“من غربتي ومن المسافات البعيدة أكتب لك يا لؤلؤتي الساطعة كالنجمة في سما لبنان” على الرغم من المسافات البعيدة والسنين التي أبعدتني عنك رغماً عني لم ولن يخف حبي لك يوماً، بل على العكس، يتفاقم حبي واعتزازي بأرزتي الشامخة يوماً بعد يوم. أنا بنت هذه الأرض “أرض القديسين، بنت الجنوب الذي أفتخر أنني أنتمي إلى أرضه الصامدة.
إلى أهل بلدي، نحن أولاد الأرزة الشامخة التي لا يهزها ولا يكسرها شيء مهما حاولوا تبقى شامخة.
إلى متى؟
إلى متى السكوت عن الحق؟
إلى متى الذل؟
إلى متى؟
نريد رئيساً ينتفض على الوضع المذري. رئيس على مثال “الرئيس الراحل الشيخ بشير الجميل” رئيس سيد حر لا يخاف شيئاً. رئيس شامخ كالأرزة لا أحد يديره ولا شيء يكسره أو يلوي ذراعه. رئيس يقول الحق بوجه الباطل، يقف بوجه الظلم ويدافع عن جميع أبنائه من جميع الطوائف، لا يميز في ما بينهم. “للأسف في قلبي حزن وسع المدى، في وجع جوا غميق”. كل يوم، نسمع خبر انتحار شخص لسوء الوضع المذري وغلاء المعيشة.
لا ولن نسكت، دعوا لبنان، لبنان لنا.
كفى، لم ولن نسمح أن تستمر هذه الغيمة السوداء في سماء بيروت، لن نسمح أن نفقد أي أحد من أولاد أرضنا.
من قال إن كنت مغتربة لا أحزن ولا أشعر بأهل بلدي، بل على العكس “الوجع جوّا عميق”، لأنك بعيد ومكبّل الأيدي. لكني على ثقة أن ربّي لن يتخلى عنا. أنا على أمل أن لبنان سيعود قريباً سويسرا الشرق، لبنان طائر الفنيق لا يهزمه ولا يحنيه أحد. مهما حاولوا، هو شامخ كأرزه.
وكما كان يتمنى ويقول “إمام الإنسانية السيد موسى الصدر”، “نؤمن بلبنان وطناً عزيزاً وسيّداً كريماً، ونريده للإنسان والتعايش الإسلامي المسيحي، ثروة يجب أن نتمسك بها. عندما نسينا الهدف وابتعدنا عن خدمة الإنسان، نسينا الله وابتعد عنا، فأصبحنا فرقاً وطرائق، وألقى بأسنا بيننا، فاختلفنا ووزَّعنا الكون الواحد، وخدمنا المصالح الخاصة، وعبدنا آلهة من دون الله، وسحقنا الإنسان فتمزَّق. والآن نعود إلى الطريق، نعود إلى الإنسان، ليعود الله إلينا. نعود إلى الإنسان المعذّب لكي ننجو من عذاب الله”.
نعم أنا بنت لبنان، بنت الجنوب. وبكل فخر وعزّ إنني أنتمي إلى هذه الأرض الصامدة. فيها ترعرعت على أصوات أجراس الكنائس وآذان المساجد. كنا وسنبقى ونستمر، يداً بيد، مسلمين ومسيحيين. يد من حديد تقطع كل يد تمتد على أرضه.
سأبقى القلم الذي لا يغرف إلا من حبر الحقيقة مهما كانت مرة. ففي غمرة الموت تستمر الحياة، وفي غمرة الكذب تستمر الحقيقة، وفي غمرة الظلام يستمر الضوء. ووجود الله وقدّيسنا مار شربل “اللي حامي لبنان” يشعرنا بقوة إلهية ترافقنا وتحفظ لبنان من كل يد شريرة…
بيروت قومي، انهضي، انتفضي، تنديداً بالظلام والوضع الاقتصادي المذري الذي حلَّ بك وبأولادك الذين يهاجرون يوماً بعد يوم رغماً عنهم، بفعل يأسهم من الأوضاع السيئة، إن كان الوضع الاقتصادي، أو وضع الأدوية غير المتوفرة في الصيدليات، وغيرها.
كتبت وقلت من ذي قبل وأكرّر لعل ضمائركم تستيقظ قبل فوات الأوان. كفى دعوا لبنان وشأنه. تداعيات أزمة لبنان الاقتصادية تتفاقم.
كفى، لبنان لنا، والجبنة التي تتقاسمونها انتهت صلاحيتها. أيام وتفصلنا عن بقعة الضوء التي كلنا أمل وإيمان بنهوض وعودة أرزتنا الشامخة لنا…
ألا تدرون أن قديسنا مار شربل هو حامي لبنان ولن يسمح باستمرار هذه الغيمة السوداء؟ لو بعد حين، يوجد “Karma، فإن الرب يرى ويسمع كل شيء لم ولن يتخلى عن لبنان.
لبنان، لم ولن يغيّره الزمان بشيء فلا الحروب ولا الأوضاع المزرية كسرته، لا بل على العكس، كأرزته الشامخة لا تزال الحياة تنبض في عروقه، بل وأقوى من ذي قبل. وهذا ما يجعل أبناءه مهما تغرّبوا، يعودون بحنين قوي إلى جذوره وإلى أحضان بلدهم الأم، ليستمدوا قوة منه ومن أرزتنا الشامخة بعزّ والتي لا يحنيها أحد مهما حاول.