خاص فريق موقع “القوات”
ينقسم المشهد اللبناني إلى شقّين: الأول قضائي ضبابي والذي يتمثّل بملف الاستماع إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في قضايا جرائم مالية، والثاني سياسي يتمثّل باللقاء السعودي الفرنسي حول الملف اللبناني في باريس اليوم.
في ملف سلامة، أفادت مصادر قضائية “النهار” بأن رئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر تقدمت بصفتها ممثلة للدولة اللبنانية بدعوى في ملف التحقيق الفرنسي المتعلق بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وآخرين أمام قاضية التحقيق الفرنسية بالبريد الإلكتروني بعد التواصل بينهما على أن تكلف القاضية اسكندر محامياً لبنانياً مقيماً في فرنسا لمتابعة هذه الدعوى.
في الموازاة، علمت “نداء الوطن” أن عدداً كبيراً من بنود الاستجواب في ملف سلامة كان يتطلب بإجابات “نعم” أم “لا”، لأن ما في جعبة المحققين الأوروبيين عموماً والقاضية الفرنسية أود بوريسي خصوصاً الكثير من الحقائق والإثباتات والأدلة التي لا تحتاج الى تحقيق جديد، بقدر ما تحتاج الى “اعتراف أو انكار فقط” من جانب سلامة، وفقاً للمصادر المتابعة.
وأضافت المصادر عينها، “كان القاضي اللبناني شربل أبو سمرا أجّل التحقيق مع سلامة مفسحاً المجال للمحققين الأوروبيين من دون سبب واضح، ليلعب دور ناقل الأسئلة بين الطرفين. الا أن مفاجأة ابو سمرا كانت كبيرة بالنظر الى كم المعلومات الممكنة الوجود كأدلة في الملفات الأوروبية، مقابل ما في ملف التحقيق اللبناني الذي كان أجراه القاضي جان طنوس”.
والمسألة البديهية التي تطرح نفسها الآن هي الضرورة القصوى لضمّ التحقيقات الأوروبية الى التحقيق اللبناني. وللمثال، ليس في التحقيق اللبناني معلومات عن حسابات رياض سلامة في لبنان، وبات القاضي الآن أمام ضرورة الإصرار على رفع السرية عن حسابات سلامة في لبنان ومطابقتها مع المعلومات الموجودة في التحقيقات الأوروبية عن حسابات سلامة في الخارج، ثم مطابقتها مع حسابات رجا سلامة (شقيق رياض) لاستكمال خريطة التحويلات والعمليات التي أفاد منها حاكم “المركزي”، وبالتالي تأكيد أن العمولات التي حصلت عليها شركة “فوري” وتبلغ نحو 330 مليون دولار انتهى بها المطاف عند رياض سلامة نفسه ولم يكن شقيقه وشركة “فوري” إلا واجهة.
وعما هو متوقع بعد انتهاء جولة التحقيق الأوروبي الحالية، تشير المصادر إلى عدة احتمالات أبرزها “الادعاء على سلامة ثم طلب تسليمه لمحاكمته، مع توقع عدم موافقة لبنان على ذلك، بحجة استمرار التحقيق معه محلياً ومتابعة طلبات الادعاء عليه “، كاشفةً أنّ “جهات محلية معنية تتجه الى الطلب من الأوروبيين التريّث قليلاً ريثما يتم انتخاب رئيس للجمهورية، ليصار بعد ذلك الى قبول استقالة سلامة او اقالته او انتظار نهاية ولايته في الحاكمية، على وعد فتح محاكمة محلية عادلة له”.
وبين السيناريوات أيضاً، الإمعان في المماطلة والتهرب من إدانة سلامة، إلا أن لذلك تداعيات على تعامل جهات أوروبية مع منظومة الحكم في لبنان، مع ما يعني ذلك من إمكان مواجهة بعض أطراف تلك المنظومة بـ”عواقب” كانت تحدثت عنها جهات فرنسية علناً، إضافة الى تحرك في البرلمان الأوروبي لتفعيل “قانون إطار” كان أقرّ لمعاقبة مسؤولين لبنانيين مشمولين في قوائم معرقلي سير العدالة ومقوّضي الإصلاح.
أما في ما خص اللقاء السعودي ـ الفرنسي حول الملف اللبناني، كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ”الجمهورية” عن أنّ “الترجمة اللبنانية للاتفاق السعودي ـ الايراني تحتاج الى بعض الوقت، وبالتالي لا تسييل رئاسياً لهذا الاتفاق في القريب العاجل”.
ولفتت إلى أنه “قبل أن ينعكس الاتفاق بين الرياض وطهران على الملف اللبناني عموماً والشق الرئاسي منه خصوصاً، لا بد من الانتظار حتى يجري اختبار هذا التفاهم عملياً واستكمال بناء الثقة المتبادلة بين طرفيه”.
وأشارت المصادر إلى أن “إجراءات بناء الثقة تتعلق أولاً بإعادة ترتيب العلاقات الثنائية على مستويات عدة ومعالجة تراكمات مرحلة المواجهة، ثم يأتي دور الملف اليمني الذي ستكون له الاولوية الإقليمية كونه يخصّ الأمن القومي للبلدين، وخصوصاً السعودية”.
توازياً، قالت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ”الجمهورية” إن اللقاء سيشهد مقاربة جديدة للتطورات مضافة الى الجهود التي بذلها دوكان ونتائج مفاوضاته التي أجراها في واشنطن وباريس مع فريق البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، للبحث في شكل المساعدات التي طلبها لبنان في ملف الطاقة أو في ملف التعافي الاقتصادي على الرغم من عدم قيام لبنان بأي خطوة تؤدي الى تنفيذ التعهدات التي قطعها في الاتفاق المعقود معه على مستوى الموظفين في 9 نيسان العام الماضي، إضافة الى البت بالإصلاحات التي لا يمكن تأجيل البحث فيها أكثر مما مضى حتى اليوم.
أما في ما يتعلّق بجلسات انتخاب رئيس للجمهورية، نفى مصدر عبر “الجمهورية” “وجود أي نية لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري للدعوة الى جلسة نيابية قريباً لانتخاب رئيس فموقفه الحاسم، وهو أنه لن يعيد مسلسل الجلسات الهزلي، لن يتغيّر، فلا جلسات طالما ان ليس هناك تطور في الملف يغيّر المشهد”.