ترصد الجهات السياسية المختلفة، باهتمام بالغ، التحرُّك الجديد للسفير السعودي في لبنان وليد بخاري، الذي استهلَّه بلقاء، صباح أمس الثلاثاء، مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في بكركي. في وقت، تشير المعلومات إلى أن حركته لن تقتصر على بكركي، بل أن على جدول مواعيده، في الأيام المقبلة، لقاءات مع عدد من المرجعيات والقيادات من الصف الأول، في الفريق السياديّ المناوئ لمحور الممانعة القابض على لبنان والذي أوصله إلى الانهيار. من دون استبعاد لقاءات أخرى مع مسؤولين رسميِّين انطلاقاً من مواقعهم الدستورية.
صحيح أن بخاري اكتفى بالصمت “المعبِّر” بنظر كثيرين، وعدم التصريح العلنيّ المباشر بعد الاجتماع مع الراعي، غير أن بعض الدردشة الإعلامية مع الصحافيين أكدت تناوله الاستحقاق الرئاسي مع سيد بكركي، وتشديده خلال اللقاء على أن “المملكة لا تدخل بالأسماء، إنما هي مع رئيس إنقاذي غير متورط بقضايا فساد”.
أضف إلى أن تغريدات بخاري “اللمّاحة” في الأيام الماضية عبر موقع “تويتر”، كانت على درجة عالية من “البلاغة”، في الشكل والمضمون، وفق معظم الأطراف على ضفَّتَي الصداقة والخصومة مع السعودية في لبنان. علماً أن الغالبية تربط تغريداته الأخيرة حول “الأمل والسراب” و”التقاء الساكنَين”، بالموقف السعودي من الاستحقاق الرئاسي في لبنان.
هذه التغريدات والتحرُّك الجديد، ترافقا مع خروج الثنائيّ الشيعيّ على التوالي، بدءاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري وصولاً إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، من حالة “التلطِّي الهش” خلف غشاء “الورقة البيضاء” وعدم الإفصاح عن مرشَّحهم الفعلي لرئاسة الجمهورية النائب السابق سليمان فرنجية، إلى الإعلان الصريح عنه وتسميته بالاسم. فهل في جعبة بخاري مبادرة ما لمساعدة اللبنانيِّين على تخطِّي العقبات والاستعصاءات الرئاسية؟ وهل يمكن أن تكون بمثابة انطلاقة لعودة السعودية للانخراط أكثر في الشأن اللبناني؟
عضو اللقاء الديمقراطي النائب مروان حمادة، يشير، إلى أنه “كان من المقرر أن يزور السفير السعودي، بعد عودته إلى لبنان من المملكة، المرجعيات وقيادات الصف الأول، السياسية والروحية، وقبل إعلان بري ونصرالله عن ترشيح فرنجية”، معتبراً أن “لا تزامن بين الأمرين، إنما من الطبيعي أن البحث مع الراعي تناول هذه التطورات، والعلنية الجديدة للترشيح الأوحد لفريق الممانعة، أي فرنجية”.
ويرى، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أنه “انطلاقاً من تغريدات بخاري الأخيرة، نستطيع أن نستنتج أن السفير السعودي ينصح ويحذِّر اللبنانيِّين من التحجُّر والبقاء على مرشّحَي التحدّي، وذلك عندما تحدَّث عن (حذف أحد الساكنَين)”.
ووفق قراءة حمادة للموقف السعودي، أن “أسماء المرشّحَين ليست هي الأهمّ، بل الموقف السيادي والإنقاذي أي الإصلاحي، والذي يعيد لبنان إلى مواقعه الطبيعية العربية والدولية”، لافتاً إلى أن “المواقف لم تتغيَّر وعُبِّر عنها في لقاء باريس الخماسي الأخير، ولا تزال هي المتحكِّمة، ليس فقط بالموقف السعودي إنما أيضاً العربي والخليجي، والذي تعكسه بنود الورقة الكويتية. وحتى الموقفين المصري والقطري، لا يحاولنَّ أحد فرزهما عن بقية المواقف”.
وبرأيه، أن “بخاري سيجدِّد في لقاءاته المرتقبة تأكيد ثوابت الموقف السعودي، وتكرار النصيحة بأن يبحث اللبنانيون عن برامج الإنقاذ أكثر من أسماء الشخصيات الرئاسية”.
وفي السياق ذاته، تؤكد أوساط دبلوماسية، لموقع “القوات”، أنه “لم يعد بإمكان أحد من المسؤولين في لبنان التذاكي على المجتمعين العربي والدولي”، مشيرةً بالنسبة للموقف السعودي، إلى أنه “معلوم ومفهوم، للأبعدين قبل الأقربين، ونظريات رئيس من هذا الفريق ورئيس حكومة من الفريق الآخر، وغيرها، غير واردة ولا تعني الرياض”.
وتضيف، “إذا كان البعض في لبنان يعتقد أنه لا يزال بإمكانه الاستمرار باستهداف السعودية في أمنها والهجوم والتحريض عليها، وانتظار أن تُغدق على لبنان المساعدات لانتشاله من أزمته، فهو يعيش في عالم من الوهم والخيال”.
وتشدد، على أن “المسؤولية تقع على اللبنانيين بالدرجة الأولى لإنقاذ بلدهم، والسعودية وغيرها من البلدان الصديقة، تريد لبنان دولة سيّدة، وأن تتعامل مع رئيس جمهورية وحكومة ومؤسسات غير تابعة للمحاور، وخصوصاً محور الممانعة”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية