!-- Catfish -->

14 آذار وينك؟…

سألت شو بيعنيلكن 14 آذار؟ أف حلم بعيد!

يا صبية هل ما زلت تؤمنين بثورة 14 آذار؟

“يا الله كانت حكاية شاعرية وكأنها من كتاب تاريخ”، أجابت. قررت أن أغيّر في صيغة السؤال. يا أستاذ أما زلت تؤمن بـ14 آذار؟! ابتسم الرجل، وقال ساخراً، “انتِ بعدِك مؤمنة فيها؟”…صمت، سكون، ثم استدراك للموقف، “طبعاً أؤمن بها وسأبقى في 14 آذار الى حين قيام ثورة شعبية مشابهة”… يضحك، “أنت تكذبين”، أجابني، و”أنت يائس بائس” أجبت. “أنتِ حالمة ومش أكتر” عاد وقال. “لا، أنا قوات لبنانية محكومة بالنضال والمقاومة والمواجهة وأيضاً الحلم إذا بدّك”. فكّر قليلاً ثم قال، “أوافق على ما قلته عن القوات، الأمر واضح علماً أني لست قوات، لكني خسرت حلمي بالوطن” وذهب غاضباً.

الحوار أدخلني في سجال عميق مع نفسي، هل أنا فعلاً ما زلت مؤمنة بثورة 14 آذار؟ أنا أحب اسمها الآخر “ثورة الأرز”، يا الله أي اسم يطلق على ثورة أجمل من هذا؟ ثورة الأرز، عبق السماء، جذور ضاربة في الأرض، بخور تراب الوطن ويا عمري، يا عمري على ترابك لبنان وعبقك وأرزك وبخورك و… معاناتك، أما زلت تعيش عرس تلك الثورة العابرة للمكان والزمان والحدث بحد ذاته؟ ماذا تبقّى لديك من ذاك اليوم غير تلك الخيبة المريرة، أن تصل لتكمش النجوم بيديك، وإذ يأتي ساحر شرير وينتشل منك السماء ويعيدك مهزوماً الى سابع جهنم؟!

عن جدّ ماذا يمكن أن نكتب بعد عن 14 آذار؟ شو بيبقى من الرواية؟ ماذا تبقّى من اللحظة الشاعرية الكبيرة التي عشناها بكل تفاصيلها لحظة بلحظة؟ أتذكرون قبل أيام قليلة من يوم 14 آذار، وعندما فجأة وصلت الأوامر للجيش اللبناني بأن يفتح أمامنا الطريق للوصول الى ساحة الشهداء، وبدأ الآلاف بالتدفّق والركض والضحك، وعناصر الجيش يضحكون لنا ومعنا؟

أتذكرون لحظة إعلان سقوط حكومة كرامي، التي كانت أول تباشير الانتصار؟ أتذكرون يوم 14 آذار كيف تجمهرنا بالملايين من الطوائف والمناطق كافة، وكأننا شخص واحد، وهتفنا لأبطال ثورة الأرز، لجبران تويني وبيار الجميل ووليد عيدو ومروان حماده وغيرهم وغيرهم، وكيف كانت صورنا تجتاح شاشات العالم التي عنونت أخبارها وجرائدها عن ثورة الأرز في لبنان؟!

ثورتنا الحقيقية تلك طردت الاحتلال السوري من لبنان، ثورتنا تلك ألهمت العالم المستعبَد بحكامه، بانطلاق الثورات وإطلاق صرخات الحرية والكرامة التي كتمها الخوف لسنين طويلة. ثورتنا أطلقت مارداً كان مكتوماً في العالم العربي كله اسمه الحرية، ثورتنا تلك جعلتنا ليس فقط أحراراً من المحتل البربري الذي استعبدنا على مدى أربعين عاماً، انما ثواراً حقيقيين أبطالاً لأجل سيادة لبنان.

ومع ذلك قالوا لنا فشلتوا! فشلنا… عن جدّ فشلنا؟ ألم تحقق ثورة الأرز أهدافها؟ ألم يكن هدفها الرئيس إخراج جيش الاحتلال السوري من لبنان؟ ألم يتم جلاء هذا الاحتلال في 26 نيسان من العام نفسه، فكيف نكون فشلنا؟ ألم نحقق غايتنا في اللقاء، مسلمون ومسيحيون على فكرة واحدة وهي لبنان حرّ مستقل؟ ألم يلبّي العالم كله نداءنا الموحّد وطالب معنا بجلاء ذاك المحتل المتوحش؟ فكيف نكون فشلنا؟

عظيم، أين أنتم الآن من ذاك الانتصار الكبير، تسألون؟

نحن الآن خاسرون لأننا فقدنا اللقاء على فكرة واحدة وهي تحرير لبنان من الاحتلال الإيراني. تشلّعنا لأنه خرج من بيننا يوضاسيون كثر ومن قلب الطائفة الواحدة. فقدنا ثورة الأرز، سرقوها منا، نهبونا إياها لأن حب السلطة والمال عند السلطة الحاكمة غلب فكرة الوطن القوي الموحد، فتمكّن الاحتلال منا، وتمدد كسرطان في جسد الوطن، فخسرنا 14 آذار الإنجاز، وبقيت الفكرة والرمز.

تعبنا؟ ربما، بل أكيد، ولكن نحن فخورون بما فعلنا، فخورون بتلك اللحظة التاريخية المجيدة، فخورون بحالنا وصراخنا وهتافاتنا، وبخروج الاحتلال وعملائه الصغار من السلطة آنذاك.

هل تتخايلون كيف كان لبنان ليكون بلا 14 آذار؟ كما هو اليوم تماماً، جحيم موصوف محكوم من الميليشيا، والميليشيا محكومة من خارج حدود البلاد. لو بقيت 14 آذار لبقي لبنان الذي نحب ونحلم.

شخصياً كما كثر مثلي، ما زلت هناك في الثورة، ولا مرة أصلاً فلّيت، ولا “القوات” ذهبت، بعدنا بقلب الثورة وللثورة الكثير من الوجوه يا لبنان، ومن بينها البقاء في النضال.​

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانية

خبر عاجل