أن يتوصل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى توجيه كتاب إلى وزير الداخلية بسام المولوي، يطلب بموجبه “الإيعاز إلى الأجهزة الأمنية بوحداتها كافة، عدم تنفيذ أي إشارة تصدر عن القاضية غادة عون لأنها تشكل تجاوزاً لحدّ السلطة”، ليس بالأمر العادي. فالقاضية المذكورة لم توفر وسيلة إلا وضربت فيها بالإجراءات والآلية القضائية بعرض الحائط، حتى وصل بها الأمر الى الادعاء على عضو تكتل الجمهورية القوية النائب زياد الحواط، بتهم أقل ما يقال فيها إنها تثير الضحك، ليخيّل اليك أن كل موضوع الادعاء لعبة “بيت بيوت” عنوانه “ما حدا يزعلني”، متناسية المادة 39 من الدستور التي تنص على أنه “لا يجوز إقامة دعوى جزائية على أيّ عضو من أعضاء المجلس النيابي بسبب الآراء والأفكار التي يبديها مدّة نيابته”، ومتجاهلة في الوقت عينه أن النائب يحتاج الى رفع حصانة كي تتم مقاضاته.
ولأن القاضية عون “سيدة قانون”، نذكّرها وهي التي تناست كل الأصول القانونية، أنها خالفت القانون عشرات المرات، وأسهل تجاوزاتها الظهور الإعلامي والإدلاء بالتصاريح على صفحات الجرائد وأمام شاشات التلفزيون، وهو ما يمنعه لا بل يحظّره القانون.
نعود الى بعض الوقائع، إذ لم تتردد “حامية العدالة” بتحويل القضاء إلى منصّة سياسيّة للتيار الوطني الحر لممارسة الانتقام والكيدية ضد الخصوم، فطبّقت استنسابيّتها الفاضحة في متابعة الملفات، لا سيما ملفات الفساد المرتبطة بالتيار العوني في الطاقة والاتصالات والخارجية، وخير مثال، ما فعلته مع الراحل ميشال مكتف والمصارف المسجلة في الدولة اللبنانية، وملاحقتها لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وللأسف، لم تخجل من صمّ أذنيها وتغطية عينيها عن القرض الحسن، وهدر الكهرباء الذي فاق الـ40 مليار.
وإذا كانت القاضية عون فخورة بتمردها على المرجعيات القضائية التي تعلوها هيكلية، من النيابة العامة التمييزية إلى مجلس القضاء الأعلى، إلا أنها أكملت استعراضها بممارسات شعبويّة أمام شاشات التلفزة، مجاهرة بالتمردّ على الاصول القانونية في امتناعها عن تبلّغ طلبات الردّ والاستدعاء والدعاوى المقامة ضدها.
لا تريد القاضية عون أن تسمع أحداً ممن يضيء على المخالفات التي تمسّ بالقضاء والعدالة وانتظام عمل مؤسسات الدولة، حتى ولو كان نائباً، وهي حاولت وتحاول بادعائها على الحواط، القضاء على رأيه وعلى الوكالة التي منحها إياه الشعب اللبناني، مثبّتة مرة جديدة أسلوب المدرسة السياسية التي تنتمي إليها: “قمع الآراء وإسقاط حرية التعبير، إذا لم تكن تناسبني”.
ولأن الحق لا بدّ أن ينتصر على الباطل في نهاية المطاف، على القاضية عون أن تعي أن مواجهة مخالفاتها وخدعاتها لن تكون إلا بتثبيت منطق الدولة وفضح كلّ متآمر على القانون يستغلّ نفوذه لحماية الفاسدين وشيطنة أوادم هذا البلد… وعنوان المكتوب صار واضحاً وفاضحاً.