الاتفاق السعودي الإيراني يُنهي ترشيح فرنجية

حجم الخط

فاجأ الاتفاق السعودي الإيراني، برعاية صينية، على عودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، معظم الفرقاء في لبنان. لكن لا شك أن الطامة الكبرى وقعت على رأس محور الممانعة، الذي كان زعيمه المحلي الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله يتحدث قبل أيام قليلة على توقيعه باستعلاء لافت، معتبراً أن “من ينتظر تسوية سعودية إيرانية سينتظر كثيراً”، ليكتشف أنه “خارج المشهد كليّاً” عندما يتعلَّق الأمر بمصالح طهران الحيوية، على عكس أحاديثه السابقة عن “الأسياد والعبيد” وما شابهها.

لا شك أنه سيكون لهذا الاتفاق، إن سلك مساراته المنتظرة من دون عقبات، انعكاسات على مجمل الأوضاع في المنطقة، ومن بينها لبنان بطبيعة الحال. وفي حين تتقاطع المعلومات حول اعتبار مرشَّح الممانعة للانتخابات الرئاسية، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، أولى ضحايا الاتفاق السعودي الإيراني، سارع المحور غداة التوقيع عليه إلى إطلاق حملة استيعابية تهويلية لمحاولة التخفيف من وطأته.

وفيما يروِّج هذا المحور، أن الاتفاق يرفع من حظوظ مرشِّحه للرئاسة، يؤكد المحلل السياسي علي حمادة، أنه “لا بد من الإشارة بدايةً إلى أن الاتفاق السعودي الإيراني برعاية الصين، بتأثيراته على لبنان، لا يعني أبداً تسليم لبنان إلى إيران”، معتبراً أن “أوهام محور الممانعة كبيرة في هذا الشأن، والضجيج كذلك، والتهويل على السياديِّين أكبر”.

ويوضح حمادة، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “مردّ ذلك إلى أن هذا الاتفاق تناول الملف اللبناني، من جملة الملفات الخلافية بين الطرفين السعودي والإيراني على المستوى الإقليمي، بشهادة رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، في حديث صحفي قبل يومين”، لافتاً إلى ما “أكده الكاظمي عن أن المباحثات التي كانت تحصل بين الرياض وطهران في بغداد طوال العامين الماضيين، تناولت الملف اللبناني بالتفصيل”.

“لكن تناول الملف اللبناني لا يعني أن هناك مقايضات”، وفق حمادة، مخطِّئاً “كل من يتوهَّم لهذه الناحية، وكل من يحاول، لا سيما محور الممانعة (حزب الله وحركة أمل) ورئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي بدأ يدير محرّكاته في اتجاه التهويل على الآخرين بالقول إن هذا الاتفاق يصبُّ في مصلحة مرشَّح الممانعة”.

ويشدد، على أن “هذا الكلام غير صحيح، وهو كلام تهويلي لمحاولة اختطاف وانتزاع قصر بعبدا في المرحلة الانتقالية للاتفاق، أي مرحلة الشهرين، التي هي مرحلة اتخاذ إجراءات متبادلة لبناء الثقة شيئاً فشيئاً على صعد مختلفة”.

ويلفت حمادة، إلى أن “لبنان ليس في مقدّمة الملفات المطروحة بين الطرفين. والأهمّ من ذلك، أن الملف اللبناني هو بيد اللبنانيين أولاً، وذلك بشهادة وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، الذي قال إن لبنان ليس بحاجة إلى اتفاق سعودي إيراني بل إلى اتفاق لبناني لبناني. بمعنى أن الرياض تقف خلف اللبنانيين وليس أمامهم”.

“والدليل على خطأ ما يحاول إشاعته محور الممانعة، لا سيما أوساط بري، وعدم صحّته”، بحسب حمادة، أن “الموقف السعودي من مرشَّح الممانعة أتى قبل يوم واحد فقط من التوقيع على هذا الاتفاق”، موضحاً أنه “بطبيعة الحال، السعوديون كانوا يعرفون أنهم ذاهبون للتوقيع على اتفاق مع الإيرانيين، والمسار كان على مدى أربعة أيام من المفاوضات المضنية في بكين بين المندوبين السعودي والإيراني”.

ومع ذلك، يضيف حمادة، “صدرت الإشارات السعودية، أولاً محلياً من خلال السفير السعودي وليد بخاري، (الذي زار أمس الاثنين بري في عين التينة، في سياق جولته على عدد من القيادات، وغادر مكتفياً بالتلميح إلى شيء إيجابي تجاه لبنان)، بتغريدة معبّرة. وترافق ذلك مع صدور الصفحة الأولى من صحيفة عكاظ بموقف حازم وحادٍّ من ترشيح فرنجية، أكان في النص أو في الكاريكاتور، ممّا يعكس المناخ السعودي تجاه هذا الترشيح”، مؤكداً أنه “ليس هناك في القاموس السعودي أي اتجاه أو ميل للتعامل مع رئيس جمهورية ينتمي إلى حزب الله”.

وينوِّه المحلل السياسي ذاته، إلى أن “فرنجية ينتمي إلى محور الحزب. هو يحاول أن يغطِّي هذا الأمر باللياقات الدبلوماسية والاجتماعية من دون نجاح، لأنه في العمق جزء من المحور ومن منظومة حزب الله”.

ويشدد حمادة على أنه “لا بدّ دائماً، في ما يتعلق بالعلاقات اللبنانية السعودية واللبنانية العربية، العودة إلى الورقة العربية التي سلَّمها وزير خارجية الكويت قبل عام ونيِّف للرؤساء الثلاثة حينها، وفيها خريطة الطريق العربية لإعادة العلاقات اللبنانية العربية إلى طبيعتها”، لافتاً إلى أن “هذه الخريطة وضعها السعوديون مع شركائهم في مجلس التعاون الخليجي إضافةً إلى مصر”.

ويذكّر، بـ”أبرز العناوين الأساسية للورقة العربية، المؤلفة من 10 نقاط، من الإصلاح، والنأي بالنفس عن صراعات المنطقة، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالشأن اللبناني ابتداء من الـ1559 وصولاً إلى الـ1701 مروراً بالـ1680، والعمل الجدّي على وقف تهريب المخدرات والممنوعات (كبتاغون وأخواته) انطلاقاً من المنصّة اللبنانية برعاية من حزب الله والنظام السوري، إضافة إلى سائر بنودها”.

ويؤكد، أن “هذه هي خريطة الطريق العربية، وليس الكلام الذي يحاول البعض الترويج له”، معتبراً أنه “وفق الخريطة، فرنجية ليس إصلاحياً، وليس مستقلاً لكونه جزءاً من محور يقوده حزب الله. ولم نسمع حتى الآن أي تصوُّر لفرنجية حول الرئاسة والعهد، وكل القضايا المطروحة وكيفية معالجتها والخروج من الأزمة. ليس هناك سوى كلام عام”.

ويعرب حمادة عن قناعته، بأنه “ليس صحيحاً أن الاتفاق السعودي الإيراني يُزكِّي فرنجية، بل على العكس، من شأنه إنهاء هذا الترشيح، على قاعدة أن الرئيس المقبل يجب أن يكون مستقلاً، ليس عن اللبنانيين، بل بمعنى ألا يكون جزءاً من منظومة حزب الله”.

أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية

المصدر:
فريق موقع القوات اللبنانبة

خبر عاجل