وإذا تعبنا نعود إلى قراءة تاريخ بطاركتنا وأجدادنا وآبائنا، فمعظم شبابنا كانوا من أبناء العائلات المسيحية والمارونية التي تحدّرت من المقاومين الموارنة الأول، وفي مقدّمهم البطاركة والرهبان والقادة والمقدّمون، الذين واجهوا تسلّط الدول والممالك والأنظمة والقادة الغزاة ومكتسحي الكيانات، وغالباً ما عاش شعبنا الماروني الحصار والعزلة في الجبال والوديان إذ مُنِعَ، عنه القوت والتنقّل والسفر والتواصل الحرّ، لكنه صمد في أرضه وقاوم حتى الاستشهاد طوال 1400 سنة.

أبناء مار يوحنا مارون كانوا السبّاقين الى المطالبة بتأسيس دولة لبنان الكبير على يد البطريرك الياس الحويك في العام 1920. ولا ننكر انّ الدروز والمسلمين، الذين كانوا شركاءنا في الوطن، وضعوا أيديهم بأيدينا، مما سمح لنا جميعاً بتحقيق الهدف المرتجى، علماً أن الفضل الأول يعود إلى أبناء مار يوحنا مارون البطريرك التاريخي المبارك.

قرر أبناء مار يوحنا مارون منذ أن وجدوا على هذه الأرض، أن يكونوا مقاومين، مدافعين لا مهاجمين لا يقومون بالاعتداء على أحد. فالعقيدة المسيحيّة لا تؤمن بالحروب وبسياسة فرض الدين بقوّة السيف، لكنها تؤمن بمقاومة المحتل والمارق لأنها تعتبر هذا الأمر جزءاً من الفداء والإيمان والسير بمجتمعاتنا الى الخلاص والتمتع بالحرية. لذلك عاش الموارنة متمسكين بكرامتهم ومتجنّبين العيش تحت رحمة الآخرين، وسط سياط التجبّر والحقد والاستبداد التي لا ترحم. وهذا ما فعلناه في مقاومة الانفلاش الفلسطيني والاحتلال السوري، والآن نناضل سياسياً وبشراسة مشروع “حزب الله” الذي لا يشبه الحضارة اللبنانية.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل