الممانعون يبحثون عن إبرة انتصار في كومة قش الاتفاق السعودي ـ الإيراني

حجم الخط

رصد فريق موقع “القوات”

ما إن تم الاتفاق بين السعودية وإيران براعية صينية، بدأت جوقة فريق الممانعة التي كانت تبحث عن مادة دسمة لترويج مرشحها رئيس تيار المردة سليمان فرنجية تهلل بالاتفاق قبل ان تعرف مضامينه. وكالعادة، على قاعدة “شو ما صار انتصار”، أطلقت أبواق الممانعة التصاريح والتكهنات وبدأت بتوقعاتها الفلكية التي لا تمت إلى الحقيقة بصلة، وباتوا كالذي يبحث عن إبرة انتصار بين كومة قش الاتفاق السعودي – الإيراني.

صحيح أن ما قبل الاتفاق ليس كما بعده، لكن من المبكر الحديث عن تداعياته على الصعيد الداخل اللبناني وخصوصاً الملف الرئاسي، باعتبار أن المعنيين في الاتفاق السعودية وإيران، لديهما ما يكفي من النزاعات، وهناك أولويات، ومن بعدها يأتي لبنان، مع الأخذ بالاعتبار، اختبار الشهرين لتطبيق النوايا.

وفي السياق، تُصرّ قيادات الثامن من آذار في مجالسها على الترويج لإمكانية تبّدل الموقف السعودي حيال الاستحقاق الرئاسي بعد إبرام الاتفاق مع طهران، وتستند أوساط 8 آذار في الاستدلال على صحة هذا التقدير إلى “توقيت” إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري وبعده الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله عن دعم الثنائي الشيعي لترشيح رئيس “تيار المردة”، معتبرةً أنّ وراء تحديد هذا التوقيت “معطيات أساسية تفيد بتبدّل المشهد الإقليمي لصالح انتخاب فرنجية”.

ورأت الأوساط نفسها أنّه لولا أنّ بري يمتلك “كلمة سرّ ما”، لما كان استعجل فرنجية في اللقاء الخماسي الذي عُقد في عين التينة وضمّ إلى بري وفرنجية، كلاً من علي حسن خليل وحسين الخليل ويوسف فنيانوس، المجاهرة بترشيحه، كاشفةً أنّ رئيس المجلس سأل فرنجية خلال اللقاء عن رأيه في مبادرة الثنائي الشيعي إلى إعلان دعم ترشيحه وتبنيه فأجاب بالموافقة، وهكذا كان.

غير أنّ مصادر سياسية أخرى، وضعت خطوة بري هذه في خانة “الدهاء والحنكة”، موضحةً أنّ “هذه الخطوة لم تنبع بالضرورة من قناعة بأنّ اللحظة الإقليمية مؤاتية لإبرام تسوية تفضي إلى انتخاب فرنجية، إنما قد تكون مستندة إلى قناعة مضادة تستند إلى التيقّن من استحالة إيصاله إلى قصر بعبدا وبالتالي كان لا بدّ للثنائي الشيعي من الإعلان عن تأييده ليكون ذلك بمثابة “براءة ذمة” تجاهه تمهيداً للشروع في تسوية رئاسية تحتّم التراجع عن دعم ترشيحه لصالح مرشح توافقي يحظى بتأييد لبناني وغطاء عربي ودولي لا مناص منه لإحداث الخرق المنشود في جدار الأزمة اللبنانية”.

وفي الغضون، يتوقع ان يؤدي بري دوراً يتخطّى الساحة الداخلية الى المنطقة، اذ انه كان من أبرز الداعين الى إعادة تطبيع العلاقات بين السعودية وايران، وهو ما كان قد عَبّر عنه قبل أسبوعين في كلمته خلال الاحتفال بافتتاح المبنى الجديد للسفارة الإيرانية في بيروت.

وفي هذه الأجواء، واصلت الأندية السياسية والحزبية رصدها ترددات التفاهم السعودي ـ الإيراني وما يمكن ان يكون للبنان من حصة فيه. وقالت مصادر دبلوماسية ان الحراك الدبلوماسي السعودي سيبلغ مداه هذا الأسبوع، إذ سيستكمل فيه السفير السعودي وليد بخاري حراكه الذي بدأه الأسبوع الماضي بزيارة الصرح البطريركي في بكركي.

وقالت مصادر دبلوماسية لبنانية لـ الجمهورية» انها لم تتلق بعد أي إشارة أو معلومة تتحدث عن حصة لبنان او موقعه من التفاهم السعودي ـ الإيراني، في انتظار مزيد من التقارير الدبلوماسية المنتظرة من العواصم المعنية بالحدث الجديد ليُبنى على الشيء مقتضاه. وتترقّب الاوساط ما سيكون عليه تفاعل الافرقاء السياسيين مع الاتفاق، على الرغم من تفسيراتهم وتوقعاتهم المختلفة في شأنه في ظل تأييد كل من الرياض وطهران علناً انّ عليهم الاتفاق فيما بينهم على إنجاز الاستحقاق من دون اي تعويل على «اتفاق بكين» او اي دور مباشر لطرفيه في الشأن اللبناني.

توازياً، أوضح مصدر دبلوماسي معني بالملف اللبناني لـ”نداء الوطن” أنّ هناك قاعدة لا يمكن تجاهلها في سياسات الدول وهي أنّ “مصالحها الاستراتيجية تتجاوز تمنيات القوى التي تدور في فلكها”، كاشفاً عن أنّ “أولويات طهران في الاتفاق مع الرياض تعلو على أولويات أجندتها اللبنانية، فهي كانت تسعى منذ مدة إلى استعادة العلاقات الديلوماسية بين البلدين لفك الحصار عنها، لكنّ السعودية لم تكن تتجاوب مع الرغبة الإيرانية المُلحّة حتى حانت لحظة الاتفاق على استئناف هذه العلاقات في الصين، بعد جولات من المحادثات المكوكية في سلطنة عُمان والعراق”.

أما الأولويات السعودية فهي “تتمحور بشكل أساس حول ترتيب الأوضاع في اليمن”، وفق تعبير الدبلوماسي نفسه، مشيراً في ما يتصل بالملف اللبناني إلى أنّ “القيادة السعودية معنيّة بلبنان لكنها سبق أن حددت موقفها بوضوح إزاء خارطة الطريق الإنقاذية الواجب على اللبنانيين أنفسهم أن يسلكوها لانتشال بلدهم من أزمته، تماماً كما كانت قد حسمت موقفها حيال مسألة ترشيح فرنجية قبل الاتفاق مع إيران. وهو موقف حازم تبلّغه كل من البطريرك الماروني بشارة الراعي والعديد من القيادات السياسية اللبنانية لا سيما منهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وغيره من الشخصيات، لناحية رفض وصول فرنجية إلى سدة الرئاسة الأولى لكونه أحد أركان محور الممانعة الذي أوصل لبنان إلى ما وصل إليه، سواءً على مستوى انهيار أوضاعه الداخلية أو على مستوى تدهور علاقاته العربية والخارجية”.

وعلى صعيد الحوار المسيحي – المسيحي، رأت مصادر في حزب القوات اللبنانية أن لا جدوى من لقاء يجمع فقط النواب المسيحيين للبحث في أزمة وطنية، مع تأكيدها على أنه عندما توجه الدعوة يبنى على الشيء مقتضاه، وسيكون لرئيس الحزب سمير جعجع موقف منها.

وأوضحت لـ”الشرق الأوسط”، “بالنسبة إلينا وعلى الرغم من البعد الروحي لهذه المسألة ومع كامل الاحترام للراعي ودعوته، لا نحبذ كثيرا لقاء بين نواب مسيحيين يختلفون بين مشروعين ورؤيتين بشكل جذري وعمودي، خاصةً في ظل أزمة ذات طبيعة وطنية وانتخابية رئاسية، وانقسام وطني وليس مسيحياً فقط”.

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل