يتمتع “حزب الله” بما أوتي من قوة السلطة والتسلط على حلفائه وأتباعه بهامش كبير من فنّ المراوغة والحنكة والخداع يمارسه عليهم ويسقطهم بحبائله مرغمين أو مغرمين… في المقابل هشاشة موقع وموقف هؤلاء الحلفاء والأتباع تجعلهم طيّعين، خاضعين، خانعين وقابلين بما فعل ويفعل بهم “الحزب” مقابل حفنة من المناصب والتعيينات، يرتضونها ليرضوا أنفسهم وناسهم وذلك ثمناً لما تلقّوه من ضربات وصفعات وطعنات… الشواهد والمشاهد على ما نقول كثيرة، نذكر منها مشاهد ثلاثة على رثاء حلفائه من المرشحين للرئاسة الأولى والثالثة قبل رحيلهم الجسدي أو السياسي.
المشهد الأول
في التخطيط لإزاحة الرئيس عمر كرامي عن الترشح لرئاسة الحكومة لمصلحة ترشيح الرئيس نجيب ميقاتي، نقل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في 23 كانون الثاني من العام 2011 عن كرامي قوله، “أنا أشكر ثقتكم وثقة المعارضة، ولكن أنت تعرف أنني متقدم في السن وأن وضعي الصحي على ما هو عليه، والمرحلة حساسة ودقيقة، وتحتاج إلى حيوية وجهد. أنا أفضّل أن تجدوا خياراً آخر قد يكون في هذه المرحلة أفضل للبلد”، ليرّد كرامي بعد أيام وتحديداً في 27 كانون الثاني مكذّباً نصرالله، “استمعت للسيد حسن في الخطاب الذي رثاني فيه، اليوم أنا أمامكم واستشهد بكم كإعلاميين، أنا أمامكم فهل ترونني مريضاً”؟
أتت الترضية اولاً بتوزير نجله ليصبح من حصة الثنائي الشيعي، وليعترض عمه الشقيق الأكبر للمرحوم عمر كرامي معن كرامي قائلاً في 16 حزيران من العام 2011، “وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي هو الوزير الشيعي السادس في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وهو لا يمثل بهذا المركز لا طائفته ولا بلده الحبيب طرابلس”، لافتاً الى أن “عائلة كرامي لا ترضى صدقة من أي جهة كانت”. كما تساءل كرامي، “لماذا رفض رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي تمثيله بوزارة سياحة في العام 1993 واليوم قبل بوزارة الشباب والرياضة لنجله”… قد يكون لقرار المجلس الدستوري الأخير لمصلحة نيابة فيصل كرامي بعد سقوطه مفعول ترضية مماثلة.
المشهد الثاني
في التخطيط لإزالة ترشح جبران باسيل لمصلحة ترشيح سليمان فرنجية قال نصرالله في 6 آذار من العام 2023، “… بما أن باسيل لا يريد الترشح، لذلك فإن مرشحنا للرئاسة هو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية”.
حتى الساعة، لم يصدر ـ كما سبق لكرامي أن أصدر ـ تكذيب لكلام نصرالله عن المرشّح الدائم والشبه العلني والمخَطَّط لترئيسه بعد عمه… وطبعاً يبقى انتظار ما يمكن أن يأخذه باسيل من جوائز ترضية لقاء قبوله لهذه الإزاحة القسرية وعلى مضض.
المشهد الثالث
هذا المشهد غير معلن، ويُقرأ بين سَطرَي ما ورد في كلام نصرالله عن التخطيط لإزالة ترشح سليمان فرنجية نفسه، إذ يقول في “سطرٍ” من اطلالته في 6 آذار من العام 2023، “ليس هناك شيء اسمه مرشح حزب الله، وهدف هذه التسمية هو القضاء على الشخص الذي ندعمه”، ليكمل في “سطرٍ” آخر بما يُنبئ بنيته القضاء على مرشحه بالقول، “بما أن باسيل لا يريد الترشح لذلك، فإن مرشحنا للرئاسة هو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية”.
فهل قصد نصرالله بتسمية “مرشّحنا للرئاسة”، على ما أكد عليه في الجملة نفسها، القضاء على الشخص الذي يدعمه، أي سليمان فرنجية؟
في الختام يُربأ بالمرشحين المفترضين الجادِّين منهم والخُلبيين بعلمهم أو بغيره، أن يكونوا دمى متحركة بيد سيّدهم يحركها كما وكيفما وأينما أراد، وصولا الى تحويلها لضحايا لمصلحة السيّد…