يعمل عدد من المصارف على رفع مؤونته بالدولار، استعداداً لمواكبة متطلبات إعادة هيكلة القطاع المحتملة، ضمن خطة تعافٍ اقتصادية ومالية بعد انتخاب رئيس للجمهورية، وفق المعلومات المتداولة، فيما يستمر الوضع الاقتصادي بالتردي ويواصل الدولار تحليقه بلا سقف ولا إمكانية ضبط.
الخبيرة الاقتصادية سهام رزق الله، تؤكد عبر موقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني، أنه “في حال كانت المصارف تشتري الدولار لزيادة رساميلها، فهذا الأمر سيؤدي حكماً لزيادة سعر الصرف، لأن كمية الدولارات الموجودة في السوق هي نفسها، وبالتالي أي طلب إضافي على الدولار من قبل المصارف أو أي قطاع آخر سيزيد سعر الدولار الأسود”.
“المسألة الأساسية اليوم هي أن ثمة كمية دولار موجودة في السوق، وكلما زاد الطلب عليها إن من قبل المصرف المركزي أو المصارف أو أي قطاع آخر سيزيد سعر الصرف”، وفق رزق الله التي تشدد على أن “التحكم بالسوق مستحيل إذ سقط نظام سعر الصرف الذي كان مبنياً على الربط المرن في تشرين الأول 2019، ولم يحل مكانه نظام آخر واضح”.
وتعتبر أن “الدولار بات العملة الأساسية اليوم في البلد، شئنا ذلك أم أبينا، إذ يلعب 3 وظائف أساسية لأي عملة، التسعير والدفع والادخار، وبالتالي صورياً ووفق قانون النقد والتسليف عملتنا الوطنية هي الليرة، أما فعلياً وعملياً على الأرض، الدولار يقوم بوظائف العملة الثلاث ومن الطبيعي أن تطلبه كل القطاعات”.
“الخطورة تكمن بترك المجال لتعويم سعر الصرف، أي أن يصبح المجال مفتوحاً أمام العرض والطلب لتحديد سعر الصرف بشكل كلي، إذ إن الطلب اليوم هو فقط على الدولار ونحن أمام عملة مطلوبة وعملة مرفوضة، وهذا الأمر يؤدي لعدم وجود أي سقف”، تجزم رزق الله.
وتردف، “الدولرة الشاملة لا تنتظر موافقة أحد، إنما الدولرة الرسمية بحاجة للموافقة، وما تبقى لتصبح العملة الرسمية هي الدولار أن تصبح موازنة الدولة بالدولار والضرائب بالدولار، أقله بداية، لأن هذه العملية تتطلب وقتاً لتصبح شاملة ورسمية، إذ هي بحاجة لانقلاب كل الميزانيات للشركات والمؤسسات والمصارف وصولاً الى البنك المركزي”. وتوضح أنه “ليصبح الدولار عملة رسمية يجب الاعتراف به رسمياً، ويتم ذلك عند الوصول الى مالية الدولة”.
“تخطينا مرحلة التموضع حول سعر الصرف”، برأي رزق الله، “فالدولرة الشاملة هي نظام سعر صرف وتسمى الربط الصارم وهي عكس الربط المرن الذي طبقناه 22 سنة”.
وتلفت إلى أن “هناك 3 فئات كبرى من أنظمة سعر الصرف وهي، الربط المرن، والربط الصارم، والتحرير الكلي الذي طبق في لبنان قبل العام 1992، إذ كان نظامنا نظام سعر صرف حر ولم نكن مدولرين، وهذا النظام لا يوائم الاقتصادات جد المدولرة”.
وتشدد على أننا “اليوم لا يمكننا العودة الى تحرير سعر الصرف لأن الطلب على الدولار فقط والليرة غير مطلوبة، ولا يمكن ترك الأمور للعرض والطلب. كما لا يمكن العودة الى الربط المرن لأن الناس لن تصدق الأمر إطلاقاً وستستمر بطلب الدولار. ومن هنا، لم يبق أمامنا إلا الربط الصارم عبر دولرة شاملة رسمية أو عبر مجلس نقد كارنسي بورد، وهذا الأمر يتطلب تغطية القاعدة النقدية كلياً بالدولار ولم تعد بحاجة للكثير من الأموال، لأنه يفترض قسم القاعدة النقدية بالليرة وفق سعر الصرف واستبدالها بالدولار. ووفق سعر صرف 110 آلاف ليرة لبنانية، العملية تتطلب نحو 5 مليارات ونصف المليار دولار”.
من جهة ثانية، تشير إلى أنه “منذ بداية الأزمة وحتى الآن، تم توظيف الودائع في 3 أماكن أساسية وهي لدى الدولة اللبنانية عبر شراء اليوروبوند، أو لدى المصرف المركزي عبر شراء شهادات الإيداع بالدولار، أو القروض التي أُعطيت للقطاع الخاص بالدولار، واليوم لا يمكن للمودعين الحصول على أموالهم لأن الأماكن التي وظفت فيها الدولارات لم ترد بالدولار للمصارف إنما بالليرة اللبنانية أو بالتمنع عن السداد”.